هذا حدِيثٌ غَرِيبٌ أخرجَه أحمدُ وأبو داودَ والترمذِيُّ وقال: حدِيثٌ غرِيبٌ وليسَ إسنادُه عندِي بمُتّصِل، كذا قال، وكأنّه نَفَى الاتّصالَ باعتِبارِ الإبهامِ الّذي في بَعضِ رُواتِه، وهو أحَدُ القَولَين في حُكمِ الـمُبهَم. وقَد أَطَلَقَ صِحّتَه جَماعةٌ مِن الفُقَهاءِ كالباقِلّانِيّ وأبِي الطَّيِّب الطَّبَريّ وإمامِ الحرمَين لِشُهرَتِه وتلَقِّي العلَماءِ لهُ بالقَبولِ. ولهُ شاهِدٌ صَحِيحُ الإسنادِ لكنّهُ مَوقوفٌ.
[1])) أي: ذهَبَ ما يدُلُّ علَى مالكِها، وفي روايةٍ مُفسِّرةٍ لها زيادةُ: «ليسَ بَينَهُما بَيِّنةٌ».
[2])) قال النّوويّ في شرح مُسلم (12/5): «معناه: التَّنبِيهُ على حالةِ البشَرِيّة وأنّ البشَر لا يَعلَمُون مِن الغَيبِ وبواطِن الأمورِ شيئًا إلّا أنْ يُطلِعَهم اللهُ تَعالى علَى شيءٍ مِن ذلكَ وأنّه إنّما يَحكُم بَين الناسِ بالظاهِر واللهُ يَتولَّى السَّرائِرَ، فيَحكُم بالبَيِّنةِ وباليَمِين ونحوِ ذلكَ مِن أحكامِ الظاهِر».
[3])) قال النّوويّ في شرح مُسلم (12/6): «إِذَا حكَم بِغَيرِ اجتِهادٍ كالبَيِّنةِ واليَمِين فهذا إذَا وَقَع مِنهُ ما يُخالِفُ ظاهِرُه باطنَه لا يُسمَّى الحكمُ خطأً بلِ الحكمُ صَحِيحٌ بِناءً علَى ما استقَرَّ بِه التَّكلِيفُ وهو وجُوبُ العمَل بشاهِدَين مثلًا، فإنْ كانا شاهِدَي زُورٍ أو نحوَ ذلك فالتَّقصِيرُ مِنهُما ومِمَّن ساعدَهُما، وأمّا الحكمُ فلا حِيلةَ له في ذلكَ ولا عَيبَ علَيه بِسبَبِه».
[4])) أي: إنْ كانَ يَعلَم بباطِن الأمرِ.
قال السُّيوطيّ في حاشيته على النَّسائيّ (8/234): «قال الشيخ تقيّ الدّين السُّبكيّ: ولَم يَثبُت لنا قَطُّ أنّه r حكَمَ بُحكم ثُمّ بانَ خِلافُه لا بسبَبِ تبَيُّنِ حُجّةٍ ولا بِغَيرها، وقد صانَ اللهُ تعالَى أحكامَ نَبِيِّهِ عن ذلكَ معَ أنّه لو وقَع لَم يكُن فِيه مَحذُورٌ».
[5])) قال القسطلّانيّ في إرشاد السّاري (4/410): «أُطلق علَيه ذلكَ لأنّه سبَبٌ في حُصولِ النّار له، فهو مِن مَجازِ التَّشبِيه كقَوله: {إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا}».
[6])) قال ابن الأثير في النّهاية (5/164): «(اذْهَبَا فَتَوخَّيا واسْتَهِما)، أي: اقْصِدا الحقَّ فيما تَصْنَعانِه مِن القِسْمة وليَأْخُذْ كُلُّ واحِدٍ مِنكُما ما تُخْرجُه القُرْعةُ من القِسْمَة».
[7])) قال البَرماويّ في اللّامِع الصَّبِيح (7/450): «(وَليُحْلِلْ كُلٌّ مِنْكُما صاحِبَهُ)، أي: لِيسَأَلْه أنْ يَجعلَه في حِلٍّ ويَطلُب بَراءةَ ذِمَّتِه قَبل يَومِ القِيامة».
[8])) قال القَسطلّاني في إرشاد السّارِي (10/229): «لانّ الغضَب قد يَتجاوَزُ بالحاكِم إلى غَيرِ الحقّ، وعدّاه الفقَهاءُ بهذا المعنَى إلى كُلِّ ما يَحصُل به التغيُّر للفِكر كجُوعٍ وشِبَع مُفْرِطَين ومرَضٍ مُؤلِم وخَوفٍ مُزعِجٍ وفرَحٍ شَدِيدٍ وغلَبةِ نُعاسٍ وهَمٍّ مُضْجِرِ ومُدافعةِ حدَثٍ وحَرٍّ مُزعِجٍ وبَردٍ مُنكَر وسائِر ما يَتعلَّق به القَلبُ تَعَلُّقًا يَشغَلُه عن استِيفاء النظَر».
[9])) أي: في بَعضِ القَضايا. قال الحافظ النوويّ في الرَّوضة (11/278): «يَجوزُ القَضاءُ بشاهدٍ ويَمِينٍ في الجُملةِ، فما ثَبَت برَجُلٍ وامرأتَين ثَبضت بشاهِدٍ ويَمينٍ إلّا عُيوبَ النِّساءِ وما في مَعناها وما لا يَثبُتث برجُلٍ وامرأتَينِ لا يَثبُت بِشاهدٍ ويَمِينٍ، ولا يُقضَى بشهادَةِ امرأتَينِ ويَمِينٍ في الأموالِ قَطعًا، ولا فيما يَثبُتُ بِشَهادةِ النِّسوةِ مُنفرِداتٍ علَى الأصَحّ».
[10])) أي: أسأَلُه باللهِ.
[11])) أي: قضَى في حُكمِ الجَنينِ حالَ كَونِه يُقَتلُ في بَطنِ أُمِّه.
[12])) أي: خَيمَتِها. وفي روايةٍ: «عَمُودِ فُسْطاطٍ»، قال الطِّيبيّ في شرح المشكاة (8/2475): «هو ضَربٌ مِن الأَبنِيةِ في السّفَر دُونَ السُّرادِق». وقال الحافظ النوويّ في شرح مسلم (11/177): «هذا محمُولٌ على حَجَرٍ صغِيرٍ وعَمُودٍ صَغِيرٍ لا يُقصَدُ به القَتلُ غالِبًا فيَكُونُ شِبهَ عَمدٍ تَجِبُ فيه الدِّيةُ علَى العاقِلةِ ولا يَجِبُ فيه قِصاصٌ ولا دِيةٌ على الجانِي، وهذا مذهَبُ الشافعِيّ والجماهِير»,
[13])) قال النّوويّ في شرح مُسلم (11/175): «ضَبَطْناه على شُيوخِنا في الحدِيثِ والفِقهِ «بِغُرّةٍ» بالتَّنوِين، وهكذَا قَيَّده جماهيرُ العُلَماء في كتُبِهم وفي مُصنَّفاتِهم في هذا وفي شُروحِهم. وقد فَسَّرَ الغُرّةَ في الحَدِيث بِعَبدٍ أو أَمَةٍ، قال العُلَماءُ: و«أَوْ» هنا للتَّقْسِيم لا للشَّكّ، والمرادُ بالغُرّةِ عَبدٌ أو أَمةٌ، وهو اسمٌ لِكُلّ واحِدٍ مِنهُما. قال الجوهَرِيّ: كأنّه عَبَّر بالغُرّةِ عن الجِسمِ كُلِّه كما قالُوا: أَعتِقْ رقَبةً، وأَصلُ الغُرّةِ بَياضٌ في الوَجهِ».
[14])) أي: دِيةُ كُلِّ واحٍدٍ مِنها.
[15])) قال الشِّهاب الرَّمليّ في شرح أبي داود (18/14): «الأحسَنُ قِراءَتُه بفَتحِ العَينِ للرِّوايةِ الـمُتقدِّمة: «عَشْرٌ مِنَ الإِبِل»، ويُمكِنُ ضَمُّ العَينِ ويُرادُ عُشْرُ الدِّيةِ ولِهذَا حُذِفَتِ الهاءُ».
[16])) أي: مِن الإبِلِ.
[17])) جَمعُ عَقلٍ وهو الدِّيةُ.
[18])) ءالُو بالـمَدّ في أوّلِه وضَمّ اللّام، أي: لا أُقَصّرُ في ذَلك، قاله النوويّ في «شرح مُسلِم» (4/176).
[19])) قال شيخُنا رحمه الله: «(الحَلالُ بَيِّنٌ والحرامُ بَيّنٌ وبَينَهُما أُمورٌ مُشْتَبِهاتٌ) حديثٌ مرفوعٌ رواه الطبَرانيُّ والنَّسائيُّ وأبو داودَ والترمذِيُّ، الحَلالُ بَيّنٌ لأهلِ العِلم، والحرامُ بيّنٌ لأهلِ العِلم، وبينَهُما أمُورٌ لَم يَرشد فيها نَصٌّ لَكَونِها حَلالًا أو لكَونِها حَرامًا فيجتَهِدُ فيها المجتَهِدُون فيُلحِقُونَها بالحَلالِ أو بالحَرامِ، فهذِه إِذَا تُجُنِّبَت كانَ خيرًا».
وقال الـمُناوِيّ في فيض القدير (1/119): «(الحَلَالُ بَيِّنٌ)، أي: ظاهِرٌ واضحٌ لا يَخفَى حِلُّه وهو ما نَصَّ اللهُ أو رَسُولُه أو أجمَ‘ الـمُسلِمُونَ على تَحليلِه بِعَينِه أو جِنسِه (والحَرامُ بَيِّنٌ) واضِحٌ لا تَخفَى حُرمَتُه وهو ما نُصَّ علَيه أو أُجمِعَ على تَحريمِه (وَبَيْنَهُمَا)، أي: الحلالِ والحرامِ الواضِحَين (أمُورٌ)، أي: شُؤونٌ وأَحوالٌ (مُشْتَبِهاتٌ) بغَيرِها لكَونِها غَيرَ واضِحةِ الحِلِّ والحُرمةِ لِتَجاذُبِ الأدِلّةِ وَتَنازُعِ الـمَعانِي والأسبابِ».
[20])) قال الـمُناوِيّ في التّيسِير (2/320): «(لَيْسَ الخَبَرُ كَالـمُعَايَنَةِ)، أي: المشاهَدةِ، إذْ هي تحصِيلُ العِلم القطعِيّ فهي أقوَى وءاكَدُ».