ووَجهُ القَرابةِ الّتِي ذَكَرَها جُبَيرٌ وعُثمانُ أنّ عَبدَ مَنافِ بنَ قُصَيّ كان له مِن الذُّكُورِ أربَعةٌ أعقَبُوا هُم هاشِمٌ والـمُطَّلِبُ وعَبدُ شَمسٍ ونَوفَلٌ، ثُمّ كان بَين هاشِمٍ والمطَّلِبِ معَ الأُخُوّةِ مُصادَقةٌ، وأَوصَى هاشِمٌ إلى المطَّلِب فماتَ في سَفْرةٍ له وتَرَك ابْنًا له بالـمَدِينةِ مِن امرأةٍ مِن أَهلِها كان سَمّاها شَيْبةَ، فخَرَجَ الـمُطَّلِبُ إلى الـمَدِينةِ فأخَذَ الوَلَد ورَجَع إلى مَكّةَ، فرَءاه ناسٌ مُرْدِفَهُ فظَنُّوه عَبدًا له فقالوا: هذا عَبدُ الـمُطَّلِبِ، فغَلَبَتْ علَيه، ورَبّاهُ المطَّلِبُ واستَمرَّتِ المودَّةُ بَين الحَيَّين حتّى جاء الإسلامُ، فلمّا عاندَتْ قُريشٌ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم قامَ في نُصْرَتِه بَنُو هاشِمٍ وبَنو المطَّلِب مُسلِمُهُم وكافِرُهُم إلّا مَن شَذَّ، ولـمّا تعاقَدُوا على أنْ لا يُبايِعوا بَني هاشِمٍ ولا يُناكِحوهُم وحصَرُوهُم في الشِّعْبِ حتّى يُسلِمُوا إليهم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم دخَل بَنُو المطَّلِب مع بَنِي هاشِم في تلك دُونَ سائِر قُرَيشٍ، فإلَى ذلك الإشارةُ بما وقَع في الحدِيث، والقِصّةُ مبسوطةٌ في السّير النّبَويّة.
[1])) قال شيخُنا رحمه الله: «معناه إذَا وُجِدَ مِنهُم لا يَجُوز نَصبُ خَلِيفةٍ مِن غَيرِهم، أمّا إنْ لَم يُوجَد مِنهُم فيَجُوز نَصبُ خَلِفةٍ مِن غَيرِهم. أمّا العُثمانِيُّونَ فلَهُم حُكمُ الخِلافةِ لأنّ الـمُتقدِّمِين مِنهُم كانوا عُدولًا وكان فِيهم فَهمٌ لِتَدبِير شُؤونِ البلاد، ولَم يَكُن في ذلكَ الوَقتِ في العرَبِ مَن هو صالِحٌ للخِلافةِ. الرّسولُ r قال: «الخِلَافَةُ فِي قُرَيشٍ» فإِن وُجِدَ مِنهُم مَن يَصلُحُ لذلكَ لا يَجُوز تَوَلِّيهِ مِن غَيرِهم. هؤلاءِ الأربَعةُ أبو بَكرٍ وعُمَر وعثمانُ وعليّ رضي الله عنهُم كُلُّهم مِن قُرَيشٍ، أمّا إذَا لَم يُوجَد مِن قُرَيشٍ مَن يَصلُحُ للخِلافةِ يُوَلَّى مِن غَيرِهم مَن يَصلُحُ لأنّ نُبَلاءَ قُرَيشٍ وذلكَ لمعنًى في قُرَيشٍ. الرّسولُ r قرَشِيّ وكُلُّ مَن هو أهلٌ للخِلافةِ مِن قُرَيشٍ فهو يُقَدَّمُ على غَيرِهم فهو أَولَى مِن غَيرِهم. مُعاوِيةُ مِن قُرَيشٍ والّذِين كانُوا بَع>َه وحكَمُوا مِن بَنِي أُمّيّةَ كُلٌّ مِن قُرَيشٍ لَكِ، لَيسُوا بصِفةِ أولئكَ، ومعَ ذلكَ هؤلاءِ الّذينَ حكَمُوا وهُم مِن قُرَيشٍ لا يجُوز قِتالُهم بالسِّلاح إلّا أنْ يَكفُروا.
الخَلِيفةُ مَن يَحكُم جمِيعَ المسلِمِينَ ليسَ مُسلمِي ناحِيةٍ مَخصُوصةٍ كأبِي بَكرٍ وعُمرَ وعُثمانَ عليٍّ والخُلَفاءِ الّذين جَاؤُوا بَعدَهم، خَلِفةٌ واحِدٌ يَحكُم جمِيعَ المسلمينَ في جَمِيع أقطارِ الدُّنيا أيّامَ أبِي بَكرٍ خَليفةٌ واحِدٌ يَكُم جمِيعَ الـمُسلمِينَ يُوَلِّي وُلاةً في النَّواحي ويَكونُ الـمَرجِعُ هو، كذلكَ عمَرُ، كذلكَ عثمانُ، ومَن جاءَ بَعدَه مِن الخُلَفاءِ، هذَا الحاكِمُ يَحكُم جمِيعَ المسلمِينَ في أقْطارِ الأرضِ مَن يَعرِفُه مِنهُم ومَن لا يَعرِفُه. لَـمّا بُويعَ أبو بَكرٍ وعمَرُ وعثمَانُ وعَليّ كُلُّ مُسلِمٍ علَى رقَبَتَهِ أنْ يُطِيعَ هؤلاءِ في زَمانِهِ، هذا معنَى الخَلِيفة. ما جاءَ مِثلُ الخُلَفاءِ الأربعةِ مَن هو يَهتدِي لِتَدابِير أمُورِ الأُمّةِ. هو نَصْبُ الخَلِيفةِ واجبٌ على الـمُسلمِين إنِ استَطاعُا، لكِن اليومَ لا يَستطِيعُونَ، ليسَ علَيهِم ذَنْبٌ. الخِلافةُ مُنذ زَمانٍ انقَطَعتْ. حِزبُ التَّحرِير يُشَوِّشُونَ علَى النّاسِ باسمِ الخِلافةِ.
الخَلِفةُ مِنَ يَحكُمُ جَمِيعَ المسلمِينَ ليسَ مُسْلِمِي ناحِيةٍ مَخصُوصةٍ كأبِي بَكْرٍ وعُمرَ وعُثمانَ وعَليّ، خَلِيفةٌ واحِدٌ يَحكُم جَمِيعَ المسلمِينَ في جَميعِ أقْطارِ الدُّنيا. الرّسولُ r قالَ: «الخِلافَةُ فِي قُرَيشٍ» إنْ وُجِدَ فيهِم مَن يَصلُحُ لذلكَ لا يَجُز تَولِيةُ غَيرِهم هؤلاءِ الأربَعةُ كُلُّهُم مِن قُرَيشٍ، أمّا إذَا لو يُوجَدْ مِن قُرَيشٍ مَن يَصلُحُ يَجوزُ تَولِيةُ مَن ليسَ مِن قُرَيشٍ. الرّسولُ r خَصَّ قُرَيشًا بوَحيٍ مِن اللهِ لأنّ نُبَلاءَ قُرَيشٍ أفضَلُ مِن غَيرِهم وذلكَ لمَعنًى في قُرَيشٍ، اللهُ أَعطَاهُم خُصُوصيّةً. الرّسولُ r مِن قُرَيشٍ وكذلكَ مَن جاءَ بَعدَه كابي بَكرٍ وعُمرَ وعُثمانَ وعليّ. مَن هو يَهتدِي اهتِداءً كامِلًا لِتَدبيرِ شُؤونِ الأُمّة، ليسَ كُلُّ قُرَيشٍ كذلكَ، مُعاويةُ مِن قُرَيشٍ والّذِين كانُوا بَعدَه مِن بَنِي أُمَيّةً حكَمُوا كُلٌّ مِن قُرَيشٍ لكِن لَيسُوا بِصِفةِ أولئكَ، لكِن مَن كانَ مِنهُم مُسلِمًا فاسِقًا لا يَجوزُ رَفعُ السِّلاحِ علَيه لِخَلْعِه، أمّا إنْ كَفَرَ فيَجوزُ».اهـ. كلام شيخنا.
[2])) قال المناوي في التيسير (1/42): «(اسْتُرْحِمُوا)، أي: طُلِبَت مِنهُم الرَّحمةُ».
[3])) قال الخطّابي في غريب الحدِيث (1/363): «هذَا علَى جِهةِ الإخبارِ عنهُم لا علَى طرِيقِ الحُكمِ فيهِم، يَقُول: إذَا صَلَحَ النّاسُ وبَرُّوا وَلِيَّهُم الأَخيارُ، وإذَا فَسَدُوا وفَجَرُا سَلَّطَ اللهُ علَيهِم الأَشرارَ».
[4])) قال ابن الأثير في النّهاية (4/243): «يقال: لَحَوتُ الشجَرةَ ولحَيتُها والْتَحَيتُها إذَا أخَذتُ لِحاءَها وهو قِشرُها».
[5])) أي: مِن الإعطاءِ، وليسَ ذلك باعتِراضٍ مِنهُم علَى حُكمِ رَسولِ الله r بل هو سُؤالٌ عن سبَبِ ذلِكَ.
[6])) قال القَسطلّانيُّ في إرشاد الساري (6/7): «أي: في الانتِسابِ إلى عَبدِ مَنافٍ، لأنّ عَبدَ شَمسٍ ونَوْفَلًا وهاشِمًا والـمُطَّلِبَ بَنُوهُ».
[7])) أي: مِن سَهمِ ذِي القُرْبَى.