الإثنين أبريل 21, 2025

باب اللِّعانِ

  • عن محمّدِ بنِ سِيرينَ قال: سألتُ أنسَ بنَ مالكٍ رضي الله عنه فقال: كان أوّلُ مَن لاعَنَ([1]) في الإسلامِ هِلالُ بنُ أُمَيّةَ قَذَفَ امرأَتَه بشَرِيكِ بنِ سَحْماءَ وكان([2]) أخَا البَراءِ بنِ مالكٍ لِأُمِّه، فأَمَرَ بهِما رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فتَلاعَنا، الحديثَ. هذا حدِيثٌ صحِيحٌ أخرجَه أحمد.
  • عن أبِي أُمامةَ رضي الله عنه قال: خَطَبَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في حَجّةِ الوَداعِ([3]) فقالَ: «إِنَّ اللهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ([4])، وَالْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ([5])، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ، ومَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ أَوِ تَوَلَّى غَيْرِ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ التَّابِعَةُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ([6])، وَلا تُنْفِقِ امْرَأَةٌ مِنْ بَيْتِهَا([7]) إِلا بِإِذْنِ زَوْجِهَا»، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فالطَّعَامُ ؟ قَالَ: «ذَلِكَ أَفْضَلُ أَمْوَالِنَا»([8])، ثُمَّ قَالَ:«الْعَارِيَّةُ مُؤَدَّاةٌ([9])، وَالْمَنِيْحَةُ مَرْدُودَةٌ([10])، وَالدَّيْنُ يُقْضَى([11])، وَالزَّعِيمُ غَارِمٌ([12])». هذا حدِيثٌ حسَنٌ أخرجَه أحمدُ.

[1])) قال الشَّمس الرَّمليّ في نهاية المحتاج (7/103): «اللِّعان هو لُغةً مصدَرُ أو جَمعُ لَعْنٍ الإِبعادُ، وشَرعًا: كَلِماتٌ جُعِلَت حُجّةً للمُضطَرِّ لِقَذفِ مَن لَطَّخَ فِراشَه وأَلحَقَ بِه العارَ، أو لِنَفيِ ولَدٍ عنه، سُمِّيَت بذلكَ لاشتِمالها علَى إبعادِ الكاذِب مِنهُما عن الرَحمةِ وإبعادِ كُلٍّ عن الآخَر، وجُعِلَت في جانَبِ الـمُدَّعِي معَ أنّها أَيْمانٌ علَى الأصَحِّ رُخصةً لِعُسرِ البَيِّنةِ بزِناها وصِيانةً للأَنسابِ عنِ الاختِلاطِ».

[2])) أي: شَرِيكٌ.

[3])) قال ابن الجوزيّ في كَشف الـمُشكِل (2/86): «ما حَجَّ رَسولُ الله r بعدَ هِجرَتِه سِوَى حَجّةٍ واحدةٍ، وإنّما سُمِّيَتْ حَجّةَ الوَداعِ لأنّه ودَّعَ النّاسَ لـمّا خَطَبَهم فقالوا: هذِه حَجّةُ الوَداعِ».

[4])) سبقَ معناهُ في باب الـمَوارِيث.

[5])) قال شيخنا رحمه الله: «الـمَرأةُ المتزَوِّجةُ إنْ زنَى بِها رَجلٌ فجاءَها وَلدٌ فالوَلَدُ لِزَوجِها ليسَ للزَّانِي وإنْ كانَ يَحتَمِلُ أن يكونَ مِن مائِه ذاكَ يُعطَى الحجَرَ ما لهُ حَقٌّ بالوَلَد واللهُ حَسِيبُه مَعناهُ الأمرُ يُترَكُ للآخِرَة».

[6])) سبقَ معناهُ في باب الـمَوارِيث.

[7])) أي: بَيتِ زَوجِها.

[8])) قال الملّا عليّ في المرقاة (4/1358): «يعنِي فإذَا لَم تَجُزِ الصّدَقةُ بما هو أقَلُّ قَدرًا مِن الطَّعامِ بغَيرِ إذنِ الزَّوجِ فكيفَ تَجُوزُ بالطَّعامِ الّذي هو أفضَلُ».

[9])) قال الـمُناويّ في فيض القدِير (4/369): «(العَارِيَّةُ مُؤَدَّاةٌ)، أي: واجِبةُ الرَّدِّ علَى مالكِها عَينًا حالَ الوُجودِ وقِيمةٌ عِندَ التَّلَف، وهو مذهَبُ الشافعِيّ وأحمدَ، وقال أبو حَنِيفةَ: هي أمانةٌ في يَدِه لا تُضمَنُ إلّا بالتعَدِّي، وقال مالِكٌ: إنْ خَفِيَ تلَفُها ضَمِنَ وإلّا فلَا».

[10])) وفي روايةٍ: «وَالْمِنْحَةُ مَرْدُودَةٌ». قال الـمُناويّ في فيض القدِير (4/369): «(وَالْمِنْحَةُ مَرْدُودَةٌ) هي ما يَمنَحُ الرّجُلُ صاحِبَه مِن أرضٍ يَزرَعُها ثُمّ يرُدُّها أو شاةٍ يَشرَبُ دَرَّها (أي: لبنَها) ثُمّ يَرُدُّها وهي في معنَى العارِيّة وحُكمُها الضَّمانُ».

وقال شيخنا رحمه الله: «ثَبتَ فِي الحديثِ أنّ رَسولَ الله r قال: «خَيْرُ الصَّدَقَةِ الماءُ والـمَنِيحَةُ». الـمَنِيحةُ هي الشّاةُ اللَّبُونُ يُعِيرُها لِشَخصٍ حتَّى يَشرَبَ حَلِيبَها ثُمّ يَرُدَّها له. وقولُهُ r: «خَيْرُ الصَّدَقَةِ»، مَعناهُ مِن أفضَلِ الصَّدَقاتِ».

[11])) قال العِراقيّ في طَرح التّثريب (14/579): «(وَالدَّيْنُ مَقْضِيٌّ) بِفَتحِ الـمِيم وسُكونِ القافِ، ورُوِي: «يُقْضَى» بضَمّ الياء وفَتحِ الضادِ، أي: يجِبُ قَضاؤُه إذَا أتَى وقتُ أَدائِه».

[12])) الزَّعِيمُ الكَفِيلُ، والغارِم الضّامِنُ. قال الماورديّ في الحاوي الكبير (6/431): «والزَّعِيم الضَّمِينُ وكذلك الكَفِيلُ والحَمِيلُ والصَّبِيرُ، ومعنَى جَميعِها واحِدٌ غيرَ أنّ العُرفَ جارٍ بأنّ الضَّمِينَ مُستعمَلٌ في الأموالِ، والحَمِيلَ في الدِّياتِ، والكَفِيلَ في النُّفوسِ، والزَّعِيمَ في الأُمورِ العِظامِ، والصَّبِيرَ في الجَمِيع».