الأربعاء مايو 14, 2025

باب دعاءِ الاسْتِخارَة

  • عن أبي سَعيدٍ الخُدريّ رضي الله عنه قال: سمِعتُ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: «إِذَا أَرادَ أَحَدُكُم أَمْرًا فَلْيَقُلْ» فذكَر الحدِيثَ أي ما مرَّ في روايةِ جابرٍ وهو: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ([1])، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ([2])، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلا أَقْدِرُ وَتَعْلَمُ وَلا أَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلمُ هَذَا الأَمْرُ([3]) – يُسَمِّيهِ مَا أَرادَ مِنْ شَيءٍ – خَيْرًا لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي» أوْ قالَ: «خَيْرًا لي في عَاجِلِ أَمْرِي وَءاجِلِه([4]) فاقْدُرْهُ لِي([5]) وَيَسِّرْهُ لِي وَبَارِكْ لِي فِيهِ، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ هَذا الأَمْرَ شَرًّا لِي – يَقُولُ مِثلَ ما قالَ فِي الأوَّل – فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِيَ الخَيْرَ حَيْثُما كانَ ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ»([6]) وفي ءاخرِه: «وَاقْدُرْ لِيَ الخَيْرَ أيْنَمَا كانَ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا باللهِ». هذا حدِيثٌ حسَنٌ أخرجَه ابنُ أبي الدُّنيا في كتاب «الدّعاء».
  • عن الولِيد بنِ أبِي الولِيد أنّ أيّوبَ بنَ خالدِ بنِ أبِي أيُّوبَ الأنصاريَّ حدّثَه عن أبِيه عن جدِّه أبي أيُوبَ رضي الله عنه أنّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: «اكْتُمِ الْخِطْبَةَ ثُمَّ تَوَضَّأْ فَأَحْسِنْ وُضُوءَكَ، ثُمَّ صَلِّ مَا كَتَبَ اللهُ لَكَ، ثُمَّ احْمَدْ رَبَّكَ وَمَجِّدْهُ»، ثُمَّ قال: «قُلِ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَقْدِرُ وَلا أَقْدِرُ» إلَى قَولِه: «الْغُيُوبِ، فَإِنْ رَأَيْتَ لِي فِي فُلانَةَ – يُسَمِّيهَا بِاسْمِهَا – خَيْرًا فِي وَدُنْيَايَ وَءاخِرَتِي فاقْضِ لِي بِهَا». هذا حدِيثٌ حسَنٌ صحِيحٌ لِشواهدِه، أخرجَه ابنُ خُزيمةَ.
  • عن أبي هُريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَرادَ أَحَدُكُم أَمْرًا فَلْيَقُلِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ([7])» فذكَر الحديثَ نحوَ سِياقِ جابِرٍ. هذا حدِيثٌ حسَنٌ أخرجَه أبو أحمدَ بنُ عَدِيٍّ في «الكامِل».
  • عن عبدِ الرَّحمـٰـنِ بنِ أبِي الـمَوالِي قال: سَمِعتُ محمّدَ بنَ الـمُنكَدِر يُحدِّثُ عن جابرِ بنِ عبدِ الله رضي الله عنهُما قال: كانَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُعلِّمُنا الاستِخارةَ كما يُعلِّمُنا السُّورةَ مِن القرءانِ يقول: «إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَة، ثُمَّ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ هَذَا الْأَمْرَ – يُسَمِّيِ ما أرَادَ مِنْ شَيءٍ – خَيْرًا لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي» أو قال: «خَيْرًا لِي في عاجِلِ أَمْرِي وَءاجِلِه، فَاقْدُرْهُ لِي، وَيَسِّرْهُ لِي، وَبَارِكْ لِي فِيهِ، إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ هَذا الأَمْرَ شَرًّا لِي – يَقُولُ كَما قالَ فِ الأَوَّلِ – فَاصْرِفْهُ عَنِّي، وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِيَ الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ». حدِيثٌ صحِيحٌ أخرجَه أحمدُ.

وقال أبو أحمدَ بنُ عَدِيّ في «الكامِل» بعدَ أنْ نقَلَ عن الإمامِ أحمدَ أنّه سُئِل عن عبدِ الرَّحمـٰن([8]) فقال: لا بأسَ به، روَى حدِيثًا مُنكَرًا في الاستِخارة. انتهى كلامُ أحمدَ. عبدُ الرَّحمـٰـنِ مُستقِيمُ الحدِيثِ، والّذي أُنكِرَ علَيه في الاستِخارةِ رواه غيرُ واحدٍ مِن الصحابة. انتهى([9]).

وكأنّه فَهِم مِن قولِ أحمدَ «له مُنكَرٌ» تضعِيفَه وهو المتبادِرُ لكنّ اصطلاحَ أحمدَ إطلاقُ هذا اللّفظِ على الفَردِ الـمُطلَقِ أو مَن كان راوِيه ثقةً، وقد جاء ذلك عنه في حدِيثِ: «إِنَّما الأَعْمالُ بِالنِّيّاتِ» فقال في رِوايةِ محمّدِ بنِ إبراهيمَ التَّيمِيّ: «روَى حدِيثًا مُنكَرًا» ووصَف محمَّدًا مع ذلك بأنّه ثِقةٌ، وقد نقَل ابنُ الصَّلاحِ مِثلَ هذا عن البَرْدِيجيّ([10]).

[1])) أي: أسألُك أنْ تَشرحَ صَدرِي لخير الأمرَين فإنّك بكُلّ شيءٍ علِيمٌ.

[2])) أي: أسألُكَ أنْ تَجعَل لي قدرةً عليه.

[3])) قال ابن حجر العسقلاني في فتح الباري (6/507): «فيه إشكالٌ لأنّ المؤمِن يَعلَم قطعًا أنّ الله يَعلَم ذل، وأُجِيب بأنه تَردَّدَ (أي: الدّاعي) في عمَلِه ذلك هل له اعتِبارٌ عِندَ الله أم لا، وكأنّه قال: إنْ كان عمَلِي ذلك مقبولًا فأَجِب دُعائي».

[4])) قال شيخنا رحمه الله: «(عَاجِلِ أَمْرِي وَءاجِلِه)، أي: مَا أَحتَاجُه الآنَ ومَا سَأحتَاجُه في المستَقبَل».

[5])) قال شيخنا رحمه الله: «معناه: يَسِّره لي، ليس معناهُ: أنّ الله الآنَ يُقدِّرُه». قال البدر العَيني في عمدة القاري (7/224): «يَتعيَّن أنْ يُراد بالتقدِير هنا التّيسِيرُ، فمعناه: فيَسِّرْه».

[6])) قال شيخنا رحمه الله: «ورَضِّني بهِ، مَعنَاه: اجْعَلني راضِيًا بهِ».

[7])) قال الملّا علي في المرقاة (3/985): «أي: أسألُك أنْ تَشرحَ صَدرِي لخيرِ الأمرَين فإنّك بكُلِّ شيءٍ علِيمٌ».

[8])) قال شيخنا رحمه الله: «أي: ابنِ أبِي الـمَوالي».

[9])) انتهَى كلامُ ابن عَدِيّ.

[10])) هو أحَدُ شُيوخ ابنِ عَدِيّ والطّبرانيّ.