الإثنين أبريل 21, 2025

باب الحُدُودِ

  • عن عائشةَ رضي الله عنها قالت: قال رسوُ الله صلى الله عليه وسلم: «ادْرَءُوا الْحُدُودَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ مَا اسْتَطَعْتُمْ، فَإِذَا وَجَدْتُمْ لِلْمُسْلِمِ مَخْرَجًا فَخلُّوا سبِيلهُ، فَإِنَّ الإِمامَ لَأَنْ يُخْطِئَ فِي الْعَفْوِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُخْطِئَ فِي الْعُقُوبَةِ»([1]). هذا حدِيثٌ غرِيبٌ أخرجَه الترمذيُّ، وأخرجه الحاكِم وقال: صحيحُ الإسناد.
  • عن طارِقِ بنِ الـمُرَقَّعِ عن صَفوانَ بنِ أُمَيّةَ أنّه كان نائِمًا فجاءَ رَجلٌ فسَرَقَ بُرْدَهُ فأَخذَه فأتَى بِه النّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فأمَرَ بقَطْعِه([2])، فقال: يا رسولَ اللهِ، قد تَجاوَزْتُ عنه، قال: «فَلَوْلَا كانَ هَذا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ يا أَبَا وَهْبٍ»([3])، فقَطَعَهُ النّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. هذا حدِيثٌ حسَنٌ أخرجَه النَّسائيّ.
  • عن صَفْوانَ بنِ أُمَيّةَ قال: كنتُ نائِمًا في الـمَسجِد علَى خَمِيصةٍ([4]) لِي ثَمَنُ ثلاثِينَ دِرهمًا، فجاء رَجلٌ فاخْتلَسَها، فأُخِذَ فَأُتِي بِه النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وأُمِر بِه لِيُقطَعَ فأتَيتُه فقُلتُ: يُقطَعُ في ثَلاثِينَ دِرهمًا، أنا أبِيعُه وأُنْسِئُهُ ثَمنَها([5])، قال: «أَلَا كَانَ هَذا قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِه». هذا حدِيثٌ حسَنٌ أخرجَه أبو داود.
  • عن عائِشةَ رضي الله عنها قالت: وجَدتُ في قِرابِ سَيفِ([6]) رسولِ الله صلى الله عليه وسلم كِتابًا، فذكَرتِ الحديثَ وفيه: «الـمُؤْمِنُونَ تَتَكافَؤُ([7]) دِماؤُهُم وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِم أَدْناهُم([8]) لا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِه([9])، وَلا يَتَوَارَثُ َأهْلُ مِلَّتَينِ([10])». هذا حدِيثٌ حسَنٌ أخرجَه البُخاريّ في «التارِيخ».
  • عن عُبادةَ بنِ الصّامِت رضي الله عنه وكانَ عَقَبِيًّا([11]) بَدرِيًّا أحَدَ نُقَباءِ الأنصارِ قال: كانَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذَا نزَلَ علَيهِ الوَحيُ كُرِبَ([12]) لذلكَ وتَرَبَّدَ له وَجهُه([13])، فأُنزِلَ علَيهِ فلَقِيَ ذلكَ ثُمّ سُرِّيَ عنه([14]) فقال: «خُذُوا عَنِّي([15]) قَدْ جَعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلًا([16])، الثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ وَالبِكْرُ بِالبِكْرِ([17])، الثَّيِّبُ جَلْدُ مائَةٍ ثُـمَّ الرَّجْمُ([18])، وَالبِكْرُ جَلْدُ مائَةٍ ثُـمَّ نَفْيُ سَنًةٍ([19])». لَفظُ عبدِ الوهّابِ ولَفظُ حَمّادٍ قَرِيبٌ مِنه، وأوّلُ حدِيثَ يَحيَى ابنِ سَعيدٍ: «خُذُوا عَنِّي خُذُوا عَنِّي»، ولَم يَذكُر ما قَبلَه، وكذَا وقَعَتْ مُكَرَّرةٌ في روايةِ حَمادٍ. هذا حدِيثٌ صحِيحٌ أخرجَه مُسلِم.
  • عن أبي أُمامةَ بن حُنَيفٍ عن خالَتِه العَجْماءِ قالت: سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقُول: «الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَةَ بِمَا قَضَيَا مِنَ اللَّذَّةِ». وسنَدُه حسَن أخرجَه الطّبرانيّ وابنُ مَندَه.
  • عن يَحيَى بنِ سَعِيدٍ أنّه سَمِعَ سَعِيدَ بنَ الـمُسيَّبِ يُحدِّثُ عن عُمرَ رضي الله عنه قالَ: «إِيَّاكُمْ أَنْ تَهْلِكُوا عَنْ ءايَةِ الرَّجْمِ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ: لا نَجِدُ الرَّجْمَ فِي كِتَابِ اللَّهِ، فَقَدْ رَجَمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَرَجَمْنَا بَعْدَه، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ([20]) لَوْلا أَنْ يَقُولَ قائِلٌ: زَادَ عُمَرُ فِي كِتَابِ اللهِ لَكَتَبْتُهَا([21]): الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ([22]) إِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا ألْبَتَّةَ، فَإِنَّا قَدْ قَرَأْنَاهَا». هذا حدِيثٌ حسَنٌ صحِيحٌ أخرجَه أحمدُ عن يَحيَى بنِ سَعِيدٍ والترمذِيُّ والبُخاريُّ.
  • عن عبدِ الله بنِ بُريدةَ عن أبِيه رضي الله عنه قال: «كنتُ جالِسًا عند النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فأتاهُ ماعِزُ بنُ مالكٍ فاعترَفَ عِندَه بالزِّنَى، ذَكَرَه ثلاثَ مرّاتٍ ثُـمّ جاءَ الرّابِعةَ فاعتَرَف فأَمَرَ بِه فحُفِرَت له حُفَيرةٌ فجُعِل فيها إلى صَدْرِه وأَمَرَ النّاسَ أنْ يَرجُمُوه ففَعلُوا». هذا حدِيثٌ صحِيحٌ أخرجَه أحمد.
  • عن جابرِ بنِ عبدِ الله رضي الله عنهُما قال: قال رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ شَرِبَ الخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ» الحديثَ([23])، وفيه: «فأُتِيَ بالنُّعَيمانِ([24]) وقَد شَرِبَ الرّابِعةَ فجَلَده، فكانَ ذلكَ ناسِخًا للقَتلِ». هذا حدِيثٌ حسَنٌ أخرجَه البَزّار في «مُسنَده».
  • عن قَبِيصةَ بنِ ذُؤَيبٍ قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِذَا شَرِبَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِذَا شَرِبَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِذَا شَرِبَ فِي الرَّابِعَةِ فَاقْتُلُوهُ »، قال: فأُتِيَ برَجلٍ قَد شَرِبَ فجَلَدَه، ثُـمّ أُتِيَ بِه قد شَرِبَ فجَلَدَه، ثُـمّ أُتِيَ بِه قَد شَرِبَ فجَلَدَه، ثُـمّ أُتِيَ بِه الرّابِعةَ قَد شَرِبَ فجَلَدَه، فرُفِعَ القَتلُ عن النّاسِ كانتْ رُخْصةً فثَبَتَتْ([25]). هذا حدِيث مُرسَلٌ، رِجالُه رِجالُ الصّحِيح.

قال التّرمذِيُّ: «لا نَعلَمُ مِن أهلِ الحدِيثِ في هذا اختِلافًا في القَدِيم والحَدِيث». وقال في «العِلَل» الّتي في ءاخِر الكِتاب: «جمِيعُ ما في هذا الكتابِ مِن الحَدِيث قد عَمِلَ به أهلُ العِلمِ أو بَعضُهم إلّا حدِيثَينِ: حديثَ الجَمعِ بَينَ الصّلاتَين في الحضَرِ، وحديثَ قَتلِ شارِبِ الخَمرِ في الرّابعِة».

وتَعقَّبَه النَّوويّ في «شَرحِ مسلم»([26]) فقال: «أمّا حدِيثُ قَتلِ شارِبِ الخَمرِ فهو كما قال، وأمّا حدِيثُ الجَمعِ بَينَ الصّلاتَين في الحضَرِ فقد قال به جَماعةٌ، والـمُرادُ الجَمعُ بغَيرِ عُذْرٍ مِن مَطَرٍ أو مَرَضٍ». ونقَلَ عن جَماعة مِن الشّافعيّةِ وغيرِهم التّرخِيصَ فيه للحاجةِ وهو علَى وَفقِ ظاهِرِ الخبَرِ، وشرَطَ هؤلاءِ أنْ لا يُجعَلَ عادةً.

وقد طَعَنَ ابنُ حَزمٍ([27]) في دَعَوى الإجماعِ علَى تَركِ قَتلِ شارِب الخَمرِ في الرّابعةِ بِما جاءَ عَن عبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو، وأُجِيبَ بأنّ ذلِكَ لَـم يَثْبُتْ لأنّه مِن رِوايةِ الحسَنِ البِصرِيّ عَنهُ ولَـم يسمَعْ مِنهُ كما جزَم بِه الحُفّاظُ، وعلى تَقديرِ ثُبوتِه فهو مِن نُدرةِ المخالِف فلا يَقدَحُ في الإجماعِ، وعلى تقدِير التّسلِيم فقَد وقَع الاتِّفاقُ بَعدَه فيُحمَلُ نَقلُ الإجماعِ علَى ذلكَ، واللهُ أعلَمُ.

  • عن أبِي هُريرةَ رضي الله عنه قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ شَرِبَ الخَمْرَ فَأجْلِدُوهُ، فَإِنْ عادَ ثَلاثَةً فَاقتُلُوهُ». هذا حدِيثٌ حسَنٌ أخرجَه الترمذيُّ عن أبي كُرَيبٍ لكِن في إسنادِه شُذوذٌ([28]).
  • عن أبِي هُريرةَ رضي الله عنه قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا سَكِرَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِذَا سَكِرَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِذَا سَكِرَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِذَا سَكِرَ فَاقْتُلُوهُ([29])». هذا حدِيثٌ صحِيحٌ أخرجَه أحمدُ.
  • عن الشَّعبِيّ رضي الله عنه قال: أُتِيَ علِيٌّ رضي الله عنه بِزانٍ مُحصَنٍ فأمَر به فجُلِدَ مِائةً، ثُـمّ أمر به فَرُجِمَ، فقيل له: قد جَمَعتَ علَيه حَدَّينِ، فقال: «جَلَدتُهُ لكتابِ اللهِ ورَجَمتُه لِسُنَّةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم». هذا حدِيثٌ صحِيحٌ أخرجَه أحمد والدارَقطنيّ.
  • عن ابنِ وَبَرةَ الكَلبِيّ قال: أرسَلَنِي خالدُ بنُ الولِيد رضي الله عنه إلى عُمرَ رضي الله عنه فوجَدْتُه وعِندَه عُثمانُ وعلِيٌّ وعبدُ الرَّحمـٰنِ ابنُ عَوفٍ وطَلحةُ والزُّبَيرُ رضي الله عنهُم فقلتُ: أرسَلَنِي خالدٌ إلَيكَ يقول: إنّ النّاسَ انْهَمَكُوا في الخَمرِ، فقال: «هُم هؤلاءِ عِندَكَ فسَلْهُم»، فقال عليٌّ رضي الله عنه: «إنَّه إذَا سَكِرَ هَذَى([30])، وإِذَا هَذَى افتَرَى، وعلَى الـمُفَرِي ثَمانُونَ»، وكان عمَرُ رضي الله عنه إذَا أُتِيَ بالرَّجُلِ الضَّعِيفِ تَكونُ مِنهُ الزَّلَّةُ([31]) جَلَدَه أربعِينَ، قال: وجَلَدَ عُثمانُ ثَمانِينَ وأَربعينَ. هذا حدِيثٌ حسَنٌ أخرجَه النَّسائيّ في «الكُبرَى».
  • عن عِكرِمةَ عن ابنِ عبّاسٍ رضي الله عنهما: أنّ الشُّرّابَ([32]) كانوا يُضرَبُونَ في عَهدِ رَسولِ الله صلى الله عليه وسلم بالأَيْدِي والنِّعالِ والعِصِيّ، فكانَ الأَمرُ على ذلكَ حتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فكانُوا في خِلافةِ أبِي بَكرٍ أكثَرَ مِنهُم في عَهدِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بَكرٍ: لَو فَرَضْنا لَهُم حَدًّا، فتَوخَّى نَحوًا مِمّا كانَ في عَهدِ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فجَلَدَهُم أربَعِينَ حتَّى تُوُفِّي أبو بَكرٍ، ثُمّ كان عمَرُ فجَلَدَهُم أَربَعِينَ كذلِكَ، ثُمّ شَرِبَ رَجلٌ مِن الـمُهاجرِينَ الأوَّلِينَ فارادَ عمَرُ أنْ يَجلِدَه فقال: لِـمَ تَجْلِدُنِي؟ بَينِي وبَينَكَ كِتابُ الله، قال: وفِي أيِّ كِتابِ اللهِ تَجِدُ أنْ لا أَجْلِدَكَ؟ قالَ: فإنّ اللهَ عزَّ وجلَّ يَقُول في كِتابِه: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} الآيةَ [سُورة المائدة: 93]، فأنَا مِنَ الّذِينَ ءامَنُوا وعَمِلُوا الصّالحاتِ ثُمّ اتَّقَوا وءامَنُوا ثُمّ اتَّقَوا وأَحسَنُوا، شَهِدتُ معَ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَدْرًا وأُحُدًا والخَنْدَقَ والـمَشاهِدَ، فقال عمَرُ: أَلا تَرُدُّونَ علَيهِ؟ فقال ابنُ عبّاسٍ: إنّ هذِه الآياتِ أُنزِلَتْ عُذرًا للماضِينَ وحُجَّةً علَى الباقِينَ([33])، فعُذْرٌ لِلماضِينَ أنّهُم لَقُوا اللهَ([34]) قَبلَ أنْ تُحرَّمُ الخَمرُ، وحُجّةٌ علَى الباقِينَ أنَّ اللهَ تعالى قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [سُورة المائدة: 90] الآياتِ، فإنْ كان مِن الّذِينَ ءامَنُوا واتَّقَوا فلْيَجْتَنِبِ الخمرَ فإنَّ اللهَ تعالَى نهَى أنْ تُشربَ الخمَرُ، فقال عمَرُ: صَدَقَ فماذَا تَرَونَ؟ فقالَ عَليٌّ: إنّه إذَا شَرِبَ سَكِرَ، وإِذَا سَكِرَ هَذَى، وإِذَا هَذَى افْتَرى، وحَدُّ الـمُفتَرِي ثَمانُونَ، فقام عمَرُ فجَلَده ثَمانِينَ. هذا حدِيثٌ حسَنٌ أخرجَه النَّسائيّ في «الكُبرَى».
  • عن عِكرِمةَ قال: أُتِيَ علِيٌّ رضي الله عنه بِقَومٍ ارتَدُّوا عن الإسلام فَحَرَّقَهُم، فبَلَغَ ذلكَ ابنَ عبّاسٍ رضي الله عنهُما فقال: لَـم أكُن لأُحرِّقَهُم، إنّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: «لا تُعَذِّبُوا بِعَذابِ اللهِ»، وكُنتُ قَتلتُهُم، فإنّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ»، فبَلَغَ ذلكَ عليًّا فقال: «وَيْحَ([35]) ابنِ عبّاسٍ». هذا حدِيثٌ صحِيحٌ أخرجَه أبو داود.
  • ومِن طرِيق شُعبةَ خُرِّجَ في «الصّحِيحَين» ولَفظُه في ءاخِره: «لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِم بِحُكْمِ الـمَلِكِ»([36]) ولـم يَذكُر ما بَعدَه.
  • عن عامرِ بنِ سَعدِ بنِ أبِي وَقّاصٍ عن أَبِيه رضي الله عنه قال: لـمّا حَكَم سَعدُ بنُ مُعاذٍ في بَنِي قُرَيظةَ أنْ يُقْتَل مَن جَرَتْ علَيه الـمَواسِي([37]) وأنْ تُقْسَم أَموالُهم وذَرارِيُّهُم، فقال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لقَد حَكَمْتَ فِيهِمُ اليَومَ بِحُكْمِ اللهِ الَّذِي حَكَمَ بهِ مِن فَوقِ سَبْع سَماواتٍ»([38]). هذا حدِيثٌ حسَنٌ أخرجَه ابنُ سَعدٍ في «الطّبَقات» مِن هذا الطّرِيق، وأخرجَه النَّسائِيُّ والطَّحاويُّ والحاكِمُ مِن عِدّةِ طرُقٍ.
  • عن يَزِيدَ بنِ عبدِ اللهِ بنِ قُسَيطٍ عن بَعْجةَ بنِ عبدِ اللهِ الجُهَنِيّ قال: تَزوَّج رجلٌ مِنّا امرَاةً مِن جُهَيْنةَ فَولَدَتْ لِتَمامِ سِتّةِ أشهُرٍ، فانَطلَقَ زَوجُها إلى عثُمانَ رضي الله عنه فذَكَر له ذلِكَ، فبَعَثَ إلَيها فأُتِيَ بِها([39])، فرَأَتْها أُختُها وهي تلبَسُ ثِيابَها فبَكَتْ، فقالتْ: ما يُبْكِيكِ؟ فواللهِ ما الْتَبَسَ بِي أحَدٌ منَ الخَلْقِ غَيرُه([40])، فيَفعَلُ اللهُ فِيَّ ما شاءَ أنْ يَفعَلَ، فأَمَرَ بِها عثمانُ أنْ تُرجَمَ، فأَتاهُ علِيٌّ رضيَ اللهُ عنهُ فسَأَلَهُ عن ذلكَ فقال: إِنَّها ولَدَتْ لِسِتّةِ أشهُر تَمامًا وهَل يكونُ ذلكَ؟! فقال: أمَا تَقْرَأُ القُرءانَ؟ قال: بلَى، قال: أمَا سَمِعتَ اللهَ تَعالى يقُولُ: {وَحَمْلهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا}([41]) [سُورة الأحْقاف: 15]، وقالَ: {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ}([42]) [سُورةَ لُقمان: 14]، وقال: {وَالْوَالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْليْن كَامِلَيْن} [سُورةَ البقَرة: 233] فَلَم نَجِد بَقِيَ إلّا سِتّةَ أشهُرٍ([43])، فقال عثمانُ: واللهِ ما فَطِنْتُ لِهذا، فأَمَرَ بِرَدِّها فوجَدُوها قد فُرِغَ مِنها([44])، قال: فنَظَرَ الرَّجلُ إلى الولَدِ فإذَا هو أشبَهُ بِه([45]) مِن الغُرابِ بالغُرابِ ومِن البَيْضةِ بالبَيضةِ، فقال: ابْنِي واللهِ، قال: فابْتَلاهُ اللهُ بالقُرْحةِ قُرْحةِ الآجِلةِ([46]) فأكَلَتْهُ حتّى ماتَ. هذا موقوفٌ صحِيحٌ أخرج الطّبَريّ.
  • عن عَمرِو بنِ الشَّرِيدِ بنِ سُوَيدٍ الثّقَفيّ عن أبِيه رضي الله عنه قال: قال رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لَيُّ الواجِدِ يُحِلُّ عِرْضَهُ وَعُقُوبَتَهُ([47])». قال سُفيانُ: عِرضُه أنْ يَشكُوَه وعُقُوبَتُه أنْ يُحبَسَ. هذا حديث حسَن أخرجَه أحمدُ وإسحاقُ في مُسندَيهِما.
  • عن أبِي الـمُهاجِر عبدِ الله بنِ عَميرةَ – أحدِ بَنِي قَيسِ بنِ ثَعْلَبةَ – قال: «كان رَجلٌ مِن أهلِ صَنعاءَ يُسابِقُ النّاسَ بأيّامٍ، فقَدِمَ فوَجَد معَ وَلِيدَتِه سبعةَ رِجالٍ يَشرَبونَ الخمرَ، فأخَذُوهُ فقَتلُوه وأَلقَوهُ في بِئرٍ، فجاءَ مَن بَعدَهُ يَسألُ عنهُ فأَخبَروهُ أنّه مَضَى بَين يدَيهِ، فدَخَلَ الرَّجلُ الخلاءَ فرأَى ذُبابًا يَلِجُ في الرَّحَى([48]) فعرفَ أنّه ثَـمَّ لَحمًان فرَفَع الرَّحَى فأبصَرَ الرَّجُلَ، فذَهَبَ إلى الأميرِ فأخبَرَه، فكَتَبَ إلى عُمرَ بنِ الخطّابِ رضي الله عنه، فكَتَبَ إليهِ أنِ اضْرِبْ أعناقَهُم واقتُلْها معَهُم([49])، فلَوِ اشتَرَكَ أهلُ صَنعاءَ في دَمِهِ لقَتلتُهُم». هذا موقوفٌ صحِيحُ الإسناد ورِجالُه رِجالُ الصّحِيح إلّا عبدَ اللهِ بنَ عَمِيرةَ، أخرجَه الحافظُ السِّلَفِيّ.
  • عن عُمرَ رضي الله عنه أنّه قال في رَجُلٍ قَتَلَه جماعةٌ: «لَوْ تَمالَأ([50]) أهلُ صَنْعاءَ فيهِ لَقَتلْتُهُم». أخرجَه الخطّابيّ في غرِيبِ الحدِيث، وهو في «مُصنَّف عبدِ الرزّاق» بغَيرِ هذا اللَّفظ.

[1])) قال ابن الأثير في النهاية (2/109): «(ادْرَؤوا)، أي: ادْفَعُوا». وقال المناوي في التيسِير (1/53): «(ادْرؤُوا) ادْفَعُوا (الحُدُودَ) جمعُ حَدّ وهوَ عُقُوبةٌ مُقَدَّرةٌ على ذَنْبٍ (عَنِ الـمُسْلِمِينَ) والملتَزمِينَ للأحكامِ، فالتّقِيد غَالِبيٌ، (مَا اسْتَطَعْتُم)، أي: مُدّةَ استِطاعَتِكُم ذلكَ بأنْ وَجَدتُم إلى التَّركِ سَبِيلًا شرعيًّا (فَإِنْ وَجَدْتُم لِلمُسْلِمِ مَخْرَجًا فَخَلُّوا سَبِيلَهُ)، أي: اترُكُوه ولا تُحِدُّوه وإنْ قَوِيَتِ الرِّيبةُ وغَلَبَ ظَنُّ صِدقِ ما رُمِيَ بِه كوُجودِه مع أجنَبِيّةٍ بفِرَاشٍ (فَإِنَّ الإِمامَ)، يعني: الحاكِمَ (لَأَنَّ يُخْطِئَ)، أي: لَخَطَؤُه (فِي الْعَفْوِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُخْطِئَ فِي الْعُقُوبَةِ)، أي: خَطَؤُه في العَفوِ أَوَلَى مِن خَطئِه في العُقوبةِ، والخِطابُ للأئِمّة وُنّوابِهم، وفيهِ أنّ الحدَّ يَسقُطُ بالشُّبْهةِ سَواءٌ كانَتْ في الفاعِل كمَن وَطِئ امرأَةُ ظَنَّها حَلِيلَتَه أو في الـمَحَلّ بأنْ يكونَ لِلوَاطِئ فِيها مِلكٌ أو شُبهَةٌ أو في الطّرِيق بأنْ يكونَ حَلالًا عِندَ قَومٍ حَرامًا عِندَ ءاخَرِينَ ككُلِّ نِكاحٍ مُختَلَفٍ فيهِ».

[2])) أي: بعدَ ثُبوتِ ذلكَ علَيهِ بطريقٍ مُعتَبر شَرعًا.

[3])) قال الطِّيبيّ في شرح المشكاة (8/2533): «أي: فهَلّا تَصَدَّقْتَ وتَركْتَ حقَّكَ قَبلَ وُصولِه إلَيَّ، فالآنَ قَطْعُة واجِبٌ ليسَ لكَ حَقٌّ فيه بل هو حَقُّ الشَّرعِ».

[4])) قال أبو عُبَيد في الغَرِيبَين (2/598): «قال الأصمَعِيّ: الخَمائِصُ ثَيابُ خَزٍّ أو صُوفٍ مُعَلَّمةٌ، وهي سُودٌ، وكانتْ مِن لِباسِ النّاسِ».

[5])) أي: أجعَلُه مُؤجَّلًا.

[6])) قال ابن الجوزيّ في غرِيب الحدِيث (2/227): «قِرابُ السَّيفِ الّذِي يُوضَع فِيه بغِمْدِه وهو شِبهُ جِرابٍ يَطرَحُ الرّجُل فيهِ زادَه».

[7])) قال الملّا عليّ في المرقاة (6/2274): «(تَتَكافَأُ) بالتأنيثِ، أي: تَتساوَى (دِماؤُهُم) فِي الدِّياتِ والقِصاصِ».

[8])) قال السُّيوطيُ في حاشيته على النَّسائيّ (8/17): «(وَيَسْعَى بِذِمَّتِهم أَدْناهُم)، أي: إذَا أعطَى أحَدٌ لِجَيشِ العدُوّ أمانًا جازَ ذلك على جمِيعِ الـمُسلِمين وليس لهُم أنْ يَخْفِروهُ ولا أن يَنقُضوا علَيه عَهْده».

[9])) قال الشّهاب الرَّمليّ في شرح أبي داود (12/21): «(وَلَا ذَو عَهْدٍ فِي عَهْدِه)، أي: لا يُقتَل مُعاهَد ما دامَ في عَهدِه».

[10])) قال الطِّيبيّ في شرح المشكاة (7/2242): «(وَلا يَتَوارَثُ أهْلُ مِلَّتَينِ)، أي: مِلَّتَين مُفتَرِقتَين. وقد سَبَق بيانُ تَورِيث الـمُسلِم مِن الكافِر (عَلَى خِلافٌ فيه) وعَكسِه (مَمنوعٌ اتّفاقًا)، وأمّا تَورِيثُ الكُفّار بَعضِهم مِن بَعضٍ كاليَهُودِيّ مِن النَّصْرانِيّ وعَكسِه، والـمَجُوسِيّ منِهُما وَهُما مِنه، فقال بِه الشافعِيّ، لكن لا يَرِثُ حَربِيٌّ مِن ذِمِّيٍّ ولا ذِمِّيٌ مِن حَربِيٌّ، وكذَا لو كانا حَربِيَّين في بَلدتَينِ مُتحارِبَتَين قال أصحابُنا: لَم يَتوارَثا، كذا في شَرحِ مُسلِم».

[11])) أي: مِمّن شَهِدَ بَيعةَ العقَبةِ الأُولى والثّانيةِ أو الثّانيةِ فقَط، فيه خِلافٌ.

وقال ابنُ الأثير في النهاية (2/364): «(كانَ إِذَا أَتَاهُ الوَحْيُ كُرِبَ لهُ)، أي: أصابَه الكَربُ فهو مَكرُوبٌ»، أي: مِن الهَيبةِ وثِقل الوَحِي وليسَ كَراهِيةً.

[12])) قال النوويّ في شرح مُسلِم (11/190): «(كُرِبَ) هو بضَمّ الكاف وكَسرِ الرّاء».

وقال ابنُ الأثير في النهاية (2/364): «(كانَ إِذَا أتَاهُ الوَحْيُ كُرِبَ لهُ)، أي: أصابَه الكَربُ فهو مَكرُوبٌ»، أي: مِن الهَيبةِ وثِقَل الوَحِي وليسَ كَراهِيةً.

[13])) قال البدر العَينيّ في عمدة القاري (1/43): «(تَرَبَّدَ) بتَشدِيد الباء الموحَّدةِ، أي: تغَيَّر لَونُه».

[14])) قال ابنُ الأثير في النهاية (2/364(: «(سُرِّيَ عَنهُ)، أي: كُشِف عنهُ».

[15])) قال الـمُظهريّ في المفاتيح (4/248): «أي: خذُوا عَنِّي هذا الحُكمَ في حَدِّ الزِّنَى».

[16])) قال النوويّ في شرح مُسلِم (11/189): «أشار إلى قولِه تعالَى: {فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىٰ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلًا}. فبَيَّنَ النّبِيُّ r أنّ هذا هو ذلكَ السّبيلُ، واختَلَفَ العُلَماءُ في هذه الآيةِ؛ فقِيل: هي مُحكَمةٌ وهذا الحدِيثُ مُفسِّرٌ لها، وقِيل: مَنسُوخةٌ بالآيةِ الّتي في أوّلِ سُورةِ النُّورِ، وقِيل: إنّ ءايةَ النُّور في البِكرَين وهذِه الآيةُ في الثَّيِّبَين».

[17])) قال ابنُ الأثير في الشافِي (5/262): «أيْ: إذَا زنَى الثيِّبُ بالثيِّب وإذَا زنَى البِكرُ بالبِكر، فحذَفَ ذلك اختِصارًا لِفَهم السامِع ودلالةِ سِياقِ اللَّفظِ علَيه».

[18])) قال أبو العبّاس القرطبيّ في الـمُفهِم (5/84): «وهل يُجمَع علَيه الجَلدُ والرَّجمُ كما هو ظاهِرُ هذا الحديثِ وبه قال الحسَنُ البِصريُّ وغسحاقُ وداودُ وأهلُ الظاهِر ورُوِيَ عن عليّ بن أبي طالِب رضي الله عنه أنّه جمَعَ ذلك على شُراحةَ وقال: جَلَدتُها بكتابِ اللهش ورجَمتُها بسُنّةِ رَسولِ الله r، أو يَقتصَرُ على الرَّجمِ وَحدَه وهو مَذهَبُ الجُمهورِ مُتمسِّكينَ بأنّ النّبِيَّ r رجَمَ ماعِزًا والغامدِيّةَ ولَم يَجلِدْهما، وقال: «اغْدُ يا أُنَيسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فارْجُمْمَها» ولَم يَذكُر الجَلدَ، فلو كان مَشرُوعًا لـمَا سَكَتَ عنه، وكأنّهم رَأَوا أنّ هذا أرجَحُ مِن حدِيثِ الجَمعِ بَين الجَلدِ والرَّجمِ، إمّا لأنّه مَنسوخٌ إنْ عُرِفَ التّارِيخُ وإمّا لأنّ العَمَل الـمُتكرِّرَ مِن النّبِيّ r في أوقاتٍ مُتعدِّدةٍ أثبَتَ في النُّفوس وأوضَحُن فيكُون أرجَحَ».

[19])) أي: تغرِيبُ عامٍ. قال القاضِي عِياضٌ في إكمال الـمُعلِم (5/505): «جمهورُ العلَماء على وجُوبِ النَّفي علَى البِكرِ بَعد الضَّربِ على ما جاء في الأحاديثِ وقوّاه، وأنّه بَعضُ الحَدِّ، وخالَف أبو حنِيفةَ ومحمّدُ بنُ الحسَن فقالا: لا نَفْيَ عليه، ثُمّ اختلَفُوا في مِقدارِ النَّفيِ فقال مالِكٌ: يُنفَى مَن يُنفَى مِن مِصرَ إلى الحِجازِ وشَغْبٍ وأَسْوان ونَحوِها، ومِن المدِينةِ إلى خَيبَرَ، ولذلك كذلكَ فعَل عُمَر بنُ عبد العزيز رضي الله عنه، وقَد نفَى عليٌّ رضي الله عنه مِن الكُوفةِ إلى البَصرةِ، قال مالِكٌ رحمه الله: يُحبَسُ في البلَد الّذي نُفِي إليه عامًا، وقيل: يُنفَى إلى غيرِ عمَلِ بلَدِه، وقيل: إلى غَيرِ بلَدِه، وقال الشافعيّ: أقلُّ ذلك مَسافةُ يومٍ ولَيلةٍ».

[20])) أي: أحلِفُ باللهِ الّذي نَفْسي تحتَ مَشِيئَتِه وتَصرُّفِه، واللهُ مُنزَّه عن الجارحةِ والعُضو.

[21])) قال الزَّركشيّ في البُرهان (2/36): ظاهِر قَولِهِ: «لَوْلا أَنْ يَقُولَ النّاسُ… إلخ» أنّ كِتابَتَها جائِزةٌ وإنّما مَنَعَهُ قَولُ النّاسِ، والجائِزُ في نَفْسِه قد يَقُوم مِن خارجٍ ما يَمنَعُه،وإِذَا كانتْ جائِزةً لَزِمَ أنْ تُكُونَ ثابِتةً لأنّ هذا شأنُ الـمَكتُوبِ. وقد يُقال: لو كانتِ التِّلاوةُ باقِيةً لَبادرَ عُمرُ رضي الله عنه ولَم يُعَرِّجْ علَى مَقالِ النّاسِ لأنّ مَقالَ النّاسِ لا يَصلُحُ مانِعًا. وبالجُملَة فهذِه الـمُلازَمةُ مُشْكِلةٌ، ولَعلَّه كانَ يَعتَقِد أنّه خَبَرُ واحِدٍ والقُرءانُ لا يَثبُتث بِه وإنْ ثبَتَ الحُكمُ». وساق الزُّرقانيّ في شرح الموطّأ (4/232) كلامَ الزَّركشيّ ثمّ قال: «والّذي يَظهَر أنّه ليسَ مُرادُ عُمرَ هذا الظاهِرَ، وإنّما مُرادُه الـمُبالَغةُ والحَثُّ علَى العمَلِ بالرَّجمِ، لأنّ مَعنَى الآيةِ باقٍ وإنْ نُسِخَ لَفظُها؛ إذْ لا يَسَعُ مِثلَ عُمرَ معَ مَزِيدِ فِقْهِهِ تَجوِيزُ كَتْبِها معَ نَسْخِ لَفْظِها، فلا إشكالَ».

[22])) أي: الـمُحْصَنُ والـمُحْصَنَةُ.

[23])) رَوى أحمدُ في «الـمُسنَد» والحاكِمُ في «الـمُستدرَك» مرفوعًا: «منْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ، وَمَنْ شَرِبَ الثَّانِيَةَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِنْ شَرِبَ الثَّالِثَةَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِنْ شرِبَ الرَّابِعَةَ فَاقْتُلُوهُ».

[24])) وقيل: هو ابنُ النُّعَيمانِ، والنُّعَيمانُ بنُ عمرِو بنِ رِفاعةَ النجَّارِيّ الأنصاريّ رضي الله عنه صحابيٌّ شهِدَ بَدرًا وأُحُدًا والخَندقَ والـمَشاهِدَ كلَّها، قاله الحافَظُ العسقلانيّ في «الإصابة» (6/366367).

[25])) قال الحافظ العسقلانيّ في الفتح (12/75): «استقَرّ الإجماعُ على ثُبوتِ حَدّ الخَمرِ وأنْ لا قَتلَ فيه».

[26])) شرح مسلم للنوويّ (5/208).

[27])) ابنُ حَزمٍ له شُذوذٌ كثِيرةٌ خرَجَ في بعضِها عن عقيدةِ الـمُسلمِين كقولِه في كتابِه «الفَصل في الـمِلَل والأهواء والنِّحَل» (2/138): «وكذلكَ مَن سأَلَ: هلِ اللهُ تعالَى قادِرٌ علَى أنْ يَتّخِذَ ولَدًا؟ فالجوابُ: أنّه تَعالَى قادِرٌ علَى ذلكَ». نعوذُ باللهِ تعالَى، فاتّخاذُ اللهِ وَلَدًا مُحالٌ عقلًا، وقُدرةُ الله تعالَى لا تتعلَّقُ بالـمُستحِيل العَقليّ. وقد فضحَه الحافظُ السُّبكي في «طَبقات الشافعيّة الكُبرى» (1/90)، ونقل الحافظ العسقلانيّ في «لسان الـمِيزان» (4/200) إجماعَ الفقهاء الـمُعاصرِين لابنِ حزمٍ على تضلِيلِه.

[28])) قال الحافظ العسقلانيّ في الفتح (12/78): «والأمرُ الـمَنسوخُ أخرجَه الشافعِيُّ في روايةِ حَرْمَلةَ عنه وأبو داودَ وأحمدُ والنَّسائيُّ والدارِميُّ وابنُ الـمُنذرِ وصحَّحَه ابنُ حِبّانَ».

[29])) وسبقَ أنّه مسنوخٌ.

[30])) قال في تاج العروس (40/297): «هذَى يَهذِي هَذْيًا بالفَتحِ وهَذَيانًا محـرَّكةً تَكلَّم بِغَير مَعقُولٍ لِمَرضٍ أَو غَيرِه».

[31])) أي: شُرِبُ الخَمرِ.

[32])) أي: شَرَبة الخَمر.

[33])) قال شيخنا رحمه الله: «الصحابيُّ الّذي تأَوَّلَ الآيةَ في أيّامِ عُمرَ كان قد حَضَر بَدرًا وأُحُدًا والـمَشاهِدَ، لَـم يكُن قَرِيبَ عَهدٍ بإسلامٍ، لكن هو فَهِمَ مِن هذِه الآيةِ أنّ الّذِي يُؤدِّي الواجباتِ ويَجتنِبُ الـمُحرَّماتِ ليسَ عليه بأسٌ إذَا شَرِبَ الخَمرَ، هي الآيةُ مَعناها أنّ الَّذِي يُؤدِّي الفرائِضَ ويَجتنِبُ الـمُحرَّماتِ فِيمَا بَعدُ ذلكَ ليسَ علَيه بأسٌ إذَا فعَلَ الـمُباحاتِ وهكَذا ما أَشبَه هذَا حُكمُه كهذَا. هذا الصّحابيُّ قال: أنا حالتِي أنِّي أتَجنَّب الكبائِرَ وأُؤدِّي الفرائِضَ فإذًا لا تَحرُم علَيَّ، فشَرِبَها، فقالَ عُمرُ رضي الله عنه: تأوّلْتَ فأَخطَأْتَ، فأقامَ علَيهِ الحدَّ، ما أعفَاهُ لأنّه مِن أهلِ بَدرٍ أقامَ عليهِ الحدَّ، لكِن ما كفَّرَ هذا الصّحابِيَّ البَدريَّ لأنّه تأوّلَ، أمّا مَن لَم يكُن متأوِّلًا أي مَن يَستحِلُّ الخمرَ بعدَ أنْ شاعَ تحرِيمُها بينَ المسلمِينَ حتَّى عَرفَه العلَماءُ وغيرُ العلَماءِ اليومَ لا نترَدَّدُ في تكفيرِه لأنّهُ مُكذِّبٌ للقُرءانِ مُكذِّبٌ للدّينِ، ولو لَـم يَقرأ القُرءانَ نحنُ نَكفِّرُه لأنّه شاعَ بينَ المسلمِينَ أنّ الخَمرَ شُربُه حرامٌ، الصِّغارُ والكِبارُ والعلَماءُ والجُهّالُ يعلَمُونَ ذلك، لكِن مَن كانَ قَرِيبَ عَهدٍ بالإسلامِ كأنْ أسْلَم واحدٌ مِن الكُفّار الّذِينَ هُم بمَجاهِلِ أَفرِيقيا أو واحِدٌ مِن الأوروبيّينَ الّذِين لَـم يَكُونوا مُخالِطين للمُسلمِينَ ولَـم يَسمَعوا مِنهُم أنّه عِندَ الـمُسلمِين شُربُ الخَمرِ حَرامٌ فهؤلاءِ لا نُكفِّرُهم ولا يُقامُ علَيهم حَدٌّ، بل يُقالُ لـهُم: اعلَمُوا أنّ شُربَ الخمرِ عِندَ الـمُسلمِين حَرامٌ، ثُمّ بعدَ ذلك إنْ ظهرَ منهم الجُحُود فقالوا: شُربُ الخَمرِ ليسَ بحَرامٍ عِندّئذٍ نَقُولُ لـهُم: كفَرتُم ارجِعُوا إلى الإسلامِ. فاليومَ الّذي يُكِرُ حُرمةَ شُربِ الخَمرِ، إنْ كانَ على ذلكَ النَّحوِ مِن التَّأوِيل الّذي حصَل لذلِكَ الصّحابِي لا يُكفَّرُ».

[34])) أي: ماتُوا فلَقُوا ما كَتَبَ اللهُ لَـهُم.

[35])) قال ابن الأثير في النهاية (5/235): «ويح كلمةُ ترحُّم وتوجُّعٍ تقالُ لِمَن وقَع في هَلَكةٍ. وقد تُقال بمعنَى المدح والتَّعجُّب. ومِنهُ حدِيثُ عليّ: «وَيْحَ أُمَّ ابنِ عبّاسٍ» كأنّه أُعجِبَ بِقولِه».

وقال الخَطّابيّ في «مَعالِم السُّنَن» (3/292): «قولُه: «وَيْحَ أُمِّ ابنِ عبّاسٍ» لفظُه لفظُ الدعاء عليه، ومعناه: الـمَدحُ له والإعجابُ».

[36])) أي: بحُكمِ اللهِ.

[37])) جَمعُ مُوسَى: قال ابن الأثير في النهاية (4/372): «أي: مَن نبَتَت عانتُه، لأنّ الـمَواسِيَ إنّما تَجرِي علَى مَن أَنْبَتَ، أرادَ مَن بَلَغَ الحُلُمَ مِن الكُفّار».

[38])) قال الحافظ العسقلانيّ في الفتح (7/412): «قال السُّهَيلِيّ: قولُه: «مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَماواتٍ»، مَعناه: أنّ الحُكمَ نَزَلَ مِن فَوقُ». والله عزَّ وجلَّ مُنزَّه عن التحيُّزِ في جهةٍ مِن الجهاتِ أو في مَكانٍ مِن الأماكِن.

[39])) أي: لِتَنفِيذ الرَّجمِ.

[40])) تُريدُ لَـم يَقرَبْنِي رجُلٌ غَيرُه.

[41])) أي: مُدّةُ حَملِه وفِطامِه ثَلاثُونَ شَهرًا.

[42])) أي: فِطامُه عن الرَّضاعِ لِتَمامِ عامَين.

قال شيخنا رحمه الله: «في الـمَاضِي عمَلُ الـمُسلمِينَ على أنّ الرَّضاعَ إلى سَنَتَينِ، فيُقال: سُنّةُ الرَّضاعِ إلى سَنَتينِ، أي: في بعضِ الحالاتِ لا في كُلِّ الحالاتِ. إنِ استَغنَى الولَدُ عن الرَّضاعِ قبلَ سنَتَينِ تَقطَعه، لكِن الغالبُ أنّه يرضَعُ إلى سنَتَين. ويجوزُ بالإجماعِ إرضاعُ الولَدِ إلى ما بَعدَ السّنتَين إنْ لَـم يكُن يَضُرُّ الأُمَّ ولا الولَدَ».

[43])) أي: سِتّة أشهُرٍ مِن الثّلاثِينَ المذكُورةِ في الآيةِ وهي أقلُّ الحَملِ.

[44])) أي: مِن رَجمِها.

[45])) أي: بالرّجُلِ.

[46])) قال المناويّ في التيسير (2/51): «داءٌ في العُضوِ يَتآكَلُ مِنه ويَأكُل بَعضُه بَعضًا».

[47])) قال شيخنا رحمه الله: «معنى الحديث: أنَّ لَيَّ الواجِد، أي: مُماطلةَ الغنِيّ القادِر على الدَّفْع يُحِلُّ عِرْضَهُ وعُقوبَتهُ، أي: يُحِلُّ أن يُذكَر بين النّاس بالـمَطلِ وسُوء الـمُعاملة ويُحِلُّ عُقوبَتهُ بالحبْسِ والضّرْب ونحوهِما، فإنَّ الحاكِم يَفعلُ به ذلك زَجْرًا له وحثًّا له وإرْغامًا على دَفْع الحقِّ لِصاحِبه».

[48])) وفي روايةٍ: «فِي خَرْقِ الرَّحَى».

[49])) معناه: بعدَ ثُبوتِ ذلكَ علَيهِم بطريقٍ مُعتَبرةٍ شرعًا كإقرارِهم على أنفسِهم بما فعَلُوا.

[50])) قال ابن الأثير في النهاية (4/353): «لَوْ تَمالَأ عَلَيْهِ أهلُ صَنْعاءَ»، أي: تساعَدُوا واجتمَعُوا وتَعاوَنُوا».