وروى أبو الشّيخ في كتاب «النّوادِر» له قال: أنشدَنا عبدُ الله بنُ قَحْطَبة:
إِذَا اسْتَبْقَتِ الدُّنْيا علَى الـمَرْءِ دِينَهُ |
| فَما فاتَهُ مِنْها فَلَيْسَ بِضَائرِ([10]) |
[1])) قال الحافظ الزّبِيدي في تاج العروس (4/331): «قد تَكرَّر ذِكرُ الفُحشِ الفاحِشة والفاحِش في الحديث، وهو كلُّ ما يَشتَدُّ قُبحُه مِن الذُّنوب والمعاصي».
[2])) قال ابن الأثير في النهاية (5/207): «أراد بالوُعول الأشرافَ والرُّؤوسَ. شبَّهُم بالوعول وهم تُيوس الجبلِ واحدُها وَعِلٌ بكسر العَين. وضرَبَ المثَل بها لأنّها تأوي شَعف الجبال». وشَعف الجِبالُ رؤوسُها وأعالِيها، واحدُها شَعْفةٌ.
[3])) قال ابن الأثير في النهاية (1/182): «التُّحوت الذين كانوا تحت أقدام النّاس لا يُعلمُ بهم لحقارتهِم، وقيل: أراد بظُهور التّحوتِ ظُهورَ الكُنوز التي تحتَ الأرض، أي: يغلِبُ الضُّعفاءُ من النّاس أقوياءَهم، شبَّه الأشرافَ بالوعولِ لارتفاع مساكِنها».
[4])) قال ابن الأثير (2/409): «السُّنَّة إذا أُطلِقَت في الشّرع فإنما يُرادُ بها ما أمَرَ به النّبيُّ r ونهَى عنه وندَبَ إليه قولًا وفعلًا مـمّا لَـم يَنطِق به الكِتابُ العزيزُ. ولهذا يقال في أدلَّة الشّرع الكتابُ والسُّنَّة أي القرءانُ والحديثُ».
[5])) قال الحافظ ابن حجر في الفتح (4/104): «وقال ابنُ العرَبِيّ إنّـما كان الصَّوم جُنّةً (أي: وِقايةً) مِن النّار لأنّه إمساكٌ عن الشّهَوات، والنارُ مَحفوفةٌ بالشّهَوات».
[6])) أي: لا يدخلُها مع الأوَّلِين مؤمِنٌ ماتَ على ذلك ولَـم يُغفَر له.
[7])) «نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ»، أي: مِن حَرامٍ.
[8])) أي: ذاهِبانِ غَدْوةً.
[9])) قال المناوي في التيسير (1/145): «(فَبائِعُ نَفْسَهُ) مِن رَبّه يَبذُلها في رِضاه (فَمُعْتِقُها) مِن العَذاب (أَوْ) بائعٌ نَفسَه مِن الشّيطان فهو (مُوبِقُها)، أي: مُهلِكُها بسبَبِ ما أوقَعَها فيه مِن العَذاب».
[10])) أي: لا يضُرُّه.
[11])) أي: أجارَكَ.
[12])) قال المناويّ في فيض القدير (3/194): «(إِمارَة السُّفَهاءِ) بكَسرِ الهَمزةِ، أي: وِلايَتُهم علَى الرِّقاب لِـمَا يَحدُث مِنهُم مِن العُنفِ والطَّيْش والخِفّة جَمع سَفِيهٍ وهو ناقِصُ العَقْل».
[13])) قال الـمُظهِريّ في المفاتِيح (5/350): «(يَسْتَنُّونَ بِغَيرِ سُنَّتِي)، يعني: يكُون في ذلكَ الوَقتِ قَومٌ يَعتقِدُون اعتقِاداتٍ ويَعمَلُون أعمالًا غيرَ ما أنا علَيه».
[14])) قال القسطلّاني في إرشاد الساري (10/434): «(وَالصَّوْمُ جُنَّةٌ) بضمّ الجِيم وتَشدِيد النُّون وِقايةٌ مِن النّار أو الـمَعاصِي لأنّه يَكسِر الشَّهوةَ ويُضعِف القُوّةَ».
وقال ابن الأثير في النّهاية (1/308): «(الصَّوْمُ جُنَّةٌ)، أي: يَقِي صاحِبَه ما يُؤذِيه مِن الشّهَوات. والجُنَّةُ الوِقايةُ». وقال قال شيخنا رحمه الله: «جُنّةُ، مَعناهُ: حِجابٌ».
[15])) أي: تَمْحُوها.
[16])) أي: دلِيلٌ علَى انقِياد العَبدِ الظاهريّ.
[17])) أي: معَ الأوّلِينَ.
[18])) أي: مِن حَرامٍ.
[19])) وفي رِوايةٍ: «كلُّ النَّاس يَغْدُوْ»، قال الطِّيبيّ في شرح المشكاة (3/740): «معناه: كلُّ إنسانٍ يَسعَى بِنَفسِه».
[20])) قال النوويّ في شرح مُسلِم (3/102): «معناه: كلُّ إنسانٍ يَسعَى بِنَفْسِه، فمِنهُم مَن يَبِيعُها للهِ تعالَى بطاعَتِه فيُعتِقُها مِن العَذابِ، ومِنهُم مَن يَبِيعُها للشّيطانِ والهوَى باتِّباعهِما فيُوْبِقُها، أي: يُهلِكُها».
[21])) قال شيخُنا رحمه الله: في الحديثِ: «بَدَأَ الدِّينُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَما بَدَأَ، فَطُوبَى لِلغُرَباءِ»، معناهُ: أوّلَ ما بَدأ الرّسولُ r يَدعُو إلى الإسلامِ أهلُ مَكّة كانُوا يُحارِبُونَه ويُؤذُونَه ويَشتِمُونَه وأحيانًا يَضرِبُونَه، وكانوا يَعبُدُونَ أوثانًا شَتَّى، وكذلكَ أهلُ سائِرِ البِلادِ كانُوا كُفّارًا، هوَ وَحدَه جَدّدَ الإسلامَ الّذي انقطَع، ثُمّ صَبَر على هَذا، اللهُ نَصرَه صارَ لهُ أَتباعٌ كَثِير، ثُمّ بَعدَ مَوتِه أيضًا زادَ عَددُ المسلمِينَ، وبَعدَ زَمانٍ كعَصرِنا هذا صارَ الإسلامُ غَرِيبًا، الّذي يَتكلَّمُ بأُمُور الدِّين الحَقّ يُضطَهَدُ ويُحارَبُ ويُعادَى. الآنَ نَحنُ حِزبُ الإخوانِ وأَمثالُهم يُحارِبُونَنا، فالإسلامُ عادَ غَرِيبًا كما بَدأ.
الرّسولُ r قالَ: «فَطُوبَى لِلغُرَباءِ» هؤلاء الّذينَ يتمَسَّكُونَ بالدِّين ويَصبِرُونَ على أذَى النّاسِ طُوبَى لهُم أي خَيرٌ كَثيرٌ لهُم عِندَ الله. اليومَ كثُرَ المخالِفُونَ والمنحَرِفُونَ عن سُنّةِ الرَّسولِ أي عن شَريعةِ الرَّسولِ العَقيدةِ والأحكامِ، كثُرَ هؤلاءِ فطُوبَى لِمَن جعلَهُ اللهُ مِن دُعاةِ سُنَّةِ رَسولِ اللهِ r عقِيدةً وعمَلًا، فللَّهِ الحمدُ علَى ما ألْهمَنا مِن التّمَسُّكِ بسُنّتِه علَيه السّلامُ والدّعوةِ إليها. نَسألُ اللهَ تعالَى أن يُؤيِّدَنا ويُثَبِّتَنا علَى ذلكَ.
في ءاخِرِ الزَّمانِ يَنزَوي الإيمانُ إلَى الـمَدينةِ الـمُنَوّرةِ كَما تَنزَوِي الحَيّةُ إلَى جُحرِها أي إلى وَكرِها، لأنَّ ءاخِرَ قَريةٍ مِن قُرَى الإسلامِ تَخرَبُ هي الـمَدينةُ كَما ورَدَ في الحَديثِ الَّذي رَواهُ التِّرمذيُّ: «ءاخرُ قَرْيةٍ مِن قُرَى الإسْلامِ خَرابًا الـمَدِينةُ» ولا بُدَّ أن تَكُونَ الـمَدينةُ أحسَنَ حالًا مِن غَيرِها فيما مَضَى وفيما سَيَأتِي. وهَذا هُوَ الـمُرادُ بِالحَديثِ الَّذي رَواهُ مُسلِمٌ: «إِنَّ الإيمانَ لَيَأْرِزُ إلَى الـمَدينةِ كَما تَأْزِرُ»، أي: تَنزَوِي «الحَيّةث إلَى جُحْرِها»، الإيمانُ يَنزَوي في ءاخِر الزَّمانِ إلى المدِينةِ كما تَنزَوِي الحيّةُ إلى جُحرِها أي إلى وَكرِها. وهذا ليسَ الآنَ هذا فيما بَعدُ، لأنّ ءاخِرَ قَريةٍ مِن قُرَى الإسلامِ تَخرَبُ هي المدينةُ، عندَما يَصيرُ خَرابُ الدُّنيا ءاخرُ قَريةٍ تَخرَبُ هيَ المدينَة.
وقد خالَفَتِ الوَهّابيّةُ هَذا الحدِيثَ الصَّحيحَ ففَضَّلَتْ نَجْدَها، ومِن الـمَشهُورِ عنهُم أنَّ أَحَدَهُم إذا كانَ في الحِجازِ فعادَ إلَى نَجدِ الرِّياضِ ونَحوِها مِن بُلدانِهم يَقُولُ: «الحَمدُ للهِ دَخَلْنا دِيرةَ الإيمانِ»، فضَّلُوا نَجْدَهُم الّذي قالَ الرّسُولُ r فيه: «هُناكَ يَطلُعُ قَرْنُ الشَّيطَانِ» علَى الحِجازِ، وهَذا مِن أدِلّةِ ضَلالِهم، والحَيدثُ رَواهُ البُخاريُّ».
[22])) قال الملّا عليّ في المرقاة (6/2474): «(يُقاتِلُونَ علَى الحَقِّ)، أي: علَى تَحصِيلهِ وإظهارِه».
[23])) قال شيخنا رحمه الله: «هذا الحديثُ يُؤخَذُ على ظاهرِه».
وقال النوويّ في شرح مُسلِم (2/178): «(اللهُ اللهُ) هو برَفعِ اسمِ اللهِ تَعالى، وقَد يَغْلَط فيه بعضُ النّاس فلا يَرفَعُه».
وقال أبو العبّاس القُرطبيّ في الـمُفهِم (1/364): «(اللهَ اللهَ) كذا صوابُه بالنَّصبِ، وكذلك قيَّدْناه عن مُحقِّقِي مَن لَقِيناهُ، ووَجْهُه أنّ هذا مِثلُ قَولِ العرَب: الأسَدَ الأسَدَ، والجِدارَ الجِدارَ، إذا حَذَّرُوا مِن الأسَدِ الـمُفترِس والجِدارِ المائِل، فهو منصوبٌ بفِعلٍ مُضمَرٍ، كأنّهم قالوا: احذَرِ الأسَدَ، لكنّهم التزَمُوا إضمارَه هنا لِتَكرارِ الاسمِ ونَصبِه».