الإثنين أبريل 21, 2025

باب في تَوقِيرِ الصَّحابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنهُم

  • عن أبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لا تَسُبُّوا أَصْحابِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُم كُلَّ يَوْمٍ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا ما بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِم وَلا نَصِيفَهُ([1])([2])». أخرَجه خَيْثَمةُ، وأَخرَجَه البُرْقانِيُّ في «الـمُصافَحةِ» مِن طِريقِ أُخرَى عن أحمدَ بنِ يُونسَ وقال: «أَعْجَبَنِي قَولُه: «كُلَّ يَوْمٍ» معَ حُسنِ إسنادِه» يَعنِي: لِكَونِه أبلَغَ في الـمُرادِ في التَّفضِيل.
  • عن أبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه قالَ: كانَ بَينَ خالدِ بنِ الولِيدِ وبَينَ عَبدِ الرَّحمـٰـنِ بنِ عَوفٍ شَيءٌ، وفي رِوايَةِ داودَ: كلامٌ، فسَبَّهُ خالدٌ، فقالَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لا تَسُبُّوا أَحَدًا مِن أَصْحَابِي، فَلَوْ أَنْفَقَ أَحَدُكُم مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا ما أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِم وَلا نَصِيفَهُ». أخرجَه مُسلِمٌ.
  • عن عبدِ اللهِ بنِ أَبِي أَوْفَى رضي الله عنهُما قالَ: شَكَا عَبدُ الرَّحمـٰنِ بنُ عَوفٍ خالدَ بنَ الوَليدِ إلى رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقال: «يا خَالِدُ لِـمَ تُؤذِي رَجُلًا مِن أَهْلِ بَدْرٍ، لَوْ أَنْفَقْتَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا لَـمْ تُدْرِكْ عَملَهُ»، فقال: يا رسولُ اللهِ، إنَّهُم يَقَعُونَ فِيَّ، فقالَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لا تُؤْذُوا خَالِدًا فَإِنَّهُ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللهِ سَلَّهُ اللهُ عَلَى الكُفَّارِ». هذا حدِيثٌ حسَنٌ أخرجَه البَزّارُ.
  • عن يُوسفَ بنِ عبدِ اللهِ بن سَلام قال: قِيلَ: يا رَسولَ اللهِ، أنَحْنُ خَيرٌ أَمْ مَن بَعْدَنا؟ قال صلى الله عليه وسلم: «لَوْ أَنْفَقَ أَحَدُهُم مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا ما بَلَغَ مُدَّ أَحَدِكُم وَلَا نَصِيفَهُ». هذا حدِيثٌ حسَنٌ أخرجَه الطّبّرانيّ.

[1])) قال ابن الأثير في النّهاية (4/308): «الـمُدُّ في الأصلِ رُبعُ الصّاعِ، وإنَّما قَدَّرَه به لأنّه أقَلُّ ما كانوا يَتصدَّقُون به في العادةِ، ويُروَى بفَتحِ الـمِيم وهو الغايةُ. والنَّصِيفُ النِّصفُ كالعَشِير في العُشرِ».

[2])) قال شيخنا رحمه الله: «هذا الحدِيثُ مَعناهُ: لا تَسُبُّوهم جُملةً، ليسَ مَمعناه لا تَسُبُّوا أيَّ فردٍ مِنهُم مِمّن صَحِبَن لأنّ مِنهُم مَن سبَّهُ الرّسولُ r بِحَقٍّ. رجُلٌ كانَ يَخدِمُ الرَّسولَ r في الجِهاد، كانَ خادِمَه عَبْدَه الـمَملُوك، في غَزوةٍ مِن الغَزَوات سَرقَ شَمْلةً أيْ نَوعًا مِن الثِّيابِ الّتي أُخِذَتْ مِن الكُفّار غَنِيمةً، ثُمّ هذا الرّجُلُ جاءَهُ سَهمٌ ليسَ مَقصُودًا به ولا يُدرَى مَن رَماهُ فماتَ فقال الرّسولُ r: «هُوَ فِي النّارِ» رواه ابن ماجه، فنَظَرُوا في حالِه فوجَدُوه سَرَقَ شَمْلَةً مِن الغَنِيمَةِ قَبلَ القِسمةِ. ليسَ كلُّ مَن صَحِبَ الرّسولَ r وَليًّا تَقِيًّا، فِيهِم أولياءُ هُم أَفضَلُ البشَرِ لا يَأتي مِثلُهم إلى يومِ القِيامةِ أبو بكرٍ وعمرُ وعثُمانُ وعلِيّ.

مِن حيثُ الإجمالُ يُقالُ أصحابُ رسولِ اللهِ r أَفضَلُ البشَرِ بعدَ الأنبياء، فالسَّبُّ الذي نَهَى عنهُ رسولُ الله r هوَ سَبُّ الصّحابةِ جُملةً وسَبُّ فَردٍ مِنهُم بغَيرِ سبَبٍ شَرعيّ».