وقد أخرَجَ التّرمذِيُّ مِن طَرِيقِ موسَى هذَا بهذا الإسنادِ حدِيثًا غيرَ هذَا واستَغرَبَه.
وأنشَدَ البَيهَقيُّ بسَنَدِه إلى سابِقٍ البَرْبَرِيِّ مِن أَبياتٍ له [الطَّويل]:
فَلِلْمَوْتِ تَغْدُوْ الوَالِدَاتُ سِخَالَها([11]) |
| كَمَا لِخَرابِ الدُّوْرِ تُبْنَى الـمَسَاكِنُ |
وأُنشِدُكُم لِنَفسِي في المعنَى [الوافِر]:
بَنِي الدُّنْيَا أَقِلُّوا الْهَمَّ فِيهَا |
| فمَا فِيَها يَؤُولُ إِلَا الفَوَاتِ |
[1])) قال النوويّ في شرح مُسلِم (7/86): «قولُه r: «(يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ) فِيه أمرُ وَلِيّ الأَمرِ رَعِيَّتَه بالصّدَقةِ وفِعلِ الخَيرِ ووَعظُه النِّساءَ إذَا لَم يَترتَّبْ علَيهِ فِتنةٌ، والـمَعشَرُ الجَماعةُ الّذين صِفَتُهم واحِدةٌ»».
[2])) (أُريتُكُنَّ)، أي: أرانِي اللهُ النِّساءَ أكثرَ أهلِ النّار.
[3])) قال ابن الأثير في النّهاية (1/270): «جَزْلَةٌ أي تامّةُ الخَلْق. ويجوزُ أن تكون ذاتَ كَلامٍ جَزْل أي قَوِيّ شَدِيد».
[4])) (تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ)، أي: أنهُنّ يَتلفَّظْنَ باللَّعنة بغيرِ حَقٍّ كثِيرً. و(تَكْفُرْنَا العَشِيرَ)، أي: أنهُنَّ يَجْحَدْنَ نِعمةَ الزَّوجِ وإِحسانَه ويَسْتَقلِلْنَ ما كان مِنهُ، والعَشِيرُ: الزَّوجُ.
قال شيخنا رحمه الله: «الرّسولُ r صلَّى ذاتَ يَوم صَلاةَ العِيدِ ثُمّ دَخَل إلى النِّساءِ ومعَه بِلالٌ فقالَ علَيه الصَّلاةُ والسّلامُ: «يا مَعْشَرَ النِّساءِ تَصَدَّقْن، فَإِنِّي رَأَيْتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ»، قُلْنَ: يا رَسولَ اللهِ، لِـمَ؟ قال: «لِأَنَّكُنَّ تَكْفُرَنْ»، قُلنَ: الكُفرَ باللهِ؟ قال: «تَكْفُرْنَ العَشِيرَ وَتُكْثِرْنَ اللَّعْنَ»، وقال: «لَوْ أَحْسَنْتَ إِلَى إِحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ ثُمَّ رَأَتْ مِنْكَ شَيْئًا تَقولُ: وَاللهِ ما رَأَيْتُ مِنكَ خَيْرًا قَطُّ»، وذلكَ لأنّ الصَّدَقةَ إنْ كانتْ مِن مالٍ حَلالٍ وكانتْ لِوَجهِ اللهِ خالِصةً تَقِي الشَّخصَ الّذي تَصَدَّقَ بِها مِن عذَابِ اللهِ، الصَّدَقةُ لها عِندَ اللهِ مَنزِلةٌ كَبِيرةٌ، لكِن شَرْطُها أنْ تَكُونَ مِن مالٍ حَلالٍ. ثُم هؤلاءِ النِّسْوَةُ اللّاتِي كَلَّمَهُنّ الرَّسولُ r مِن شِدّةِ حِرْصِهِنّ بادَرْنَ إلَى الصَّدَقةِ، مِن شِدّةِ حِرْصِهِنّ علَى مَصالِحِ الـمُسلمِين، لأنّ الرَّسولَ r لا يأكُل الصَّدَقةَ».
[5])) قال الحافظ العسقلانيّ في الفتح (1/406): «لأنهنّ إذا كُنّ سبَبًا لإذهابِ عقلِ الرّجُل الحازِم حتّى يَفعَل أو يقول ما لا يَنبغِي فقد شارَكْنه في الإثمِ وزِدْنَ علَيه.
قوله: (أذْهَب) (وفي الرّواية هنا «أَغْلَبَ»، أي: أشَدَّ إذهابًا، واللُّبُّ أخَصُّ مِن العَقل وهو الخالِصُ منه، والحازِمُ الضّابطُ لأَمرِه، وهذه مُبالَغةٌ في وَصْفِهنّ بذلكَ لأنّ الضّابِطَ لأَمرِه إذَا كان يَنقادُ لهُنّ فغَيرُ الضّابِط أَولَى».
وقال ابن الأثير في النّهاية (1/379): «(أَذْهَبُ لِلُبِّ الحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ)، أي: أذهبَ لِعَقلِ الرّجُل الـمُحتَرِز في الأمُور الـمُستَظْهِر فِيها».
[6])) قال أبو العبّاس القُرطبيّ في الـمُفهِم (3/55) والسُّيوطي في شرح مُسلِم (3/82): «(اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا) يَعنِي: الـمُمسِكَ عن النّفَقاتِ الواجِباتِ».
وقال ابن الأثير في النّهاية (2/66): «(اللَّهُمَّ أَعْطِ كُلَّ مُنْفِقٍ خَلَفًا)، أي: عِوَضًا. يُقال: خَلَفَ اللهُ لَكَ خَلَفًا بِخَيرٍ وأَخْلَفَ علَيكَ خَيرًا، أي: أَبْدَلَكَ بما ذَهَبَ مِنكَ وعَوَّضَكَ عَنهُ».
[7])) أي: أقبِلُوا إلى طاعةِ رَبِّكُم.
[8])) قال الملّا عليّ القاري في المرقاة (8/3266): «(مَا قَلَّ)، أي: مِن المالِ «وَما» مَوصُولةٌ (وَكَفَى)، أي: في أَمرِ الدُّنيا وزَادِ العُقْبَى (خَيْرٌ مِمَّا كَثُرَ)، أي: مِن المالِ (وأَلْهَى)، أي: شَغَلَ عن الـمَولَى (أي: عَنْ طَاعتِه) وحُسنِ الحالِ وتَحسِين الـمَآلِ».
[9])) قال شيخنا رحمه الله: «مَعناهُ: أَولادُكُم نِهايَتُهم الـمَوتُ، ما تَلِدُونَه نِهايَتُه الـمَوتُ، وبِناؤُكم لِلخَرابِ، نِهايَتُه الخَرابُ».
[10])) الوَرَشانُ مُحرَّكةً طائِرٌ شِبهُ الحَمامِ، قاله الزِّبيدي في «التاج» (17/449). قال الدَّمِيريّ في حَياة الحيَوان (2/538): «هو ذكَرُ القَمارِيّ (جَمع قُمْرِيّ). وقيل: إنّه طائِرٌ يَتولَّد بَين الفاخِتةِ والحَمامةِ، وبَعضُهم يُسَمِّيه الوَرَشِينُ. يُوصَف بالحُنُوِّ علَى أولادِه حتّى إنّه رُبَّما قَتَلَ نَفْسَه إذَا رءَاها في يَدِ القانِص». مختصَرًا.
[11])) قال شيخنا رحمه الله: «مَعناهُ: أَولادُكُم نِهايَتُهم الـمَوتُ، ما تَلِدُونَه نِهايتُه الـمَوتُ، وبِناؤُكم للِخَرابِ، نِهايَتُه الخَرابُ».
[12])) قال المناويّ في فيض القدير (5/325): «أي: ما نِسبةُ رَبِيعةَ إلى مُضرَ وبَينَهما في الشَّرَفِ بُوْنٌ بَعِيد»، ومُضَرُ أكثرُ مِن رَبِيعةَ بكثِيرٍ. قال في «تاج العروس» (34/287): «البُونُ بالضّمِّ مَسافةُ ما بَينَ الشَّيئَينِ، ويُفْتَحُ».
قال السّمعاني في الأنساب (12/303): «مُضَرُ القَبِيلةُ الـمَعرُوفةُ الّتي تُنسَبُ إليها قُرَيشٌ، وهو مُضَرُ بنُ نِزارِ بنِ مَعَدِّ بنِ عَدنان، أَخُو رَبِيعةَ بنِ نِزَار، وهما القَبِيلَتان العَظِيمَتان اللَّتانِ يُقالُ فِيهِما: أَكْثَرُ مِن رَبِيعَةَ وَمُضَرَ».
قال المناويّ في فيض القدير (5/324): «(أَقُولُ مَا أُقَوَّلُ)، أي: لُقِّنْتُه وعُلِّمْتُه أو أُلقِيَ علَى لِسانِي مِن الإلهامِ أو هو وَحيٌ حَقيقةً».