الأحد ديسمبر 7, 2025

باب ما جاء في ماء زمزم وما يقوله إذا شرب منها

  • عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله r: «خير ماءٍ على وجه الأرض ماء زمزم، فيه طعام من الطعم وشفاء من السقم».

هكذا أخرجه الطبراني في «الكبير» وأخرجه في «الأوسط» عن شيخيه وقال: لم يروه عن إبراهيم إلا محمد بن مهاجرٍ ولا عنه إلا مسكين تفرد به ابن أبي شعيبٍ. قلت: ورواته موثقون وفي بعضهم مقال لكنه قوي في الـمتابعات.

  • وقال عبد الرزاق في «مصنفه» أخبرنا معمر عن عبد الله ابن طاووسٍ عن أبيه قال: «ماء زمزم طعام طعمٍ([1]) وشفاء سقمٍ([2])». هكذا ذكره موقوفا على طاووسٍ وسنده على شرط الصحيح، والله أعلم.
  • عن قيس بن كركم قال: سمعت ابن عباسٍ رضي الله عنهما يقول: «زمزم خير ماءٍ يعلم، طعام طعمٍ وشفاء سقمٍ». هذا موقوف حسن أخرجه ابن أبي شيبة والفاكهي([3]).
  • أخرج الفاكهي – واسمه محمد بن إسحاق – في كتاب «مكة» من طريق محمد بن إسحاق صاحب الـمغازي قال حدثني يحيى بن عماد ابن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال: حج معاوية وحججنا معه، فلما طاف بالبيت صلى عند الـمقام ركعتين ثم مر بزمزم([4]) وهو خارج إلى الصفا فقال: «يا غلام انزع لي منها دلوا»، قال: فنزع له دلوا فشرب فصب على وجهه ورأسه وهو يقول: «زمزم لما شرب له». وهذا موقوف حسن الإسناد ليس فيه علة والله أعلم.
  • عن شعبة عن منصور عن مجاهدٍ قال: «كان ابن عباسٍ رضي الله عنهما إذا نزل به ضيف أتحفه([5]) من ماء زمزم، ولا أطعم قوما طعاما إلا سقاهم من ماء زمزم». وسند هذا الموقوف على شرط الصحيحين.
  • عن عبد الرزاق: قال إذا أردت أن تخرج إلى أهلك من مكة أتيت البيت فطفت به سبعا ثم تصلي ركعتين ثم تأتي الـملتزم فتقوم بين الحجر والباب فتقول: «اللهم عبدك وابن عبدك وابن أمتك حملتني على دابتك([6])، وسيرتني في بلادك حتى أدخلتني حرمك وأمنك([7])، وهذا بيتك([8])، وقد رجوتك رب فيه بحسن ظني بك أن تكون قد غفرت لي، فإن كنت رب غفرت لي فازدد عني رضا([9])، وقربني إليك زلفا([10])، وإن كنت رب لم تغفر لي فمن الآن واغفر لي قبل أن ينأى([11]) عن بيتك داري، هذا أوان انصرافي غير راغبٍ عنك([12])، ولا عن بيتك، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني، وعن شمالي حتى تقدمني إلى أهلي([13])، فإذا قدمتني فلا تتخل عني واكفني رب مؤنة أهلي ومؤنة خلقك إنك وليي([14]) ووليهم»، ثم تنصرف إلى أهلك وأنت تأمل الوصول سالما إن شاء الله تعالى».

قال الشيخ([15]) في شرحه: أخرجه الدارقطني والبيهقي بسندين ضعيفين. قلت: مرجع كل منهما إلى راوٍ واحدٍ فيه الكلام كما سيأتي وله طريق أخرى إلى ابن عمر عند البزار وجاء في الباب عدة أحاديث عن غيره من الصحابة اعتنى بجمعها والكلام عليها تعديلا وتجريحا وتعليلا وتصحيحا شيخ شيوخنا السبكي الكبير في كتابه «شفاء السقام» في زيارة النبي عليه الصلاة والسلام.

[1])) قال القاضي عياض في الإكمال (7/506): «(طعام طعمٍ) هو من أسماء زمزم، ومعناه: يغنى شاربها عن الطعام، أي: أنها تصلح للأكل. والطعم بالضم مصدر، وقيل: لعله طعم بالفتح، أي: طعم شيئا. والطعم شهوة الطعام، وقيل: لعله طعم بضم الطاء والعين، أي: أنها تشبع من كثر أكله. وقيل: معناه: طعام مسمن. ومن أسمائها أيضا. شفاء السقم، ومصونة، وبرة، وطيبة، وشراب الأبرار، وهمزة وهزمة جبريل، أي: غمزته بعقبه». مختصرا.

[2])) قال المناوي في التيسير (2/44): «(وشفاء سقمٍ)، أي: يشفى سقم من شرب منها بقصد التداوي إن صحبه قوة يقينٍ وكمال إيمانٍ».

[3])) هو: محمد بن إسحاق.

[4])) ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث المعنوي، وفيه وزن الفعل أيضا.

[5])) أي: أكرمه.

[6])) أي: يسرت لي أن أحمل على الدابة التي هي من خلقك.

[7])) أي: البيت الحرام الذي جعلته ءامنا لم، دخله.

[8])) أي: البيت الـمعظم شأنه عندك، فهي إضافة تشريفٍ، والله عز وجل موجود بلا مكانٍ ولا جهةٍ.

[9])) الزيادة حاصلة في الأثر الذي يخلقه الله عز وجل، وأما صفة الله الأزلية فكاملة لا نقص فيها، فلا تقبل الزيادة ولا يجوز عليها النقصان.

[10])) أي: اجعل لي منزلة مرضية عندك، فالقرب هنا معنوي لأن الله عز وجل لا يوصف بالقرب الحسي من عباده.

[11])) أي: يبعد.

[12])) أي: عن طاعتك وسؤالك.

[13])) أي: حتى تيسر لي القدوم عليهم.

[14])) أي: متولي أمري ومدبره لا غيرك.

[15])) يعني: الحافظ النووي رحمه الله.