الإثنين أبريل 21, 2025

باب بِشارَةِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بالجَنَّةِ لِبَعْضِ الصَّحابَةِ

  • عن أنَس بنِ مالكٍ رضي الله عنه قال: كُنّا جُلوسًا يومًا عِندَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يَطْلُع عَلَيكُمُ الآنَ مِنْ هَذا الفَجِّ([1]) رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ» فطلعَ رجلٌ منَ الأنصار تَنظِفُ لِحيَتُه([2]) مِن وُضُوئه مُعلِّقًا نَعلَهُ بيَدِه الشّمالِ فسلَّمَ، فلمّا كان مِن الغَدِ قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مِثلَ مَقالَتِه، فدخَلَ ذلك الرّجلُ على مِثلِ حالتِه الأُولى، فلمّا كان اليومُ الثّالِثُ قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مِثلَ ذلكَ فدَخَلَ ذلك الرّجلُ على مِثلِ حالتِه الأُولى([3])، فلمّا قامَ النّبيُّ صلى الله عليه وسلم تَبِعَهُ عبدُ الله بنُ عَمرِو بنِ العاصِ([4]) فقال له: إِنِّي لَاحَيْتُ([5]) أَبي فأقسَمتُ أنْ لا أدخُلَ علَيه ثَلاثَ لَيالٍ، فإنْ رأيتَ أن تُؤوِيَني إلَيكَ حتّى تَمضيَ الثَّلاثُ فعَلْتَ، قال: نَعم، قال: فكان عبدُ اللهِ بن عَمرٍو يُحدِّث أنّه باتَ عِندَه، قال: فلَم أرَه يقُوم مِن اللّيلِ شيئًا غيرَ أنّه إذَا تَعارَّ مِن اللَّيلِ أو تَقَلَّبَ على فِراشِه حَمِدَ اللهَ وكبَّر إلى أنْ يَقُومَ لصلاةِ الفَجرِ، غيرَ أنِّي لَم أسمَعْه يقول إلّا خيرًا، قال: فلمّا مَضَتِ الثّلاثُ وكِدْتُ أنْ أحتَقِرَ عملَهُ قلتُ: يا عبدَ الله إنّه لَـم يَكُن بَينِي وبَينَ أَبِي غَضَبٌ ولا هِجْرةٌ، ولكِنّي سَمِعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يدْخُلُ عَلَيْكُم رَجُلٌ مِن أَهْلِ الجَنَّةِ» فدَخلْتَ أنتَ ثَلاثَ مَرّاتٍ، فأرَدتُ أنْ ءاوِيَ إلَيكَ لِأَرَى عمَلَك فأقْتَدِيَ بكَ، ولَـم أرَكَ تَعمَلُ كبِيرَ عَمَلٍ فما الّذي بلَغَ بكَ ما قال رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: ما هو إلّا ما رأَيتَ، فانصَرفْتُ عنهُ، فلَمّا وَلَّيْتُ دَعاني فقال: ما هو إلّا ما رأَيتَ غيرَ أَنِّي لا أَجِدُ في قَلبِي غَشًّا لأَحَدٍ مِ، المسلمِينَ ولا أَحسُدُ أحدًا علَى خيرٍ ءاتاهُ اللهُ عزَّ وجلَّن فقلتُ: هذِه الّتِي بَلَغَتْ بِكَ وهي الّتِي لا نُطِيقُ. هذا حدِيثٌ صحِيحٌ أخرجَه أحمد.

[1])) قال الحَربيّ في غريب الحديث (3/1092): «وقال أبو عَمرٍو: الفَجُّ الطّرِيقُ المدعُوسُ الذي دَعَسَهُ النّاسُ والدَّوابُّ».

[2])) قال ابن الأثير في النهاية (5/75)” «(تَنْظِفُ)، أي: تَقْطُر».

[3])) وهذا الرّجُل هو سَعدُ بنُ أَبِي وَقَّاصٍ كما جاء مُصرَّحًا به في بَعضِ الرِّواياتِ ومُبهَمًا في غَيرِها.

[4])) أي: تبع عبدُ اللهِ ذاكَ الرّجُلَ.

[5])) قال ابن الأثير في النّهاية (4/243): «يقال: لَحَيْتُ الرجُلَ أَلْحاه لَحْيًا إذا لُمْتُه وعذَلْتُه ولاحَيْتُه مُلاحاةً ولِحاءً إذا نازَعْتُه».