الإثنين أبريل 21, 2025

باب في الـمَناقِبِ

  • عن أبِي رافِعٍ رضي الله عنه مَولَى رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم قال: خرَجْنا معَ عَلِيّ بنِ أبِي طالِبٍ رضي الله عنه حِينَ بَعثَه رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم برايَتِه يَومَ خَيبَرَ([1])، فلَمّا دَنا مِن الحِصْنِ خرَجوا إلَيهِ فقاتَلَهُم، فضَرَبَ رَجلٌ مِن يَهودِ خَيبَرَ([2]) عَلِيًّا ضَربةً فأَلْقَى تُرْسَه مِن يَدِه، فَتناوَلَ عَلِيٌّ بابًا كانَ عِندَ الحِصْنِ فتَتَرَّسَ بِه، فلَم يَزَلْ في يَدِه وهو يُقاتِلُ حتّى فَتَحَ اللهُ علَيهِ فألْقاهُ، فلقَد رأَيْتُنِي في سَبعةٍ سِوايَ نَجتَهِدُ علَى أنْ نَقْلِبَ ذلكَ البابَ فلا نَقْلِبُه»([3]). هذا حدِيثٌ حسَنٌ أخرجَه الإمامُ أحمدَ.
  • عن عُمارةَ بنِ خُزَيمةَ بنِ ثابتٍ أنّ عَمَّه وهو مِن أصحابِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم حدَّثَه أنّ النّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ابتاعَ فَرَسًا مِن أعرابيّ فاسْتَتْبَعَهُ النّبِيُّ لِنَقْصِه ثَمنَ فَرَسِه، فأسرَعَ النّبيُّ صلى الله عليه وسلم الـمَشيَ وأبطَأَ الأعرابيُّ، فطَفِقَ([4]) رِجالٌ مِن أصحابِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَعتَرِضونَ الأعرابيَّ ويُساومُونَهُ الفَرَسَ([5]) حتى زاد بَعضُهُم في السَّوْم على الثَّمَن الّذي ابتاعَ به النّبيُّ صلى الله عليه وسلم الفَرَسَ ولا يَشعُرونَ أنّ النّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ابتاعَهُ، فنادَى الأعرابيُّ النّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: إنْ كُنتَ مُبتاعًا الفَرسَ فابتَعْهُ وإلا بِعْتُه، فقام النّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حتّى سمِعَ الأعرابيَّ فقال: «أوَ لَيسَ قدِ ابْتَعْتُهُ مِنْكَ؟» فقال الأعرابيُّ: لا واللهِ ما بِعْتُكَهُ، فقال النّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «بَلى قَدِ ابْتَعْتُهُ مِنْكَ»، فطَفِقَ النّاسُ يَلُوذُونَ بالنّبِيّ([6]) صلى الله عليه وسلم وبالأعرابِيّ وهُما يَتراجَعانِ([7])، فطَفِقَ الأعرابيُّ يقول: هاكُم شَهِيدًا يَشهَدُ أنّي قَد بايَعتُكَ، فمَن جاءَ مِن أصحابِ النّبي صلى الله عليه وسلم قال للأعرابيّ: ويلَكَ إنّ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم لَم يَكُن لِيَقولَ إلّا حَقًّا، حتّى جاءَ خُزيمَةُ بنُ ثابتٍ رضي الله عنه فاستَمَعَ لِمُراجَعةِ النّبيِّ صلى الله عليه وسلم والأعرابيِّ فقال: أنا أشهَدُ أنّكَ قد بايَعْتَهُ، فأقبَل النّبِيُّ صلى الله عليه وسلم على خُزَيمةَ فقال: «بِمَ تَشْهَدُ؟»، قال: بتَصديقِكَ يا رسولَ الله، فجَعَل النّبيُّ صلى الله عليه وسلم شهادَتَهُ بشَهادةِ رَجُلَينِ. هذا حديث صَحِيح أخرجه أبو داود.
  • حدّثَنِي محمّدُ بنُ زُرارةَ بنِ عبدِ اللهِ بنِ خُزيمةَ بنِ ثابتٍ عن أبِيه رضي الله عنه أنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اشتَرَى فَرَسًا مِن سَواءِ بنِ الحارِث الـمُحارِبِيّ فجَحَدَهُ([8])، فشَهِدَ له خُزيمةُ بنُ ثابتٍ فقال له: «ما حَملَكَ عَلَى هَذَا وَلمْ تَكُنْ حاضِرًا مَعَنا؟»، قال: صَدَّقْتُكَ بما جِئتَ بِه وعَلِمتُ أنّكَ لا تَقُولُ إلّا حَقًّا، فقال النّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ شَهِدَ لَهُ خُزَيمَةُ أو شَهِدَ عَلَيهِ فَحَسْبُهُ([9])». هذا حدِيثٌ حسَنٌ أخرجَه ابن خُزيمةَ.

[1])) ممنوعةٌ مِن الصَّرفِ للعلَمِيّة والتّأنيثِ. قال النوويّ في تهذِيب الأسماء واللُّغات (3/103): «البَلدةُ المعرُوفةُ علَى نحوِ أربَعِ مَراحِلَ مِن المدِينةِ إلى جِهةِ الشّامِ ذاتُ نَخِيلٍ ومزارعَ، فتَحَها رسولُ الله r في أوائِل سنَةِ سَبعٍ مِن الهِجرةِ، أقامَ رَسولُ الله r علَى حِصارِهم بِضعَ عَشْرةَ لَيلةً».

[2])) هو مَرحَبُ بنُ الحارِثِ اليَهوديُّ، قاله ابن عساكِرَ في «تاريخ دِمشقَ» (55/268).

[3])) وروَى البَيهقيُّ في الدّلائِل (4/212) من طَرِيقَين إلى أبِي جَعفرٍ محمَّدِ بنِ عَليّ عَن ءَابائِهِ قالَ: «جَرَّبَ بعدَ ذَلِكَ فلَم يَحْمِلهُ أربعونَ رَجُلًا»، والحديث رِجالُه ثِقاتٌ إلَّا لَيثَ بنَ أبي سُلَيمٍ مُصغَّرًا فضَعِيفٌ. قال الحافظُ العسقلانيُّ في «الفَتح» (7/478): «والجَمعُ بينَهما أنّ السَّبعةَ عالَـجُوا قَلْبَه والأربعِينَ عالَـجوا حَمْلَه».

[4])) أي: جعَلَ.

[5])) أي: يطلُبونَ مِنه بَيعَه.

[6])) قال البدر العَينيّ في نُخَبِ الأفكار (14/449): «قولُه: (يَلُوذُونَ بالنَّبِيّ r)، أي: يَنضَمُّون بِه وبالأعرابِيّ».

[7])) أي: يُراجِعُ أحدُهما الآخَرَ.

[8])) أي: أنْكرَ سَواءٌ بَيْعَه.

[9])) أي: يَكفِيهِ.