باب صِفةِ الأَذَانِ
- عند عبدِ اللهِ بن زيدٍ رضي الله عنه قال: لـمّا أمَرَ رَسولُ الله r بالنّاقوسِ([1]) يُضرَبُ به للنّاسِ للجَمْع إلى الصّلاة، أطافَ بِي وأنا نائمٌ رَجلٌ معَه ناقوسٌ، فقلتُ: يا عبدَ اللهِ أتَبيعُ النّاقوسَ؟ قال: فقال: ما تصْنَعُ بِه؟ فقلتُ: نَجمَعُ النّاسَ إلى الصّلاة، قال: فقال: ألَا أَدُلُّكَ على خَيرٍ مِن ذلكَ؟ فقلتُ: بلَى، قال: تقولُ: اللهُ أكبَرُ اللهُ أكبَرُ، اللهُ أكبَرُ اللهُ أكبرُ، أشهدُ أن لا إلـٰـه إلّا اللهُ، أشهدُ أن لا إلـٰـه إلّا اللهُ، أشهَدُ أنّ محمّدًا رسولُ اللهِ، أشهَدُ أنّ محمّدًا رَسولُ اللهِ، حيَّ علَى الصّلاةِ حيَّ علَى الصّلاةِ، حيَّ علَى الفلاحِ حيَّ علَى الفَلاحِ، اللهُ أكبَرُ اللهُ أكبَرُ، لا إلـٰه إلّا اللهُ، قال: ثُمّ استَأْخَر([2]) عَنِّي غَيرَ بَعيدٍ قال: تقول إِذَا أُقِيمَتِ الصّلاةُ: اللهُ أكبَرُ اللهُ أكبَرُ، أشهَدُ أن لا إلـٰه إلّا اللهُ، أشهَدُ أنّ محمَّدًا رَسولُ اللهِ، حيَّ علَى الصّلاةِ، حيَّ على الفَلاحِ، قد قامتِ الصّلاةُ قد قامتِ الصّلاةُ، اللهُ أكبَرُ اللهُ أكبَرُ، لا إلـٰه إلّا الله، قال: فلَمّا استَيقَظْتُ أتَيتُ رَسولَ اللهِ r فأخبَرْتُه بما رأيتُ فقال: «إِنَّها لَرُؤْيَا حَقٍّ إنْ شاءَ اللهُ، فقُمْ مَعَ بِلالٍ فأَلْقِها علَيهِ فَلْيُؤذِّنْ بِها فَإنَّهُ أنْدَى صَوْتًا مِنكَ([3])»، قال: فقُمتُ مع بلالٍ فجعَل يُؤذِّنُ فأُلقِيْ علَيه، قال: فسَمعَ بذلكَ عمَرُ ابنُ الخطّابِ رضي الله عنه وهو في بيتِه فخرَج يَجُرُّ رِداءَه فقال: والّذِي بعَثَكَ بالحَقِّ لقَد رأَيتُ مِثلَ ما رأَى([4])، فقال رَسولُ الله r: «فَلِلَّهِ الحَمْدُ». هذا حديثٌ حسَنٌ أخرجَه ابنُ خُزيمةَ.
- عن ابنِ أبِي مُحَيرِيزٍ عن أبِي مَحْذُورةَ أنّ رسولَ الله r أمَرَ نَحوًا مِن عِشرينَ رجُلًا أن يؤذِّنُوا فأعجَبَهُ صَوتُ أبِي مَحذُورةَ فعَلَّمَهُ الأذانَ: «اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلـٰهَ إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلـٰـهَ إِلا اللهُ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ، حَيَّ عَلَى الصَّلاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلاحِ، حَيَّ عَلَى الْفَلاحِ([5])، اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لا إِلَهَ إِلا اللهُ».
- وبالسنَّدِ الماضِي إلى الدّارِميّ قال أخبرنا أبو الوليد الطّيالِسيُّ وحَجّاجُ بنُ مِنهالٍ قالا حدّثنا هَمّامٌ قال حدّثَني عامرُ بنُ عبدِ الواحِد قال: حدَّثَني مَكحولٌ أنّ عبدَ الله بن مُحَيرِيزٍ حدَّثَه أنّ أبا مَحذُورةَ رضي الله عنه حَدّثَه «أنّ رسولَ اللهِ r عَلّمَهُ الأَذانَ تِسعَ عَشْرَةَ كَلِمةً([6])». هذا حديثٌ صحيحٌ أخرجَه أبو داود.
- عن محمّدِ بنِ عبد الـمَلِك عن أبِيه عن جَدِّه أبِي مَحْذُورةَ رضي الله عنه قال: قلتُ يا رسولَ اللهِ عَلِّمْني سُنّةَ الأَذانِ، قال: فمَسَح برَأْسي فقال: «تَقُولُ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلـٰهَ إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلـٰـهَ إِلا اللهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، تَخْفِضُ بِها صَوْتَكَ ثُمَّ تَرْفَعُ صَوْتَكَ فَتَقولُ: أَشْهَدُ أَنْ لا إلـٰـه إِلَّا اللهُ، أَشهَدُ أَنْ لا إلـٰـه إِلَّا اللهُ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللهِ» فذكَر بقِيَّتَه مِثلَه وزادَ: «فَإِذَا كانَ صَلاةُ الصُّبْحِ فَقُلِ: الصَّلاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ، مَرَّتَينِ». أخرجَه أبو داودَ عن مُسدَّدٍ بهذا الإسناد.
- وعن سُفيانَ الثَّورِيّ عن أبِي جَعفرٍ الفَرّاءِ عن أبِي سَلْمانَ عن أبِي مَحذُورةَ رضي الله عنه قال: كُنتُ أُؤَذِّنُ للنَّبِيّ r فأقُولُ في أذانِ الفَجْرِ إِذَا قُلتُ: حَيَّ عَلَى الفَلاحِ «الصَّلاةُ خَيرٌ مِنَ النَّومِ» مَرَّتَين. هذا حدِيثٌ حسَنٌ أخرجَه النَّسائيّ.
- عن بلالٍ رضي الله عنه أنّه أتَى النّبِيَّ r يُؤْذِنُه([7]) بالصَّلاةِ فقِيلَ له إنّه نائِمٌ، فنَادَى «الصَّلاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّومِ» فأُقِرَّت في صَلاةِ الفجْرِ. هذا حدِيثٌ حسَنٌ أخرجَه ابنُ ماجه.
- عن أنَسٍ رضي الله عنه قال: «أمَرَ رَسولُ اللهِ r بِلالًا أنْ يَشْفَعَ الأَذانَ([8]) ويُفْرِدَ الإقامةَ». هذا حديثٌ حسَنٌ صحِيحٌ أخرجَه النَّسائيّ.
- ومما صَحَّ أيضًا في هذا البابِ حدِيثُ بنِ عمرَ رضي الله عنهما صحَّحَه أبو عَوانةَ مِن وَجهَين، وهو عِندَ أصحابِ السُّنَن وابنِ خُزَيمةَ أيضًا وابنِ حِبّانَ مِن أحَدِ الوَجهَين، ولَفظُه: «كانَ الأَذانُ عَلَى عَهدْ رَسُولِ اللهِ r مَرَّتَينِ مَرَّتَينِ([9]) وَالإِقامَةُ مَرَّةً مَرَّةً إِلَّا قَولَه: قَدْ قامَتِ الصَّلاةُ».
- عن سَعدِ بنِ عمّارِ بنِ سَعدِ القَرَظِ([10]) عن أبِيه عن جَدِّه سَعدِ القَرَظِ رضي الله عنه «أنّ بِلالًا كان يُؤذِّنُ مَثْنَى مَثْنَى([11]) ويتَشَهَّدُ مُضَعَّفًا([12]) وإقامَتُه مُفرَدةٌ». هذا حديثٌ حسَنٌ أخرجَه الحاكِم.
- عن عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ رضي الله عنهُما قال: «كانَ الأَذانُ علَى عَهدِ رَسولِ الله r مَثْنَى مَثْنَى والإقامةُ مَرّةً مَرّةً إلّا قولَه: قد قامَتِ الصّلاةُ قد قامَتِ الصّلاةُ». هذا حديثٌ حسَنٌ أخرجَه أبو عَوانةَ في «صَحِيحه» عن يُونسَ بنِ حَبِيبٍ.
- عن عبدِ اللهِ بنِ مُحَيرِيزٍ أنّ أبا مَحذُورةَ رضي الله عنه حدَّثَه «أنّ النّبِيَّ r عَلَّمَهُ الأذانَ تِسعَ عَشْرةَ كلِمةً والإقامةَ سَبْعَ عَشْرةَ كلِمةً، فذَكَر الأذانَ بالتَّربِيع([13]) والتَّرجِيع»([14])، قال: «والإقامةَ مَثْنَى». هذا حديثٌ صحِيحٌ أخرجه أحمدُ عن عَفّانَ([15]).
- عن يزيدَ بنِ أبِي عُبَيدٍ قال: «كان سَلَمةُ بنُ الأكوَعِ([16]) إِذَا لَم يُدرِك الصّلاةَ معَ القَومِ أذَّنَ وأقامَ وثَنَّى الإقامة». هذا حديثٌ صحِيحٌ موقوفٌ أخرجَه الدارَقطنيّ.
وقد جاء عن سَلَمةَ أنّ الإقامةَ فُرادَى، فيُمكِنُ الجَمعُ بَين حدِيثَيهِ بأنْ يُحمَل أحدُهما على أغلَب الأحوالِ.
- عن سَلَمةَ بنِ الأَكوَعِ رضي الله عنه قال: «كانَ الأَذانُ علَى عَهدِ رَسولِ الله r مَثْنَى مَثْنَى والإقامةُ فُرادَى». هذا حديثٌ حسَنٌ أخرجَه البَيهقيّ.
- وبالسّنَد إلى الدّارَقُطني حدّثنا محمّدُ بنُ مَخْلَدٍ حدّثنا الحسَنُ بنُ عَرَفَةَ حدّثنا مَرحومُ بنُ عبدِ العزيز العَطّارُ عن أبِيه عن أبِي الزُّبَيرِ في بَيتِ الـمَقدِس قال: جاءَنا عمَرُ بنُ الخطّاب رضي الله عنه فقال: «إِذَا أَذَّنْتَ فتَرَسَّلْ([17])، وإذَا أقَمْتَ فاحْذِمْ([18])». هذا حدِيثٌ موقوفٌ حسَن الإسناد.
- عن عبد الرّحمـٰـن بنِ سَعدِ بنِ عمّارِ بنِ سَعدِ القَرَظِ حدّثني أبِي عن أبِيه عن جَدِّه سَعدِ القَرَظِ رضي الله عنه مُؤذِّنِ رسولِ الله r أنّ رَسولَ الله r أمَرَ بِلالًا أنْ يَجعَل إصبَعَيهِ في أذُنَيهِ وقال: «إِنَّهُ أَرْفَعُ لِصَوْتِكَ»([19]). هذا حدِيثٌ حسَنٌ أخرجَه ابن ماجهْ.
- عن زَيدِ بنِ سَلّامٍ أنّه سَمِعَ أبا سَلّامٍ يَقول حدَّثني عبدُ الله الهَوازِنيُّ قال: لَقِيتُ بِلالًا رضي الله عنه فقلتُ له: حَدِّثْني كيفَ كانتْ نَفَقةُ رَسولِ الله r؟ فذكَرَ الحدِيثَ بطُولِه وفيه: قال بلالٌ: «فخَرَجتْ إلى البَقِيع فجَعَلتُ إِصبَعَيَّ فِي اُذُنَيَّ فنادَيتُ». هذا حدِيثٌ حسَنٌ أخرجَه أبو داود.
- عن أبي هرَيرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللهِ r: «الإِمامُ ضامِنٌ([20])، وَالـمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ([21])، فَأَرْشَدَ اللهُ الأئِمَّةَ وَغَفَرَ لِلْمُؤْذِّنِينَ». هذا حدِيثٌ حسَنٌ أخرجَه أبو داود والترمذيّ وابن خُزَيمةَ وابنُ حِبّان.
- ولِعَبدِ الله بنِ عَمْرو حديثٌ ءاخَرُ أخرجه أبو داود والنّسائيُّ وصحَّحه ابنُ حبّان ولفظُه: أنّ رجُلًا قال: يا رسولَ اللهِ، إنّ الـمُؤذِّنينَ يَفْضُلونَنا([22])، فقال: «قُلْ كَما يَقُولُونَ، فَإِذَا انتَهَيْتَ فَسَلْ تُعْطَ([23])».
[1])) قال ابن الأثير في النهاية (5/106): «النَّفْسُ الضَّربُ بالنّاقوسِ وهي خشَبةٌ طوِيلةً تُضرَبُ بخَشَبةٍ أصغرَ مِنها، والنّصارَى يُعلِمُون بِها أوقاتَ صلاتِهم».
[2])) أي: تأخّرَ.
[3])) قال ابن الأثير في النهاية (5/37): «أرفَعُ وأَعلَى، وقيل: أحسَنُ وأعذَبُ».
[4])) وفي نُسخةٍ: «أُرِيَ».
[5])) قال ابن الأثير في النهاية (1/472): «(حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الفَلَاحِ)، أي: هَلُمُّوا إِلَيهِما وأَقبِلُوا وَتَعالَوا مُسرِعِينَ».
وقال السُّيوطي في شرح مسلم (2/119): «أي: هَلُّمُّوا إلى الفَوزِ والنَّجاة، وقيل: إلى البَقاء، أي: إلى سبَبِ الفَوزِ والبَقاءِ في الجنّةِ. قال النووِيّ: والفَلَحُ بفَتح اللّام لغةٌ في الفَلاح. قُلتُ: ورَدَتْ في الأذان في «سُنَن سَعِيد بنِ منصُور» عن أبِي مُلَيكة أنّ النَّبِيَّ r أَذَّنَ في مَرّةٍ فقال: «حَيَّ عَلَى الفَلَحِ»».
[6])) قال مجد الدّين بن الأثير في شرح مُسنَد الشافعي (1/422): «والأذانُ عِندَ الشافعِيّ تِسعَ عَشْرَة كلِمةً: التكبيرُ أوّلًا أربعُ كلِماتٍ، والشَّهادتانِ ثَمانِي كلِماتٍ؛ أربعٌ يقولُها في نَفْسِه وأربعٌ يقُولُها ظاهِرًا، والحَيْعَلةُ أربعُ كلِماتٍ، والتكبِيرُ الآخِرُ كلِمتانِ، والتهلِيلُ كلِمةٌ واحِدةٌ، فهذه تِسعَ عَشْرةَ كلِمةً، كُلُّ كلِمةٍ مِنها جُملةٌ مِن كَلِماتٍ، وليس المرادُ بالكلِمة لَفظةً واحدةً. ويَزِيدُ في أذانِ الصُّبحِ التَّثوِيبَ مرَّتَين فيَصِيرُ إِحدَى وعِشرِينَ كَلمةً». والتّرجيعُ أن يأتي بالشَّهادتَين مرَّتَين سِرًّا قَبلَ الجَهرِ بهِما.
[7])) أي: يُعْلِمُه.
[8])) أي: يأتِيَ بمُعظَم ألفاظِه شَفعًا.
[9])) قال الشّهاب الرَّملي في شرح أبي داود (3/442): «أي: غالِبُه وإلّا فالتَّكبِيرُ أربعًا، ولا إلـٰـه إلّا اللهُ ءاخِرَه مَرّةً».
[10])) قال ابنُ قُرْقُول في الـمَطالِع (5/423): «سَعدُ القَرَظ علَى الإضافةِ، ومِنهُم مَن يَجعلُه وصْفًا (سعدٍ القرَظِ)، وأصلُه أنّه كانَ يَتجر بِه».
[11])) أي: مرَّتَين مرَّتَين.
[12])) أي: تشهُّدًا مُكرَّرًا.
[13])) أي: بِتَربِيع التَّكبِير.
[14])) قال شيخنا رحمه الله: «التّرجيعُ في الأذانُ هو أن يَذكُر المؤذّنُ الشّهادتَين سِرًّا ثم يَذكُرهما جَهرًا».
[15])) هو: عَفّانُ بنُ مُسلِمٍ الباهِليّ مولى عُزْرةَ بنِ ثابتٍ الأنصاريّ، أحَدُ كِبار الآخذِين عن تَبَعِ الأتباعِ.
[16])) كانَ رضي الله عنه واِسعَ الجَريِ يَسبِقُ الخَيلَ جَرْيًا، وقَد ثبَـتَ في الصّحِيح أنّهُ لَحِقَ بالـمُشركِينَ الّذِينَ أخَذُوا نُوقًا للنّبِيّ r جَرْيًا والمشرِكُونَ على الخيُولِ وقَد نأوا عَنهُ بمسَافةٍ فأَدْركَهُم.
[17])) قال ابن الأثير في النهاية (2/223): «يقال: تَرسَّلَ الرجُل في كلامِه ومَشْيِه إذَا لَم يَعجَلْ وهو التّرتيلُ سَواءٌ».
وقال الملّا عليّ في المرقاة (2/551): «أيْ تَمهَّلْ وافصِلِ الكلماتِ بعضَها مِن بَعضٍ بسَكتةٍ خَفِيفةٍ».
[18])) قال ابن الأثير في النهاية (1/357): «(إِذَا أَقَمْتَ فاحْذِمْ) الحَذْمُ الإسراعُ، يرِيدُ عَجِّل إقامةَ الصلاةِ ولا تُطوِّلْها كالأذانِ. وأصلُ الحَذْمِ في الـمَشيِ الإسراعُ فيه».
[19])) قال الطِّيبي في شرح المشكاة (3/909): «يَعنِي حالةَ جَعلِ إصبعَيهِ في أذُنَيهِ أرفَعُ لِصَوتِه في غيرِ تِلكَ الحالةِ. ولعَلّ الحِكمةَ أنّه إذَا سَدَّ صِماخَيه لا يَسمَعُ إلّا الصَّوتَ الرَّفِيعَ فيَتحرَّى في استِقصائِه».
[20])) قال ابن الأثير في النهاية (3/102): «(الإِمامُ ضامِنٌ وَالـمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ) أراد بالضَّمانِ ههنا الحِفظَ والرِّعايةَ لا ضَمانَ الغَرامةِ لأنه يَحفظُ على القومِ صلاتَهم. وقيل: إنَّ صلاةَ الـمُقتَدِين به في عُهدتِه وصِحّتُها مقرونةٌ بصِحّةِ صَلاتِه فهو كالـمُتكفِّلِ لهم صِحَّةَ صلاتهم».
وقال شيخنا رحمه الله: «(الإِمامُ ضامِنٌ)، معناه: علَيه أنْ يَلتزِمَ بوَظِيفَتِه لا يَنقُص مِنها شيئًا، معناه: عليه أنْ يُراعِيَ مَصلحةَ المأمُومِين».
فائدة: وورَد الضَّمانُ في أحاديثَ أخُرَ كقولِه r: «مَن تَطَبَّبَ ولَم يُعرَفْ بهِ فَهُوَ ضامِنٌ» رواه أبو داودَ في السُّننِ. قال شيخُنا رحمه الله: «أجمعَ العلَماءُ على أنّهُ لا يجوزُ مُعاطاةُ الطِّبِّ لعِلاجِ المرضِ لمنْ لَيسَ لهُ خُبرَةٌ ولم يكُن منَ الأطِباء. ومعنى الحديثِ: أنّ مَن لا يَعرِفُ خَصائصَ الأدويةِ وأحوالَ الأمراضِ مع اختِلافِ الأوقاتِ يَحرمُ علَيه أن يُباشِرَ علاجَ المرضِ بالأعشابِ ونحوِها».
[21])) قال الشّهاب الرَّمليّ في شرح أبي داود (3/462): «(وَالـمُؤَذِّنُ مُؤتَمَنٌ)، أي: أَمِينٌ في مُراعاةِ أوقاتِ الصَّلَواتِ؛ لأنّ النّاسَ يُصلُّون بأذانِه ويَعتمِدُونَ علَيه في أذانِه ويُفطِرُون بأذانِه».
[22])) قال الملّا عليّ في المرقاة (2/570): «أي: يَحصُل لهُم فَضلٌ ومَزِيَّةٌ علَينا في الثَّوابِ بسبَبِ الأذانِ، والظّاهِرُ أنّه خبَرٌ يَعنِي فما تأمُرُنا بِه مِن عمَلٍ نَلحَقُهم بِسَبِبه».
[23])) قال شيخنا رحمه الله: «الدُّعاءُ بَين الأذانِ والإقامةِ مُستجابٌ. فقد صَحَّ حدِيث أنّ الدُّعاءَ بَين الأذانِ والإقامةِ لا يُرَدُّ. عن أنسٍ رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ اللهِ r: «الدُّعاءُ بَينَ الأَذَانِ وَالإقامةِ لا يُرَدُّ» أخرجه النَّسائيُّ وغيرُه، وصحَّحهُ ابنُ حِبّان وغيرُه».