الإثنين أبريل 21, 2025

باب فِي أَخْبارِ الـمُبايَعاتِ

  • عن أُمَيمةَ بنتِ رُقَيقةَ([1]) رضي الله عنها قالتْ: أَتَيتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم في نِسْوةٍ نُبايِعُه علَى أنْ لا نُشرِكَ باللهِ شيئًا ولا نَسْرِقَ ولا نَزْنِيَ ولا نَقتُلَ أَولادَنا ولا نأْتِيَ ببُهتانٍ نَفتَرِيْهِ بَين أَيدِينا وأَرجُلِنا ولا نَعصِيَه في مَعرُوفٍ، فقال رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «فِيما اسْتَطَعْتُنَّ وأَطقْتُنَّ»، فَقُلنَ: اللهُ ورَسولُه أرحَمُ بِنا مِن أنفُسِنا، هَلُمَّ([2]) نُبايِعْكَ يا رَسولَ اللهِ علَى ذلكَ، قال: «إِنِّي لا أُصافِحُ النّساءَ، وَإِنَّما قَوْلِي لِمائةِ امْرَأَةٍ كَقَولِي أَو مِثْلُ قَوْلِي لِامْرَأةٍ واحِدَةٍ»([3]) ([4]). هذا حديثٌ صحِيح أخرجَه ابنُ حِبّان.
  • عن أبِي وائلٍ قال: قلتُ لعَبدِ الرّحمـٰنِ بنِ عَوفٍ رضي الله عنه: كَيفَ بايَعْتُم عُثمانَ وتَركْتُم علِيًّا؟ فقال: ما ذَنْبي، بدَأْتُ بِعَلِيّ فقلتُ له: أُبايِعُكَ علَى كتابِ اللهِ وسُنّةِ رَسولِه وسِيرة أبِي بَكرٍ وعُمرَ؟ فقال: فِيما استَطَعْتُ، ثُـمّ عرَضْتُها علَى عُثمانَ فقَبِلَ.

هكَذا أخرجَه عبد اللهِ بنُ أحمدَ في «زياداتِ الـمُسنَد» في مُسنَدِ عُثمانَ عَقِبَ حديثِه عن أبِيه عن مُعاويةَ بنِ عَمرٍو عَ، زائدةَ عن عاصِمٍ عن أبِي وائلٍ قال: قال الولِيدُ بنُ عُقبةَ لِعَبدِ الرَّحمـٰنِ بنِ عَوفٍ رضي الله عنه: «ما لَكَ جَفَوْتَ أمِيرَ المؤمنِينَ؟» الحديثَ، وسَنَدُ أحمدَ هذا حسَنٌ وسنَدُ ولَدِه كذلك غيرَ أنّ في شَيخِه سُفيانَ بنِ وكِيعٍ ضَعْفًا لكِن له شاهِدٌ أخرجَه الذّهْلِيّ.

  • وأخرجَ البُخارِيّ في كِتابِ الأَحكامِ عن الـمِسْوَرِ أنّ عبدَ الرَّحمـٰـنِ قال لِعُثمانَ رضي الله عنه: «أُبايِعُكَ على سُنّةِ اللهِ وسُنّةِ رَسولِهِ والخَلِيفَتَينِ مِن بَعْدِه».
  • عن أبِي عبدِ الرَّحمـٰنِ الجُهَنِيّ رضي الله عنه قال: بَينَما نَحنُ عِندَ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذْ طَلَعَ راكِبانِ يُرِيدانِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كِنْدِيّانِ([5]) أو مَذْحِجِيّانِ([6])، حتَّى إذَا أَتَيا فإِذَا رَجُلانِ مِن بَنِي مَذْحِجٍ، فجاءَ أحَدُهُما إلى رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم لِيُبايِعَهُ فأَخَذَ بيَدِه فقال: يا رَسولَ اللهِ أرَأيْتَ مَن ءامَنَ بِكَ وصَدَّقَكَ واتَّبَعَ ورَءاكَ ماذَا لهُ؟ قال: «طُوبَى لَهُ»([7]). فمَسَحَ علَى يَدِه ثُـمّ انصَرفَ، وجاءَ الآخَرُ فأَخَذَ بِيَدِه فقال: يا رَسولَ اللهِ أَرأَيْتَ مَن ءامَنَ بِكَ وصَدَّقَكَ واتَّبَعك ولَم يَرَك ماذَا لهُ؟ قال: «طُوبَى لَهُ ثُمَّ طُوبَى لَهُ». هذا حدِيثٌ حسَنٌ أخرجَه أحمدُ وابنُ أبِي شَيبةَ في مُسنَدَيهِما جمِيعًا عن محمّد بنِ عُبَيدٍ عن محمّدِ بنِ إِسحاقَ، ورِجالُه مُوَثَّقُون وقَد صَرّح فيه ابنُ إسحاقَ بالتّحدِيث.
  • عن المطَّلِب بنِ عبدِ الله بنِ حَنْطَبٍ قال: قُلتُ لِبَنِي سَواءِ بنِ الحارِث: أبوكُم الّذِي جَحَدَ بَيعةَ رَسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: لا تَقُلْ إلّا خَيرًا، لقد أَعطاهُ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَكْرةً([8]) وقال: «إِنَّ اللهَ سَيُبارِكُ لَكَ فِيهَا»، فأصبَحْنا لا نَسُوقُ سارِحًا([9]) ولا بارِحًا([10]) مِن النَّعَم إلّا من نَسْلِ تِلكَ البَكْرةِ. هذا موقوفٌ حسَن أخرجَه أبو عَمرِو بنُ مَنْدَه([11])، وكأنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم زادَه البَكْرةَ تَطييبًا لخاطِرِه.

[1])) هي رُقَيقةُ بِنتُ خُوَيلِدٍ أُختُ السيّدةِ خدِيجةَ رضي الله عنها.

[2])) أي: أَقْبِلنْ.

[3])) قال الطِّيبيّ في شرح المشكاة (9/2790): «معناهُ: قَولِي لكِ بِمَحضَرِ النِّساءِ كقَولِي لِسائرهِنّ».

[4])) قال شيخنا رحمه الله: «هكذَا بايعَهُنَّ رسولُ الله r، أمّا باليَدِ كما يُبايعُ الرِّجالَ رَفَضَ. الرِّجالُ حِينَ يَأخُذُ علَيهِم العَهدَ يضَعُونَ أَيدِيَهُم في يَدِه. عمَرُ رضي الله عنه مرّةً بَعَثَهُ رَسولُ اللهِ r لمُبايَعةِ النّساءِ، هو وَقَفَ خارجَ البابِ والنِّساءُ داخِلَ البَيتِ وقال: أنا رَسولُ رَسولِ الله r إلَيكُنّ لِتُبايِعْنَنِي، فمَدَّ عمَرُ يَدَه مِن خارج البَيتِ والنِّساءُ مِن داخل البَيتِ مِن غَيرِ مُصافَحةٍ، إشارةً رَمْزًا لِلمُوافَقةِ والـمُعاهَدةِ».

[5])) قال المناويّ في فيض القدير (3/342): «بكَسرِ الكافِ وسكُون النُّون نِسبةً إلى كِنْدةَ قَبِيلةٍ كَبِيرةٍ مَشهُورةٍ مِن اليمَن».

[6])) قال النوويّ في شرح مُسلِم (5/95): «بفَتحِ الـمِيم وإسكان الذّالِ الـمُعجَمة ثُمّ حاءٌ مُهمَلةٌ مكسُورةٌ ثُمّ جِيمٌ مَنسُوبٌ إلى مَذْحِجٍ قَبِيلةٍ معروفةٍ».

[7])) أي: خَيرٌ كَثِيرٌ لهُ.

[8])) قال النوويّ في شرح مُسلِم (9/184): «البَكْرةُ الفَتيّةُ مِن الإبِل أي: الشابّةُ القوِيّةُ». وقال الحافظ في الفتح (1/89): «البَكْرةُ هي الصّغِيرة مِن الإبِلِ». وقال شيخُنا رحمه الله: «البَكْرُ مِن الإبِلِ، أي: الّذي سِنُّه صغِيرةٌ، أي: فَتِيٌّ صغِيرٌ».

[9])) قال أبو عُبيد في غريب الحديث (3/47): «السّارِحةُ الماشِيةُ الّتي تَسرَحُ وتَرعَى».

[10])) البُرْحةُ مِن الإبِل النّاقةُ من خيارِها، قاله في «القاموس» (6/306)، ومعنَى: «سارِحًا وبارِحًا»، أي: شيئًا يَرُوحُ ويَسرحُ، وفي بعضِ النُّسخِ: «نازِحًا».

[11])) هو: المحدِّثُ الـمُسنِدُ أبو عَمرٍو عبدُ الوهّابِ ابنُ الحافظِ أبي عبدِ اللهِ بنِ مَنْدَهْ، فوالِدُ أبِي عَمرٍو هو صاحِبُ كِتابِ «مَعرِفة الصَّحابة».