وجاءَ في حدِيثِ جَرِيرٍ تَخصِيصُ هذا الحُكمِ بأُولِي القُوّةِ وفي حَدِيثِ أَبِي ثَعْلَبةَ تَقيِيدُه بزمَنٍ دُونَ زمَنً:
قلتُ وأنا الجامِعُ([10]): هذا الحَملُ غَيرُ صَحِيحٍ، فالحديثُ ضَعِيفٌ لِمُعارَضتِه ما هو الثابِتُ الـمُتَّفَقُ علَى صِحّتِه، وأمّا الطّرِيقانِ الأَوَّلانِ فيَقْبِلانِ التّأوِيلَ علَى معنَى أنّ إيمانَ هؤلاءِ أَعجَبُ مِن إيمانِ الّذِين رأَوُا الرَّسولَ صلى الله عليه وسلم، فالـمُرادُ بالأَفضَليّةِ الـمَذكُورةِ في أحَدِ الطّرِيقَين أنّ إيمانَ الذينَ لَـم يَرَوْهُ علَيه السّلامُ أَعجَبُ. ويُعارِضُ هذا الحدِيثَ حَدِيثُ يوسُفَ بنِ عبدِ اللهِ بنِ سَلامٍ وهو حدِيثٌ حسَنٌ يُوافِقُ بمعناهُ الحديثَ الصّحِيحَ المشهُورَ وهو حَدِيثُ: «لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُم مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا ما بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِم وَلا نَصِيفَهُ».
هذَا لَفظُ يَعلَى([17]) لكِن لَـم يَقُلْ: «أَلَسْتَ تُنْكَبُ». وفي روايةِ ابنِ عُيَيْنةَ: «أَلْيسَ تُصِيْبُكَ اللَّأواءُ»، قال: قلتُ: بلَى يا رسولَ اللهِ، قال: «فَذَاكَ بِذَاكَ». هذا حدِيثٌ حسَنٌ أخرجَه أحمدُ.
هذا حدِيثٌ صحِيحُ السّنَد أخرجه الـمَعْمَرِيّ وأبو جَعفرٍ الطبَريُّ في التَّفسِير والحاكِمُ كلُّهم مِن طريقِ حَفصِ بنِ غِياثٍ، وهو مِن رجالِ الصَّحِيحَين، وكذلكَ مَن فَوقَه.
هذه روايةُ محمّدِ بنِ أيُّوبَ، ورِوايةُ مُعاذِ بنِ المثَنّى أخصَرُ منها، وزادَ فقال: «نَعَمْ»، قال: فهؤلاءِ في النّارِ؟ زاد محمّد بنُ أيّوب: فضَجَّ أهلُ مكّة وقالوا: جمِيعًا؟! فنزَلَتْ: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ}. هذا حديث حسَن.
وأبو يَحيَى هو الأعرَجُ اسمُه مِصْدَعٌ، وأبو رَزِينِ اسمُه مَسعودُ بنُ مالكٍ، وهما ثِقَتانِ تابعيّانِ مِن طَبقَةٍ واحدةٍ أخرَجَ لهُما مُسلِمٌ، وعاصِمٌ أبو بكر هو القارئ المشهور صَدُوقٌ، في حِفظِه شيءٌ وكَذا الرّاوي عنهُ يُقالُ له أبو بكرٍ شُعبةُ بنُ عيّاشٍ.
تنبيهٌ: وقَع في كَلامِ كَثيرٍ مِن فُضَلاءِ العجَم كالشّارِح العَضُدِ ما نصُّه: «نُقِلَ أنّ النّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال لابنِ الزِّبَعْرَى: «ما أَجْهَلَك بِلُغةِ قَومِك، إنّ «ما» لِـمَا لا يَعقِل»».اهـ. وهذا لا أصلَ له مِن طريقٍ ثابتةٍ ولا واهيةٍ، وكان الـمُوقِعَ في ذلك قولُ ابن الحاجِب، وأُجِيبَ بأنّ «ما» لِـمَا لا يَعقِل فظَنُّوا أنّه مِن جواب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وقد قَرَّر النّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَهْمَ العمُومِ لكِنْ أُرِيد به الخُصوصُ بِمَن يستَحِقُّ العِقابَ مِمّن يَعقِلُ كالشّياطِين وما لا يَعقِلُ كالأصنامِ.
[1])) أي: لَم يَمنَعُوه مِن الظُّلم، قاله الشّهابُ الرَّمليّ في شرح أبي داود (17/198).
[2])) قال شيخنا رحمه الله: «معنَى الحديثِ: «إِنَّ النّاسَ إِذَا رَأَوُا الـمُنْكَرَ فَلَم يُغَيِّرُوهُ»، أي: فلَم يَمنَعُوه «أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللهُ بِعِقَابٍ» في الدُّنيا قَبلَ الآخِرةِ، ثُمّ في الآخرةِ أيضًا لهُم عقثوبةٌ، أَوشَكَ مَعناه قرِيبٌ، لأنّه فَرْضٌ إنكارُ المنكَر على مَن استَطاعَ. في كَثيرٍ مِنَ البُلدانِ دَخلَ فيهم نُفاةُ التّوسُّل مِن عشَراتِ السّنِين ومَشايِخهُم سَكتُوا، بَعضُهم سَكتُوا بسَببِ المالِ الّذي يَقبِضُونَه مِنهُم وبَعضُهم لأسبابٍ أُخرَى تُشبِهُ ذلكَ، هؤلاءِ يَستَحِقُّونَ العِقابَ. في بَنِي إسرائيلَ كانَ ناسٌ تَركُوا إنكارَ المنكرِ فابتَلاهُم اللهُ تَعالى، مُسِخُوا قِرَدةً وخَنازِيرَ ثُمّ ماتُوا ولَـم يَعِيشُوا، اللهُ تعالى أفناهُم، الرَّسولُ علَيه الصلاةُ والسلامُ قالَ: «سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي مَسْخٌ وخَسْفٌ وقَذْفٌ» رواه ابنُ ماجهْ مِن حدِيث عبدِ الله بنِ عَمرٍو، ورواه الطّبَرانيُّ. يَحصُل مَسْخٌ أي يُمسَخُون مِن صُورَةِ البشَرِ إلى صُورةِ القِرَدةِ والخنازِير، وخَسْفٌ أي بَعضُهُم تَبلَعُهُمُ الأرضُ، وقَذْفٌ مَعناهُ يُرمَونَ مِنَ السّماءِ بالحِجارة فيَمُوتُونَ، اللهُ أَعلَمُ متَى يَكُونُ هذا، قالَ رسولُ الله r: «يَكُونُ فِي هَذِهِ الأُمَّةِ مَسْخٌ وَخَسْفٌ وَقَذْفٌ» القَذفُ حصَل لِكُفّارِ الحبَشةِ الّذِينَ جاؤُوا لِيَهدِمُوا الكَعبةَ قبلَ سيّدِنا محمّدٍ r في العام الّذي وُلِدَ فيه سيّدُنا محمّدٌ r. مَلِكُ الحبَشةِ كانَ يَحكُم اليمَنَ ثُمّ جاءَ بعضُ أَهلِ اليَمنِ فتَغَوّطَ في كنِيسَتِهِم، فغَضَبَ مَلِكُ الحبَشةِ وقالَ: لأَهدِمَنّ كَعبتَهُم، فسَلّطَ اللهُ عَليهِم الطَّيرَ يَرمِيهِم بالحجارةِ تَدخُلُ مِن رَأسِهِم وتَخرُجُ مِن أَسفَلَ، اللهُ أَبادَهُم، وقبلَ ذَلكَ حَصلَ مِثلُه أيضًا».
[3])) قال السُّيوطيّ في شرح ابن ماجهْ (ص290): «(بَلِ ائْتَمرُوا)، أي: امتَثِلُوا، ومِنهُ الأمرُ بِه».
[4])) قال الملّا علي في المرقاة (8/3125): «(شُحًّا مُطَاعًا)، أي: بُخْلًا مُطاعًا بأنْ أَطاعَتْه نَفسُكَ وطَاوعَه غَيرُك».
[5])) قال الشّهاب الرَّمليّ في شرح أبي داود (17/209): «(وَدَعْ عَنْكَ أَمْرَ العامَّةِ)، أي: اعتَزلْ عن عامّةِ النّاسِ واعمَلْ بما تَختَصُّ بِه دُونَ غَيرِك».
[6])) ليسَ فيهِ الرُّخصةُ بتَركِ الأمرِ بالمعروفِ والنَّهِي عن الـمُنكَر حيث رُجِي امتِثالُ المأمورِ والـمَنهِيّ بل هو للحَثِّ على لُزومِ حدُودِ الشَّرعِ والـمُحافَظةِ على الدِّين وعدمِ اتِّباع شِرارِ النّاسِ.
[7])) قال شيخنا رحمه الله: «الّذي يَقومُ اليومَ بحِمايةِ عَقِيدةِ أهلِ السُّنَّة والجَماعةِ والدِّفاعِ عنها ونَشرِها بَين النّاسِ وبِمُحارَبةِ فِرَق الضّلالِ والتَّحذِير مِن كُفرِيّاتِهم ويَأمُر بالمعرُوفِ ويَنهَى عن الـمُنكَر ويَلْتزِمُ مَذهبُ أهلِ السُّنَّة والجَماعةِ له أجرُ خَمسِينَ مِن الصّحابةِ في الأَمرِ بالـمَعرُوفِ والنَّهيِ عن الـمُنكَر ويَلْتزِمُ مَذهبَ أهلِ السُّنَّة والجَماعةِ له أجرُ خَمسِينَ مِن الصّحابةِ في الأَمرِ بالـمَعرُوفِ والنَّهيِ عن الـمُنكَرِ، لِحَدِيث أبِي ثَعْلبَةَ الخُشَنِيِّ الّذي رَواه الترمذِيُّ. وثَوابُه أكبَرُ مِن مائةِ ألْفِ حَجّةٍ نافِلةٍ، وأكثرُ مِن ثَوابِ مائتَي ألْفِ رَكعةٍ نافِلةٍ، ومِن بِناءِ خَمسِمائةِ مَسجدٍ إنْ لَم تَدْعُ الضَّرُورةُ لِبنائِها، وأكثرُ مِن ثَوابِ مائةِ خَتْمةٍ مِن القُرءانِ، وإنْ ماتَ ولَو علَى فِراشِه له أَجرُ شَهِيدٍ، وله في الجَنّةِ مَسافةُ خَمسِينَ ألفَ سنَةٍ، ولَو كان مُرتكِبًا لِبَعضِ الكَبائِر تُغَفَرُ له ويكُون له شأنٌ ومَرتَبةٌ عالِيةٌ في الجنّة. هذا الزَّمانُ الّذي يُنكِرُ فيه الـمُنكَرَ ويأمُر فِيه بالـمَعرُوفِ لهُ أَجرُ خَمسِينَ مِن الصّحابةِ بسبَبِ كَيرةِ الـمُعارضِينَ، أمّا في زمَنِ الصّحابةِ لَم يكُن كذلكَ. كذلكَ في هذا الزّمَنِ الّذي يَثبُت علَى سُنّةِ رسولِ الله r العَقِيدةِ والأحكامِ ويُدافِعُ عنها لهُ أجرُ خَمسِينَ مِن الصَّحابةِ. الحمدُ للهِ اللهُ وَفَّق جَماعتَنا لذلكَ حيثُ نامَ أكثَرُ النّاسِ عن ذلكَ، في سُوريا خَمسُ قُرى يَقولُونَ: «يا زُبَّ الله» وبَعضُهم ساكِتُونَ؛ بل بَعضُهم يَعتقِدُونَ أنّ المطَرَ بَولُ اللهِ، ومَشِايخهُم ساكِتُونَ لهُم. الصّحابةُ كانَ يؤيِّدُ بَعضُهم بَعضًا، يَتعاوَنُونَ على إنكارِ المنكرَ، اليومَ صارَ الأمرُ بالعَكسِ، لذلكَ صارَ أَجرُ الّذي يُنكِرُ الـمُنكرَ في هذا الزّمَنِ كأَجرِ خَمسِينَ مِن الصّحابةِ. هذا الحدِيثُ يُبَيِّن أنّ الّذي يَصبرُ ويَثْبُت علَى ما كانَ علَيه أصحابُ رَسولِ الله r أي من حيثُ الـمُعتقَدُ ومِن حيثُ العمَلُ بالأَمرِ بالـمَعرُوفِ والنَّهيِ عن الـمُنكَر أي مَن يَقْوَى علَى الأَمرِ بالـمَعرُوفِ والنَّهيِ عن الـمُنكَرِ معَ ما يُقاسِيهِ مِن النّاس مِن الاضطِهادِ والـمُخالَفاتِ والاعتِراضاتِ والـمُشَقّاتِ يَكونُ لهُ أَجرُ مَن كانَ يَعمَلُ بتِلكِ الحالِ أيْ حالَةِ الأَمرِ بالـمَعرُوفِ والنَّهي عن الـمُنكَر مِنُكم، «يَكونُ لهُ أَجرُ خَمسِينَ مِنكُم»، أي: مِن الصَّحابة، أي: بالنِّسبةِ إلى الأمرِ بالـمَعرُوفِ والنَّهيِ عن الـمُنكَر، أولئكَ الّذين قال الرَّسولُ علَيه السلام فيهم: «لَهُم أَجْرُ خَمْسِينَ مِنكُم» كانُوا يَتعاوَنُون فيما بَينهُم علَى ذلكَ، أمّا اليومَ فالرَّجلُ يُعارَضُ في أَهلِه ومَعارفِه وجِيرانِه في الأمرِ بالمعرُوفِ والنَّهيِ عن الـمُنكَر، لذلكَ تَضاعَفَ أَجرُ مَن يَقومُ بذلكَ في هذا الزَّمَن. الّذي يَتمسَّكُ بالدِّينِ في زَمانٍ يَغلِبُ فيه على النّاسِ حُبُّ الدُّنيا والاستِبدادُ بالرأيِ وإعجابُ الشَّخصِ برأْيِه واتِّباعُ الهوَى، الرّسولُ r قال: إنّ أولئكَ لهُم أَجرُ خَمسِينَ مِنكُم أي مِن الصَّحابةِ، لأنّ الصَّحابةَ كانوا فيما بينَهُم مُتعاضِدِينَ ُمُتباذِلِين مُتناصِحِين مُتحابِّينَ كما أَمرَ اللهُ مُتعاونِينَ علَى الخَيرِ لا يَلقَونَ ما نُقاسِيه اليومَ فيما بَينَهُم. الآنَ أكثَرُ النّاسِ صارُوا علَى خلافَ ذلكَ، ءاثرُوا الدُّنيا على الآخِرة، مِن أَجلِ مالٍ قَلِيلٍ يَكفُرونَ مِن شِدّةِ تَعَلُّقِ قُلوبِهم بالدُّنيا وإعراضِهم عن الآخِرة. على خِلافِ ما كان علَيه الصّحابةُ، ابتعَدُوا عن سُنِّةِ الصّحابةِ إلى حَدٍّ بَعِيدٍ، لذلكَ في هذا الزّمَن الـمُتمسِّكُ بما كان علَيه الرّسُولُ r والصّحابةُ له أَجرُ خمسِينَ مِن الصّحابةِ في الأَمرِ بالـمَعرُوف والنَّهيِ عن الـمُنكَر. الرّسولُ r قال: «فَإِنَّ مِنْ وَرَائِكُم أَيّامَ الصَّبْرِ، لِلْمُتَمَسِّكِ فِيهَا بِمِثلِ الَّذِي أَنْتُم عَلَيه أَجْرُ خَمْسِينَ»، قيل: يا رَسولِ اللهِ، مِنّا أو مِنهُم؟ قال: «بَلْ مِنكُم». هذا بالنِّسبةِ لثَوابِ الأمرِ بالمعرُوفِ والنَّهيِ عن الـمُنكرِ والثَّباتِ على الحَقّ. أمّا بالنِّسبةِ للأَفضَلِيّة فكِبارُ الصَّحابةِ أفضَلُ هذِه الأُمّة، لا يَأْتِي مَن هو أفضَلُ مِنهُم عِندَ اللهِ، نحنُ الآنَ نُعانِي الكَثِيرَ مِن الـمُنحَرفِين عن عَقِيدةِ أهلِ السُّنَّةِ. اليومَ الّذي يتَمسَّك بالدِّينِ كقابِضٍ على جَمرٍ لذلكَ عَظُم أَجْره».
[8])) قال الشّهاب الرَّملِيّ في شرح أبي داود (17/198): «(فَلمْ يَأْخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ)، أي: لَـم يَمنَعُوه مِن الظُّلم أو الـمُنكَر».
[9])) قال شيخنا رحمه الله: «هذا الحديثُ لا يُرِيدُ بِه الرَّسولُ r كُلَّ مَن لَقِيَه مُؤمِنًا به، إنّما يَعنِي به السابقِينَ الأوَّلِين مِن الـمُهاجرِين والأنصارِ كالعشَرةِ الـمُبشَّرِين بالجنّةِ وغَيرِهم، وذلك أنّ سبَبَ الحَدِيث أنّ خالِدَ بنَ الولَيد سَبَّ عبدَ الرَّحمـٰـنِ بنَ عَوفٍ رضي الله عنهُما فأرادَ رَسولُ اللهِ r أنْ يُبيِنَ أنّ أولئكَ الّذِين مِن طبَقتِهم فِي الفَضلِ عبدُ الرَّحمـٰـنِ بنُ عَوفٍ رضي الله عنه لا يَلحَقُ بهِم مَن ليسَ مِن طَبقَتِهم كخالدٍ رضي الله عنه، فإنّه ليسَ مِن السّابقِينَ الأوّلِين لأنّ إسلامَه كان بَعد الحُدَيبِيةِ، وهذا معَ ما لِخالدٍ مِن الفَضلِ حتّى سَمّاه رَسولُ اللهِ r سَيفَ اللهِ، ومعَ ذلكَ فمَرتَبَتُه بَعِيدةٌ عن اللَّحاقِ بهِم».
[10])) هو: شيخُنا رحمه الله.
[11])) قال ابن الأثير في النّهاية (4/74): «(فَوَجَدتُّ انْقِصامًا فِي ظَهْرِي) ويُروَى بالفاءِ. والقَصْمُ كَسرُ الشيءِ وإبانَتُه، وبالفاء كَسرُه مِن غَيرِ إبانةٍ».
[12])) قال ابن قُرقُول في الـمَطالِع (4/36): «(تَمَطَّأْتُ) مَهموزٌ وهو وَهمٌ مِن الكَتَبة، والتَّمطِّي التمَدُّد، يُقال: مَطَطتُ الشيءَ ومَدَدتُّه بمعنًى واحدٍ، وقيل: هو مِن الـمَطِيّ وهو الظَّهرُ، هذا قولُ الأصمَعِيّ، كأنَّ التَّمَطِّيَ مَدُّ الظَّهرِ».
قال الحافظ العَسقلانيّ في الفتح (7/315): «(تَمَطَّأْتُ) قيل: الصّوابُ تَمطَّيتُ بالتَّحتانِيّة غير مَهمُوزٍ».
[13])) قال الخَطِيب الشَّربينيّ في تفسيره (1/37): «(فَتُجْزَونَ بِذَلِكَ فِي الدُّنْيا)، أي: بالبَلاءِ والـمِحَن».
[14])) أي: حتَّى تَمُوتوا فتَلقَوا ما أَعدَّ لَكُم رَبُّكم.
[15])) أي: تُصِيبُكَ الـمُصِيبةُ.
[16])) قال شيخنا رحمه الله: «اللَأْواءُ شِدّةُ الحَرّ وشِدّةُ البَرْدِ».
[17])) هو: يَعلَى بنُ عُبَيدٍ راوِي الحدِيثِ عن إسماعيلَ بنِ أبِي خالِدٍ عن أبي بَكرِ بنِ أَبِي زُهَيرٍ عن أبِي بكرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه.
[18])) قال الملّا عليّ في المرقاة (3/1138): «(مُعاتَبَةُ اللهِ العَبْدَ)، أي: مُؤاخذَتُه العَبدَ بِما اقتَرَفَ مِن الذَّنْب».
[19])) أي: في الدُّنيا.
[20])) قال الملّا عليّ في المرقاة (3/1138): «(وَالنَّكْبةُ) بفَتحِ النُّون، أي: الـمِحْنةُ وما يُصَيبُ الإنسانَ مِن حوادِث الدَّهر».
[21])) قال الطِّيبيّ في شرح المشكاة (4/1347): «(فَيَفَزَعُ لَها) يُقالُ: فَزِعَ له أي تَغيَّر وتَحوَّل مِن حالٍ إلى حالٍ. يُرِيدُ أنّ الرَّجُل إذَا وَضَعَ بِضاعتَه في كُمِّه ووَهِمَ أنّها غابَتْ فَطَلَبَها وفَزِعَ لذلِكَ كُفِّرَتْ عنه ذُنوبَه».
[22])) قال ابن الأثير في النّهاية (3/73) و(4/175): «الضّبْنُ ما بَينَ الكَشْحِ والإِبْط. والكَشْحُ الخَصْرُ».
[23])) أي: بسبَبِ الصَّبرِ على البَلاءِ.
[24])) أي: كما يَخرُج الذَّهَبُ الخالِصُ قبلَ أنْ يُضرَبَ وقد شُويَ في النّارِ تَشوِيةً خالِصةً أنْفَتْه من الشوائب، كذا أفادجه ابنُ فِرِشْتا الكِرْمانِيّ في «شَرح الـمَصابِيح» (2/319)، والكِيرُ الـمِنفاخُ الَّذِي يُشعَل بواسِطَتِه النّارُ كي يَحمَرَّ الـمَعدِنُ.
[25])) أي: فيما يَنزِلُ مِن القُرءانِ.
[26])) قال الحافظ في الفتح (7/224): «بضمّ الراءِ وسُكونِ العَين، أي: لَم يُفْزِعْني».
[27])) قال عليّ القاري في المرقاة (6/2370): «الجَرِيد جمعُ جَرِيدةٍ وهي السَّعْفةُ سُمِّيَت بِها لكَونِها مُجرَّدةً عن الخُوْصِ وهو ورَقُ النَّخلِ».
[28])) قال شيخنا رحمه الله: «معناه: الرّجالُ أفضلُ من النّساء الآيةُ الأولى ظاهرةُ الدّلالة. والآيةُ الثّانيةُ فيها ذِكرُ الفرِيقَين بالخَير، فيها جَبرُ الخَواطِر للنّساء».
[29])) قال ابن الأثير في النّهاية (2/52): «{وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} في الدُّعاء وقيل في القراءة. والخَفتُ ضدّ الجَهر». قال النّسفي في تفسيره (2/274): «وكان رسولُ الله r يرفعُ صوتَه بقراءته فإذا سَمِعها المشركون لغَوا وسَبُّوا فأُمِر بأنْ يَخفِضَ مِن صَوته، والمعنَى ولا تجهر حتى تُسمِع المشركين {وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} حتّى لا تُسْمِعَ مَن خَلفَك {وَاْبْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ} بين الجَهر والمخافَتة {سَبِيلًا} [سُورة الإسراء: 110] وسَطًا، أو معناه ولا تجهر بصلاتِك كلِّها ولا تُخافِت بها كلِّها وابتَغِ بين ذلك سبِيلًا بأنْ تجهَرَ بصلاة اللّيل وتخافِتَ بصلاة النّهار أو بصلاتِك بدُعائِك».
[30])) وذلك قَبل أنْ يُسلِمَ، فقَد أسلَم يومَ الفتحِ.
[31])) قال أهلُ التّفسِير: حَصَبُ جهَنّمَ، أي: حطَبُها. وقال شيخنا رحمه الله: «يقولُ اللهُ تعالى: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} فالشّمسُ والقمَرُ يكُونانِ يومَ القِيامةِ في النّار، الكُفّار مِنهُم مَن عَبدُوهُما. ثُمّ الآيةُ تَعنِي الجَماداتِ لا تَعنِي الأشخاصَ الّذِين عُبِدُوا مِن دُونِ الله، فهذِه لا تُدخِلُ عِيسَى وعلِيًّا، وهذه العجُولُ الّتي يَعبُدُها الكُفّار لا تَدخُل النّارَ، البَقَرُ ليسَ مِن ذَوِي العِلمِ ومَعَ ذلِكَ لا يَدخُلُ النّارَ لأنّ الكُفّارَ عَبَدُوها».
[32])) قال ابن الـمُلقِّن في عُجالة المحتاج (1/184): «{فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}، أي: نَحوَه، والاستِقبالُ لا يجِبُ في غَيرِ الصّلاةِ فتَعيَّنَ أنْ يَكُونَ فيها، وأجمَعُوا أنّه لا بُدّ مِنهُ، وقيل: إنّه رُكنٌ، والاستِقبالُ الواجِبُ مُعتَبرٌ بالصَّدرِ لا بالوَجهِ».
[33])) قال شيخُنا رحمه الله: «{قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} «قد» هنا للتّحقِيق، فالمعنَى برُؤيةٍ واحِدةٍ يَرَى اللهُ تَقَلُّبَ وَجهِ النّبِيّ الـمُتعَدِّدَ».
[34])) قال الشّهاب الرَّمليّ في شرح أبي داود (5/442): «بكَسرِ اللّامِ بَطنٌ مِن الأنصارِ مِن الخَزرَج، قِيلَ هو عَبّادُ بنُ نَهِيكٍ الأنصاريُّ».
[35])) قال شيخنا رحمه الله: «إنَّما حوَّلَ اللهُ تعالَى الاستِقبالَ مِن بيتِ المقدسِ إلى الكعبةِ في تلكَ الـمُدّةِ لِيكُونَ في ذلكَ ابتلاءٌ لعبادِهِ، لأنَّ مَن أطاعَ الرسولَ r في ذلكَ ولَـم يعترِضْ كانَ لهُ أجرٌ عظيمٌ في طاعَتهِ للهِ ورسولهِ».
[36])) أي: لَم يُجامِع حَلِيلتَه.
[37])) أي: اللّيلةِ القابِلةِ.
[38])) أي: زَيَّنتْ.
[39])) الرَّفَثُ كِنايةٌ عن الجِماع.
[40])) قال أهل التّفسير: معنَى {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّـهُ لَكُمْ}، أي: باشِرُوهنّ بالجماع إنْ شِئتُم فهو حلالٌ لكُم في ليَالِي الصَّومِ، وهو أمرُ إباحةٍ، وابتَغُوا أي واطلُبوا ما قَضَى اللهُ لكُم يَعنِي الولَد، وقيل معناهُ: وابتَغُوا الرُّخصةَ الّتِي كتَبَ اللهُ لَكُم بإباحةِ الأَكلِ والشُّربِ والجِماعِ.
[41])) تَرجمَ الحافظُ العسقلانيُّ في «الإصابة» (8/114) لها باسْمِ خَولةَ وقال: «ويُقالُ خُوَيلةُ بالتّصغِير».
[42])) أي: تُحاوِركَ وتسألُكَ لتَعرِفَ الحُكمَ.
[43])) يَعنِي: ما كانَ مِن نَحوِ وَجْبةِ القِيامةِ وخُروجِ الأعوَرِ الدَّجّالِ على التَّحديدِ.
[44])) قال شيخنا رحمه الله: «كُلُّ ما أوْهَم تجَدُّدَ العِلمِ للهِ تعالَى مِن الآياتِ القُرءانِيّةِ كقَولِه تعالَى: {الْآَنَ خَفَّفَ اللهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا} فلَيسَ الـمُرادُ بِه ذلك، وقَولُه: {وَعَلِمَ} لَيسَ راجِعًا لِقولِه: {الْآَنَ} بلِ الـمَعنَى أنّهُ تعالَى خفَّفَ عَنكُم الآنَ لأنّه عَلِمَ بعِلمِه السّابِق فِي الأزَلِ أنّه يَكُونُ فِيكُم ضَعْفٌ، وهذِه الآيةُ مَعناها أنّه نُسِخَ ما كانَ واجِبًا علَيهِم مِن مُقاوَمةِ واحِدٍ مِن الـمُسلمِينَ لأضعافٍ كَثِيرةٍ مِن الكُفّارِ بإيجابِ مُقاوَمةِ واحدٍ لاثنَينِ مِن الكُفّارِ رَحمةً بالمؤمنينَ للضَّعفِ الّذِي فيهِم».
[45])) قال النووِيّ في شرحِ مُسلِم (9/227): «أي: فاخطُبْها لي مِن نَفسِها».
[46])) قال أبو العبّاس القُرطبيّ في الـمُفهمِ (4/164): «تخمِيرُ العَجِين جَعلُ الخَمِير فيه وتَركُه إلى أنْ يَطِيب».
[47])) قال ابن الأثير في النّهاية (5/116): «النُكوصُ الرُّجوعُ إلى وراءَ وهو القَهْقرَى. نَكَص يَنكُص فهو ناكِصٌ».
[48])) قال أبو العبّاس القُرطبيّ في الـمُفهِم (4/164): «(حَتَّى أُؤامِرَ رَبِّي)، أي: أستَخِيرَه وأنظُرَ أمرَه علَيَّ على لِسانِ رَسولِ اللهِ r، فلَـمّا وَكَلَتْ أمرَها إلى اللهِ وصَحَّ تفوِيضُها إليه تَولَّى اللهُ تعالَى إنكاحَها مِنهُ r ولَم يُحْوِجْها إلَى ولِيٍّ يَتولَّى عَقدَ نِكاحِها، ولذلِكَ قال تعالَى: {فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَأ وَطَرًا زَوَّجْنَاكَها} [سُورة الأحزاب: 37]».
وقال النوويّ في شرح مُسلِم (9/228): «فيه استِحبابُ صَلاةِ الاستِخارةِ لِمَن هَمَّ بأمرٍ سَواءٌ كان ذلكَ الأمرُ ظاهِرَ الخَيرِ أم لا».
وقال شيخنا رحمه الله: «الاستِخارةُ معناها الاعتِمادُ علَى اللهِ في مُباشَرةِ ذلكَ الشّيءِ الّذي عَمِلْتَ لأَجْلِه. يُصلِّي رَكعتَينِ بَعدَ مَعرِفةِ أنّ هذا الشيءَ جائزٌ شَرعًا ولا كَراهةَ فيه، وقَد يَعمَل الاستِخارةَ بَينَ أَمرَينِ واجِبَين لِأَيّهِما يُقَدِّم هذا أم هذا. ثُمّ بَعدَ الاستِخارةِ فَورًا يَدخُل فيه لا يَنتَظِرُ إلَى أنْ يَرَى رُؤيَا، ليسَ شَرطًا أن يَرى رؤيا جميلةً. ودُعاءُ الاستِخارةِ يكونُ بَعدَ الصّلاةِ فَورًا، ومَن شاءَ يَقرَأُ الذِّكرَ الّذي يُقالُ بَعدَ الصّلاةِ ثُمّ يَقرَأُ دُعاءَ الاستِخارةِ. العُلَماءُ قالُوا: الاستِخارةُ تُعمَلُ بَعدَ مَعرفةِ أنّ هذا الشيءَ خَيرٌ في دِين الله، فإنْ كانَ حَجًّا مثلًا فمَعناهُ أنّ تَعجِيلَ هذا الحَجّ خَيرٌ لهُ مِن أنْ يَنشَغِلَ بغَيره مِن الحسَنات، وأمّا إنْ لَم يكُنْ تَعجِيلُ هذا الحجّ الآنَ فيه مَصلحةٌ له بل الـمَصلَحةُ في أنْ يَنشَغلَ بغَيره مِنَ الطّاعات على هذا المعنى يَستخيرُ الإنسانُ بما هوَ خَيرٌ مما هو مِن الحسَنات، بَعدَ العِلْم بأنّ هذا خَيرٌ تُعمَلُ الاستِخارةُ بمعنَى إنْ كانَ تَعجِيلُ هذا الخيرِ الآنَ خَيرًا فيَسِّرْهُ لِي، وإنْ كانَ تأخِيرُ هذا والانشِغالُ بغَيرِه مِن الحسَنات خَيرٌ لي فاصْرِفْهُ عَنِّي أي في الوَقتِ الحاضِر الّذي هو يَنوِيهِ فيه».
[49])) قال النوويّ في شرح مُسلِم (9/228): «(فَقامَتْ إِلَى مَسْجِدَها)، أي: مَوضِع صَلاتِها مِن بَيتِها».
[50])) فال القاضِي عِياضٌ في الإكمال (4/598): «(فَدَخَلَ عَلَيها بِغَيرِ إِذْنٍ) لأنّها زَوجَتُه وأنّ اللهَ أعْلَمَه أنّه زَوَّجَه إيّاها».
[51])) أي: ارتَفَعَ.
[52])) أي: نُزولِ الأمرِ باحتِجابِ أُمّهاتِ الـمُؤمنِين.
[53])) قال النوويّ في شرح مُسلِم (9/99): «مَكانٌ علَى سِتّةٍ وثلاثِينَ مِيلًا مِن المدِينةِ».
[54])) قال شيخنا رحمه الله: «الكَواعِب الّتي ثَدْيُها قائم».
[55])) أردَفَه معناهُ في الأصل أركبَه خَلفَه على الدابّة، ومُرادُهم هنا لَم تأسُروا النِّسوةَ.
[56])) قال العَينيّ في العمدة (14/142): «يُقال: ندَبَه لأمرِ فانتَدَبَ له أي دُعاهُ له فأجابَهُ».
[57])) على ثمانيةٍ أميالٍ مِن المدِينةِ، قاله ابن الملقِّن في «التوضيح» (21/188).
[58])) أي: ما يُتأهَّبُ للقتال.
[59])) أي: الجَرح.
[60])) النِّعمةُ السّلامةُ وحذَرُ العَدُوِّ مِنهُم، والفَضلُ الرِّبحُ في التِّجارة فأصابُوا بالدِّرهَم دِرهمَين، نقلَه ابنُ عطِيّةَ عن الجمهورِ، وبِه قال أبو حيّانَ والنسَفيُّ.
[61])) أي: صِيامُ رمضانَ في السّنةِ الثانِية للهِجرة في شَهرِ شَعبانَ، قاله القسطلّانيّ في «إرشاد الساري» (6/174).
[62])) سبَقَ معناهُ عِندَ الحديث (401).
[63])) قال الحافظ العسقلانيّ في الفتح (7/294): «قولُه: «حدّثَنا ابنُ نُمَيرٍ» هو محمّدُ بنُ عُبَيد الله بن نُمَير، ولَم يُدرِكِ البُخاريُّ أباهُ».