قال التّرمذِيُّ: «لا نَعلَمُ مِن أهلِ الحدِيثِ في هذا اختِلافًا في القَدِيم والحَدِيث». وقال في «العِلَل» الّتي في ءاخِر الكِتاب: «جمِيعُ ما في هذا الكتابِ مِن الحَدِيث قد عَمِلَ به أهلُ العِلمِ أو بَعضُهم إلّا حدِيثَينِ: حديثَ الجَمعِ بَينَ الصّلاتَين في الحضَرِ، وحديثَ قَتلِ شارِبِ الخَمرِ في الرّابعِة».
وتَعقَّبَه النَّوويّ في «شَرحِ مسلم»([26]) فقال: «أمّا حدِيثُ قَتلِ شارِبِ الخَمرِ فهو كما قال، وأمّا حدِيثُ الجَمعِ بَينَ الصّلاتَين في الحضَرِ فقد قال به جَماعةٌ، والـمُرادُ الجَمعُ بغَيرِ عُذْرٍ مِن مَطَرٍ أو مَرَضٍ». ونقَلَ عن جَماعة مِن الشّافعيّةِ وغيرِهم التّرخِيصَ فيه للحاجةِ وهو علَى وَفقِ ظاهِرِ الخبَرِ، وشرَطَ هؤلاءِ أنْ لا يُجعَلَ عادةً.
وقد طَعَنَ ابنُ حَزمٍ([27]) في دَعَوى الإجماعِ علَى تَركِ قَتلِ شارِب الخَمرِ في الرّابعةِ بِما جاءَ عَن عبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو، وأُجِيبَ بأنّ ذلِكَ لَـم يَثْبُتْ لأنّه مِن رِوايةِ الحسَنِ البِصرِيّ عَنهُ ولَـم يسمَعْ مِنهُ كما جزَم بِه الحُفّاظُ، وعلى تَقديرِ ثُبوتِه فهو مِن نُدرةِ المخالِف فلا يَقدَحُ في الإجماعِ، وعلى تقدِير التّسلِيم فقَد وقَع الاتِّفاقُ بَعدَه فيُحمَلُ نَقلُ الإجماعِ علَى ذلكَ، واللهُ أعلَمُ.
[1])) قال ابن الأثير في النهاية (2/109): «(ادْرَؤوا)، أي: ادْفَعُوا». وقال المناوي في التيسِير (1/53): «(ادْرؤُوا) ادْفَعُوا (الحُدُودَ) جمعُ حَدّ وهوَ عُقُوبةٌ مُقَدَّرةٌ على ذَنْبٍ (عَنِ الـمُسْلِمِينَ) والملتَزمِينَ للأحكامِ، فالتّقِيد غَالِبيٌ، (مَا اسْتَطَعْتُم)، أي: مُدّةَ استِطاعَتِكُم ذلكَ بأنْ وَجَدتُم إلى التَّركِ سَبِيلًا شرعيًّا (فَإِنْ وَجَدْتُم لِلمُسْلِمِ مَخْرَجًا فَخَلُّوا سَبِيلَهُ)، أي: اترُكُوه ولا تُحِدُّوه وإنْ قَوِيَتِ الرِّيبةُ وغَلَبَ ظَنُّ صِدقِ ما رُمِيَ بِه كوُجودِه مع أجنَبِيّةٍ بفِرَاشٍ (فَإِنَّ الإِمامَ)، يعني: الحاكِمَ (لَأَنَّ يُخْطِئَ)، أي: لَخَطَؤُه (فِي الْعَفْوِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُخْطِئَ فِي الْعُقُوبَةِ)، أي: خَطَؤُه في العَفوِ أَوَلَى مِن خَطئِه في العُقوبةِ، والخِطابُ للأئِمّة وُنّوابِهم، وفيهِ أنّ الحدَّ يَسقُطُ بالشُّبْهةِ سَواءٌ كانَتْ في الفاعِل كمَن وَطِئ امرأَةُ ظَنَّها حَلِيلَتَه أو في الـمَحَلّ بأنْ يكونَ لِلوَاطِئ فِيها مِلكٌ أو شُبهَةٌ أو في الطّرِيق بأنْ يكونَ حَلالًا عِندَ قَومٍ حَرامًا عِندَ ءاخَرِينَ ككُلِّ نِكاحٍ مُختَلَفٍ فيهِ».
[2])) أي: بعدَ ثُبوتِ ذلكَ علَيهِ بطريقٍ مُعتَبر شَرعًا.
[3])) قال الطِّيبيّ في شرح المشكاة (8/2533): «أي: فهَلّا تَصَدَّقْتَ وتَركْتَ حقَّكَ قَبلَ وُصولِه إلَيَّ، فالآنَ قَطْعُة واجِبٌ ليسَ لكَ حَقٌّ فيه بل هو حَقُّ الشَّرعِ».
[4])) قال أبو عُبَيد في الغَرِيبَين (2/598): «قال الأصمَعِيّ: الخَمائِصُ ثَيابُ خَزٍّ أو صُوفٍ مُعَلَّمةٌ، وهي سُودٌ، وكانتْ مِن لِباسِ النّاسِ».
[5])) أي: أجعَلُه مُؤجَّلًا.
[6])) قال ابن الجوزيّ في غرِيب الحدِيث (2/227): «قِرابُ السَّيفِ الّذِي يُوضَع فِيه بغِمْدِه وهو شِبهُ جِرابٍ يَطرَحُ الرّجُل فيهِ زادَه».
[7])) قال الملّا عليّ في المرقاة (6/2274): «(تَتَكافَأُ) بالتأنيثِ، أي: تَتساوَى (دِماؤُهُم) فِي الدِّياتِ والقِصاصِ».
[8])) قال السُّيوطيُ في حاشيته على النَّسائيّ (8/17): «(وَيَسْعَى بِذِمَّتِهم أَدْناهُم)، أي: إذَا أعطَى أحَدٌ لِجَيشِ العدُوّ أمانًا جازَ ذلك على جمِيعِ الـمُسلِمين وليس لهُم أنْ يَخْفِروهُ ولا أن يَنقُضوا علَيه عَهْده».
[9])) قال الشّهاب الرَّمليّ في شرح أبي داود (12/21): «(وَلَا ذَو عَهْدٍ فِي عَهْدِه)، أي: لا يُقتَل مُعاهَد ما دامَ في عَهدِه».
[10])) قال الطِّيبيّ في شرح المشكاة (7/2242): «(وَلا يَتَوارَثُ أهْلُ مِلَّتَينِ)، أي: مِلَّتَين مُفتَرِقتَين. وقد سَبَق بيانُ تَورِيث الـمُسلِم مِن الكافِر (عَلَى خِلافٌ فيه) وعَكسِه (مَمنوعٌ اتّفاقًا)، وأمّا تَورِيثُ الكُفّار بَعضِهم مِن بَعضٍ كاليَهُودِيّ مِن النَّصْرانِيّ وعَكسِه، والـمَجُوسِيّ منِهُما وَهُما مِنه، فقال بِه الشافعِيّ، لكن لا يَرِثُ حَربِيٌّ مِن ذِمِّيٍّ ولا ذِمِّيٌ مِن حَربِيٌّ، وكذَا لو كانا حَربِيَّين في بَلدتَينِ مُتحارِبَتَين قال أصحابُنا: لَم يَتوارَثا، كذا في شَرحِ مُسلِم».
[11])) أي: مِمّن شَهِدَ بَيعةَ العقَبةِ الأُولى والثّانيةِ أو الثّانيةِ فقَط، فيه خِلافٌ.
وقال ابنُ الأثير في النهاية (2/364): «(كانَ إِذَا أَتَاهُ الوَحْيُ كُرِبَ لهُ)، أي: أصابَه الكَربُ فهو مَكرُوبٌ»، أي: مِن الهَيبةِ وثِقل الوَحِي وليسَ كَراهِيةً.
[12])) قال النوويّ في شرح مُسلِم (11/190): «(كُرِبَ) هو بضَمّ الكاف وكَسرِ الرّاء».
وقال ابنُ الأثير في النهاية (2/364): «(كانَ إِذَا أتَاهُ الوَحْيُ كُرِبَ لهُ)، أي: أصابَه الكَربُ فهو مَكرُوبٌ»، أي: مِن الهَيبةِ وثِقَل الوَحِي وليسَ كَراهِيةً.
[13])) قال البدر العَينيّ في عمدة القاري (1/43): «(تَرَبَّدَ) بتَشدِيد الباء الموحَّدةِ، أي: تغَيَّر لَونُه».
[14])) قال ابنُ الأثير في النهاية (2/364(: «(سُرِّيَ عَنهُ)، أي: كُشِف عنهُ».
[15])) قال الـمُظهريّ في المفاتيح (4/248): «أي: خذُوا عَنِّي هذا الحُكمَ في حَدِّ الزِّنَى».
[16])) قال النوويّ في شرح مُسلِم (11/189): «أشار إلى قولِه تعالَى: {فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىٰ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلًا}. فبَيَّنَ النّبِيُّ r أنّ هذا هو ذلكَ السّبيلُ، واختَلَفَ العُلَماءُ في هذه الآيةِ؛ فقِيل: هي مُحكَمةٌ وهذا الحدِيثُ مُفسِّرٌ لها، وقِيل: مَنسُوخةٌ بالآيةِ الّتي في أوّلِ سُورةِ النُّورِ، وقِيل: إنّ ءايةَ النُّور في البِكرَين وهذِه الآيةُ في الثَّيِّبَين».
[17])) قال ابنُ الأثير في الشافِي (5/262): «أيْ: إذَا زنَى الثيِّبُ بالثيِّب وإذَا زنَى البِكرُ بالبِكر، فحذَفَ ذلك اختِصارًا لِفَهم السامِع ودلالةِ سِياقِ اللَّفظِ علَيه».
[18])) قال أبو العبّاس القرطبيّ في الـمُفهِم (5/84): «وهل يُجمَع علَيه الجَلدُ والرَّجمُ كما هو ظاهِرُ هذا الحديثِ وبه قال الحسَنُ البِصريُّ وغسحاقُ وداودُ وأهلُ الظاهِر ورُوِيَ عن عليّ بن أبي طالِب رضي الله عنه أنّه جمَعَ ذلك على شُراحةَ وقال: جَلَدتُها بكتابِ اللهش ورجَمتُها بسُنّةِ رَسولِ الله r، أو يَقتصَرُ على الرَّجمِ وَحدَه وهو مَذهَبُ الجُمهورِ مُتمسِّكينَ بأنّ النّبِيَّ r رجَمَ ماعِزًا والغامدِيّةَ ولَم يَجلِدْهما، وقال: «اغْدُ يا أُنَيسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فارْجُمْمَها» ولَم يَذكُر الجَلدَ، فلو كان مَشرُوعًا لـمَا سَكَتَ عنه، وكأنّهم رَأَوا أنّ هذا أرجَحُ مِن حدِيثِ الجَمعِ بَين الجَلدِ والرَّجمِ، إمّا لأنّه مَنسوخٌ إنْ عُرِفَ التّارِيخُ وإمّا لأنّ العَمَل الـمُتكرِّرَ مِن النّبِيّ r في أوقاتٍ مُتعدِّدةٍ أثبَتَ في النُّفوس وأوضَحُن فيكُون أرجَحَ».
[19])) أي: تغرِيبُ عامٍ. قال القاضِي عِياضٌ في إكمال الـمُعلِم (5/505): «جمهورُ العلَماء على وجُوبِ النَّفي علَى البِكرِ بَعد الضَّربِ على ما جاء في الأحاديثِ وقوّاه، وأنّه بَعضُ الحَدِّ، وخالَف أبو حنِيفةَ ومحمّدُ بنُ الحسَن فقالا: لا نَفْيَ عليه، ثُمّ اختلَفُوا في مِقدارِ النَّفيِ فقال مالِكٌ: يُنفَى مَن يُنفَى مِن مِصرَ إلى الحِجازِ وشَغْبٍ وأَسْوان ونَحوِها، ومِن المدِينةِ إلى خَيبَرَ، ولذلك كذلكَ فعَل عُمَر بنُ عبد العزيز رضي الله عنه، وقَد نفَى عليٌّ رضي الله عنه مِن الكُوفةِ إلى البَصرةِ، قال مالِكٌ رحمه الله: يُحبَسُ في البلَد الّذي نُفِي إليه عامًا، وقيل: يُنفَى إلى غيرِ عمَلِ بلَدِه، وقيل: إلى غَيرِ بلَدِه، وقال الشافعيّ: أقلُّ ذلك مَسافةُ يومٍ ولَيلةٍ».
[20])) أي: أحلِفُ باللهِ الّذي نَفْسي تحتَ مَشِيئَتِه وتَصرُّفِه، واللهُ مُنزَّه عن الجارحةِ والعُضو.
[21])) قال الزَّركشيّ في البُرهان (2/36): ظاهِر قَولِهِ: «لَوْلا أَنْ يَقُولَ النّاسُ… إلخ» أنّ كِتابَتَها جائِزةٌ وإنّما مَنَعَهُ قَولُ النّاسِ، والجائِزُ في نَفْسِه قد يَقُوم مِن خارجٍ ما يَمنَعُه،وإِذَا كانتْ جائِزةً لَزِمَ أنْ تُكُونَ ثابِتةً لأنّ هذا شأنُ الـمَكتُوبِ. وقد يُقال: لو كانتِ التِّلاوةُ باقِيةً لَبادرَ عُمرُ رضي الله عنه ولَم يُعَرِّجْ علَى مَقالِ النّاسِ لأنّ مَقالَ النّاسِ لا يَصلُحُ مانِعًا. وبالجُملَة فهذِه الـمُلازَمةُ مُشْكِلةٌ، ولَعلَّه كانَ يَعتَقِد أنّه خَبَرُ واحِدٍ والقُرءانُ لا يَثبُتث بِه وإنْ ثبَتَ الحُكمُ». وساق الزُّرقانيّ في شرح الموطّأ (4/232) كلامَ الزَّركشيّ ثمّ قال: «والّذي يَظهَر أنّه ليسَ مُرادُ عُمرَ هذا الظاهِرَ، وإنّما مُرادُه الـمُبالَغةُ والحَثُّ علَى العمَلِ بالرَّجمِ، لأنّ مَعنَى الآيةِ باقٍ وإنْ نُسِخَ لَفظُها؛ إذْ لا يَسَعُ مِثلَ عُمرَ معَ مَزِيدِ فِقْهِهِ تَجوِيزُ كَتْبِها معَ نَسْخِ لَفْظِها، فلا إشكالَ».
[22])) أي: الـمُحْصَنُ والـمُحْصَنَةُ.
[23])) رَوى أحمدُ في «الـمُسنَد» والحاكِمُ في «الـمُستدرَك» مرفوعًا: «منْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ، وَمَنْ شَرِبَ الثَّانِيَةَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِنْ شَرِبَ الثَّالِثَةَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِنْ شرِبَ الرَّابِعَةَ فَاقْتُلُوهُ».
[24])) وقيل: هو ابنُ النُّعَيمانِ، والنُّعَيمانُ بنُ عمرِو بنِ رِفاعةَ النجَّارِيّ الأنصاريّ رضي الله عنه صحابيٌّ شهِدَ بَدرًا وأُحُدًا والخَندقَ والـمَشاهِدَ كلَّها، قاله الحافَظُ العسقلانيّ في «الإصابة» (6/366 – 367).
[25])) قال الحافظ العسقلانيّ في الفتح (12/75): «استقَرّ الإجماعُ على ثُبوتِ حَدّ الخَمرِ وأنْ لا قَتلَ فيه».
[26])) شرح مسلم للنوويّ (5/208).
[27])) ابنُ حَزمٍ له شُذوذٌ كثِيرةٌ خرَجَ في بعضِها عن عقيدةِ الـمُسلمِين كقولِه في كتابِه «الفَصل في الـمِلَل والأهواء والنِّحَل» (2/138): «وكذلكَ مَن سأَلَ: هلِ اللهُ تعالَى قادِرٌ علَى أنْ يَتّخِذَ ولَدًا؟ فالجوابُ: أنّه تَعالَى قادِرٌ علَى ذلكَ». نعوذُ باللهِ تعالَى، فاتّخاذُ اللهِ وَلَدًا مُحالٌ عقلًا، وقُدرةُ الله تعالَى لا تتعلَّقُ بالـمُستحِيل العَقليّ. وقد فضحَه الحافظُ السُّبكي في «طَبقات الشافعيّة الكُبرى» (1/90)، ونقل الحافظ العسقلانيّ في «لسان الـمِيزان» (4/200) إجماعَ الفقهاء الـمُعاصرِين لابنِ حزمٍ على تضلِيلِه.
[28])) قال الحافظ العسقلانيّ في الفتح (12/78): «والأمرُ الـمَنسوخُ أخرجَه الشافعِيُّ في روايةِ حَرْمَلةَ عنه وأبو داودَ وأحمدُ والنَّسائيُّ والدارِميُّ وابنُ الـمُنذرِ وصحَّحَه ابنُ حِبّانَ».
[29])) وسبقَ أنّه مسنوخٌ.
[30])) قال في تاج العروس (40/297): «هذَى يَهذِي هَذْيًا بالفَتحِ وهَذَيانًا محـرَّكةً تَكلَّم بِغَير مَعقُولٍ لِمَرضٍ أَو غَيرِه».
[31])) أي: شُرِبُ الخَمرِ.
[32])) أي: شَرَبة الخَمر.
[33])) قال شيخنا رحمه الله: «الصحابيُّ الّذي تأَوَّلَ الآيةَ في أيّامِ عُمرَ كان قد حَضَر بَدرًا وأُحُدًا والـمَشاهِدَ، لَـم يكُن قَرِيبَ عَهدٍ بإسلامٍ، لكن هو فَهِمَ مِن هذِه الآيةِ أنّ الّذِي يُؤدِّي الواجباتِ ويَجتنِبُ الـمُحرَّماتِ ليسَ عليه بأسٌ إذَا شَرِبَ الخَمرَ، هي الآيةُ مَعناها أنّ الَّذِي يُؤدِّي الفرائِضَ ويَجتنِبُ الـمُحرَّماتِ فِيمَا بَعدُ ذلكَ ليسَ علَيه بأسٌ إذَا فعَلَ الـمُباحاتِ وهكَذا ما أَشبَه هذَا حُكمُه كهذَا. هذا الصّحابيُّ قال: أنا حالتِي أنِّي أتَجنَّب الكبائِرَ وأُؤدِّي الفرائِضَ فإذًا لا تَحرُم علَيَّ، فشَرِبَها، فقالَ عُمرُ رضي الله عنه: تأوّلْتَ فأَخطَأْتَ، فأقامَ علَيهِ الحدَّ، ما أعفَاهُ لأنّه مِن أهلِ بَدرٍ أقامَ عليهِ الحدَّ، لكِن ما كفَّرَ هذا الصّحابِيَّ البَدريَّ لأنّه تأوّلَ، أمّا مَن لَم يكُن متأوِّلًا أي مَن يَستحِلُّ الخمرَ بعدَ أنْ شاعَ تحرِيمُها بينَ المسلمِينَ حتَّى عَرفَه العلَماءُ وغيرُ العلَماءِ اليومَ لا نترَدَّدُ في تكفيرِه لأنّهُ مُكذِّبٌ للقُرءانِ مُكذِّبٌ للدّينِ، ولو لَـم يَقرأ القُرءانَ نحنُ نَكفِّرُه لأنّه شاعَ بينَ المسلمِينَ أنّ الخَمرَ شُربُه حرامٌ، الصِّغارُ والكِبارُ والعلَماءُ والجُهّالُ يعلَمُونَ ذلك، لكِن مَن كانَ قَرِيبَ عَهدٍ بالإسلامِ كأنْ أسْلَم واحدٌ مِن الكُفّار الّذِينَ هُم بمَجاهِلِ أَفرِيقيا أو واحِدٌ مِن الأوروبيّينَ الّذِين لَـم يَكُونوا مُخالِطين للمُسلمِينَ ولَـم يَسمَعوا مِنهُم أنّه عِندَ الـمُسلمِين شُربُ الخَمرِ حَرامٌ فهؤلاءِ لا نُكفِّرُهم ولا يُقامُ علَيهم حَدٌّ، بل يُقالُ لـهُم: اعلَمُوا أنّ شُربَ الخمرِ عِندَ الـمُسلمِين حَرامٌ، ثُمّ بعدَ ذلك إنْ ظهرَ منهم الجُحُود فقالوا: شُربُ الخَمرِ ليسَ بحَرامٍ عِندّئذٍ نَقُولُ لـهُم: كفَرتُم ارجِعُوا إلى الإسلامِ. فاليومَ الّذي يُكِرُ حُرمةَ شُربِ الخَمرِ، إنْ كانَ على ذلكَ النَّحوِ مِن التَّأوِيل الّذي حصَل لذلِكَ الصّحابِي لا يُكفَّرُ».
[34])) أي: ماتُوا فلَقُوا ما كَتَبَ اللهُ لَـهُم.
[35])) قال ابن الأثير في النهاية (5/235): «ويح كلمةُ ترحُّم وتوجُّعٍ تقالُ لِمَن وقَع في هَلَكةٍ. وقد تُقال بمعنَى المدح والتَّعجُّب. ومِنهُ حدِيثُ عليّ: «وَيْحَ أُمَّ ابنِ عبّاسٍ» كأنّه أُعجِبَ بِقولِه».
وقال الخَطّابيّ في «مَعالِم السُّنَن» (3/292): «قولُه: «وَيْحَ أُمِّ ابنِ عبّاسٍ» لفظُه لفظُ الدعاء عليه، ومعناه: الـمَدحُ له والإعجابُ».
[36])) أي: بحُكمِ اللهِ.
[37])) جَمعُ مُوسَى: قال ابن الأثير في النهاية (4/372): «أي: مَن نبَتَت عانتُه، لأنّ الـمَواسِيَ إنّما تَجرِي علَى مَن أَنْبَتَ، أرادَ مَن بَلَغَ الحُلُمَ مِن الكُفّار».
[38])) قال الحافظ العسقلانيّ في الفتح (7/412): «قال السُّهَيلِيّ: قولُه: «مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَماواتٍ»، مَعناه: أنّ الحُكمَ نَزَلَ مِن فَوقُ». والله عزَّ وجلَّ مُنزَّه عن التحيُّزِ في جهةٍ مِن الجهاتِ أو في مَكانٍ مِن الأماكِن.
[39])) أي: لِتَنفِيذ الرَّجمِ.
[40])) تُريدُ لَـم يَقرَبْنِي رجُلٌ غَيرُه.
[41])) أي: مُدّةُ حَملِه وفِطامِه ثَلاثُونَ شَهرًا.
[42])) أي: فِطامُه عن الرَّضاعِ لِتَمامِ عامَين.
قال شيخنا رحمه الله: «في الـمَاضِي عمَلُ الـمُسلمِينَ على أنّ الرَّضاعَ إلى سَنَتَينِ، فيُقال: سُنّةُ الرَّضاعِ إلى سَنَتينِ، أي: في بعضِ الحالاتِ لا في كُلِّ الحالاتِ. إنِ استَغنَى الولَدُ عن الرَّضاعِ قبلَ سنَتَينِ تَقطَعه، لكِن الغالبُ أنّه يرضَعُ إلى سنَتَين. ويجوزُ بالإجماعِ إرضاعُ الولَدِ إلى ما بَعدَ السّنتَين إنْ لَـم يكُن يَضُرُّ الأُمَّ ولا الولَدَ».
[43])) أي: سِتّة أشهُرٍ مِن الثّلاثِينَ المذكُورةِ في الآيةِ وهي أقلُّ الحَملِ.
[44])) أي: مِن رَجمِها.
[45])) أي: بالرّجُلِ.
[46])) قال المناويّ في التيسير (2/51): «داءٌ في العُضوِ يَتآكَلُ مِنه ويَأكُل بَعضُه بَعضًا».
[47])) قال شيخنا رحمه الله: «معنى الحديث: أنَّ لَيَّ الواجِد، أي: مُماطلةَ الغنِيّ القادِر على الدَّفْع يُحِلُّ عِرْضَهُ وعُقوبَتهُ، أي: يُحِلُّ أن يُذكَر بين النّاس بالـمَطلِ وسُوء الـمُعاملة ويُحِلُّ عُقوبَتهُ بالحبْسِ والضّرْب ونحوهِما، فإنَّ الحاكِم يَفعلُ به ذلك زَجْرًا له وحثًّا له وإرْغامًا على دَفْع الحقِّ لِصاحِبه».
[48])) وفي روايةٍ: «فِي خَرْقِ الرَّحَى».
[49])) معناه: بعدَ ثُبوتِ ذلكَ علَيهِم بطريقٍ مُعتَبرةٍ شرعًا كإقرارِهم على أنفسِهم بما فعَلُوا.
[50])) قال ابن الأثير في النهاية (4/353): «لَوْ تَمالَأ عَلَيْهِ أهلُ صَنْعاءَ»، أي: تساعَدُوا واجتمَعُوا وتَعاوَنُوا».