الإثنين أبريل 21, 2025

باب البُيوع

  • عن أنسٍ رضي الله عنه قال: «نهَى رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عن بَيعِ ثمَرةِ النَّخلِ حتّى تُزْهِيَ»، قِيل: وما زَهْوُها؟ قال: تَحْمارُّ أو تَصْفارُّ».

هذا حدِيث صحيحٌ اتّفَقَ الشَّيخانِ على تَخرِيجه مِن روايةِ مالكٍ وإسماعيلَ بنِ جَعفرٍ، وأخرجه ابنُ حِبّان عن عُمرَ بنِ سَعِيد بنِ سِنانٍ عن أبِي مُصعَبٍ.

  • عن سَهلِ بنِ سَعدٍ رضي الله عنهما قال: «نَهَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن بَيعِ الغَرَر([1])». هذا حدِيثٌ حسَنٌ صحِيحٌ أخرجَه الدّارَقطنيّ.
  • عن أبِي هُريرةَ رضي الله عنه قال: «نَهَى رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَن بَيْعِ الحَصَاةِ([2]) وعَن بَيْعِ الغَرَرِ». هذا حدِيثٌ صحِيحٌ أخرجَه مُسلِم.
  • عن عَبدِ اللهِ بنِ يَزِيدَ عن أبِي عَيّاشٍ قال: تَبايَعَ رَجُلانِ بِسُلْتٍ([3]) وشَعِيرٍ فقال سَعدُ بنُ أبِي وقّاصٍ رضي الله عنه: تَبايعَ رَجُلانِ على عَهدِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بِتَمرٍ ورُطَبٍ، فقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا يَبِسَ؟»([4])، قالوا: نَعَم، قال: «فَلَا إذًا». هذا حدِيثٌ حسَنٌ أخرجَه أصحابُ السُّنَن الأربَعةِ وابنُ خُزيمةَ وابنُ حِبّانَ.
  • عن أيُّوبَ عن أبِي قِلابةَ قال: كنتُ بالشّامِ في حَلْقةٍ فيها مُسلِمُ ابنُ يَسارٍ فجاء أبو الأشعَثِ الصَّنْعانيُّ فأَوْسَع له النّاسُ فقُلتُ: يا أبا الأشعَثِ حَدِّثْ أخاكَ بِحَديثِ عُبادةَ بنِ الصّامِت، فقال: كُنّا في غَزاةٍ([5]) معَ مُعاوِيةَ فغَنِمْنا غَنائِمَ كثِيرةً، فكان فِيها ءانِيةٌ مِن فِضّةٍ، فأمَرَ مُعاويةُ رَجلًا أنْ يَبِيعَها في أَعْطِيَاتِ النّاسِ([6]) فبَلَغ ذلكَ عُبادةَ بنَ الصّامِت رضي الله عنه فقامَ فقال: إِنّي سَمِعتُ رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم «نَهَى عن بَيعِ الذّهَبِ بالذّهَبِ والوَرِقِ([7]) بالوَرِقِ والبُرِّ بالبُرِّ والشَّعِيرِ بالشَّعِيرِ والتَّمْرِ بالتَّمْرِ والـمِلْحِ إلّا سَواءً بِسَواءٍ مِثْلًا بمِثْلٍ عَينًا بعَينٍ([8])، فمَن زادَ أوِ استَزادَ فَقَد أَرْبَى([9])». هذا حدِيثٌ صحِيحٌ أخرجَه مُسلِم.
  • عن جابرٍ رضي الله عنه قال: «قضَى رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم بالشُّفْعةِ([10]) للجِوارِ». هذا حدِيثٌ حسَنُ الإسنادِ لكنّه شاذٌّ الـمَـنِ فقَد رواه ابنُ جُرَيجٍ وهو أحفَظُ مِن حُسَينِ بنِ واقِدٍ وأعرَفُ بحَدِيثِ أبِي الزُّبَيرِ مِنهُ عن أبِي الزُّبَيرِ عن جابرٍ بِلَفظِ: «قَضَى بالشّفْعةِ فِي كُلِّ شِرْكٍ([11]) رَبْعةٍ([12]) أو حائِطٍ([13])».
  • عن سالِمِ بنِ عبدِ الله بنِ عُمرَ عن أبِيه رضي الله عنه قال: قال رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَن باعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الـمُبْتَاعُ»([14]) هذا حدِيثٌ صحِيحٌ أخرجَه مُسلِمٌ وأبو داودَ.
  • عن ابنِ عُمرَ رضي الله عنهُما أنّ رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا ولَهُ مالٌ فَمَالُه لَهُ إِلَّا أنْ يَشْتَرِطَ السَّيِّدُ مالَهُ فيَكُونُ لَهُ». هذا حدِيثٌ صحِيحُ الإسنادِ أخرجَه البَيهقِيّ هكذَا ورِجالُه رِجالُ الصّحِيحِ، لكِن أشارَ البَيهقيُّ إلى أنّ الـمَتنَ شاذٌّ([15]).

[1])) قال شيخنا رحمه الله: «نهَى r عن بَيعِ الغَرَر، والغرَرُ ما يكون مجهولَ العاقِبةِ لا يُدرَى أيكُون أم لا، ولا يَجُوز بَيعُ الغرَر وهو الشّيء المجهولُ الّذي لا تَعرِفُه، فهذا حرامٌ بَيعُه أيضًا. ومعنَى الغرَرِ أيضًا الخطَرُ كشِراءِ البَيتِ الّذي لم يُبْنَ بَعدُ. فإذَا قال: «بِعتُك ما في الصُّندوقِ وفيه مِثلُ هذا القلَم» مثلًا لَم يصِحَّ، أمّا إذَا باعَه القلَمَ معَ الصُّندوقِ صَحّ البيعُ أمّا بِدُونِه فلا. وكذلك بَيعُ السّمَكِ بَعدَ الوقُوعِ في البَحرِ والطّيرِ بَعد إفلاتِه مِن يَدِ صاحِبه وطيَرانِه لا يصِحُّ، ولا يجوزُ بَيعُ الحَمْلُ في بَطنِ أُمِّه. ومِن بَيعِ الغررِ أن تَبِيعَ حَلِيبًا مَخلُوطًا بالماءِ، والّذِي يَبِيعُ الـمِسكَ خُلِطَ بِه غَيرُه. فإذَا كان الـمُشترَى كتابًا لا بُدّ عند الشافعيّ أنْ يُرى ورَقةً ورَقةً، وفي الدّار لا بُدّ أن يُرَى جميعُ الغُرَف، وإذَا كان بُستانًا يُشترَطُ رُؤيتُه الأشجارَ كُلَّها ومَجرَى مائِها، وإذَا كان عبدًا مملوكًا يُشترَط رُؤيَتُه ما سِوَى العَورةِ، أمّا إذَا كان يشتري ثوبًا فيُشترَطِ نَشرُه».

[2])) قال شيخنا رحمه الله: «بيعُ الحصَى مِثالُه أن يكون عند الرّجُل ثيابٌ فيقولُ للّذين يأتون للشّراء، الثّوبُ الذي تقعُ عليه الحصاةُ فقد بعتُك، وهذا من فعلِ الجاهليّة، بدل أن يقول: بعتُك هذا الثّوبَ، أي: بعد وقوع الحصاة عليه وتَعيِينه، ويجعلُ ذلك بيعًا ثابتًا مِن الابتداء بمجرَّد وقوع الحصاة على الثّوب قبل تعيينه».

[3])) قال في مختار الصّحاح (ص319): «السُّلتُ بوزن القُفْل ضرْبٌ من الشّعير ليس له قِشْرٌ كأنّه الحِنطةُ».

[4])) قال الخطّابيّ في مَعالِم السُّنن (3/76): «لفظُه لفظُ الاستِفهام ومعناه التقرِيرُ والتنبِيهُ فيه على نُكتة الحُمِ وعِلَّتِه لِيَعتبِرُوها في نظائِرها وأخَواتِها؛ وذلك أنّه لا يجُوز أنْ يَخفَى علَيه r أنّ الرُّطَب إذَا يَبِسَ نقَصَ وزنُه فيكون سؤالُه عنه سؤالَ تعرُّفٍ واستفهامٍ».

[5])) أي: غَزوةٍ.

[6])) بفَتحِ الهمزةِ وتخفيفِ الياء جمعُ أعطِية، وهو اسمٌ لِما يُعطَى. قال أبو العبّاس القُرطبيّ في الـمُهِم (4/473): «هذا البَيعُ لهذِه الآنِيةِ كان بالدَّراهِم، ولذلِكَ أنكرَهُ عُبادةُ بنُ الصّامتِ رضي الله عنه واستَدَلَّ علَيه بِقَولِه: «الفِضَّةُ بِالفِضَّةِ» ولو كان بذهَبٍ أو عَرْضٍ لَمَا كان للإنكارِ ولا للاستِدلال وَجهٌ».

[7])) أي: الفِضّةِ.

[8])) أي: حاضِرًا بحاضِرٍ، قاله ابنُ فِرِشْتا في «شرح الـمَصابِيح» (3/410).

[9])) قال القاضي عِياضٌ في إكمال الـمُعلِم: (5/268): «(فَمَنْ زَادَ أَوِ اسْتَزَادَ فَقدْ أَرْبَى)، أي: فعَلَ الرِّبا الـمَنهِيَّ عنهُ».

[10])) قال السُّيوطيّ في مُعجَم مقالِيد العُلوم (ص55): «الشُّفْعةُ حَقُّ تَملِيكٍ قَهرِيٍّ بعِوَضٍ يَثبُت للشَّرِك القَدِيم علَى الحادِث».

وقال شيخُنا رحمه الله: «معنَى الشّفعةِ أنّ الشّرِيكَ له أنْ يُجبِرَ شَرِيكَه على بَيعِه حَصَّتَه بثمَنِ الـمِثلِ إنْ أرادَ بَيعَها لِغَيرِه»، والـمَذهَبُ أنّها على الفَورِ فإذَا أخَّرَ الطّلَب مِن غيرِ عُذرٍ سقَطَتْ شُفعَتُه.

[11])) وفي روايةٍ: «شَرِكَةٍ»، ومعناه: في كُلِّ مُشترَكٍ مشاعٍ قابِلٍ للقِسْمة.

[12])) قال النوويّ في شرح مُسلم (11/45): «والرَّبْعة والرَّبْع بفتح الرّاء وإسكانِ الباء، والرَّبعُ الدارُ والـمَسكَن ومُطلَقُ الأرضِ، وأصلُه الـمَنزِلُ الّذي كانوا يَرتَبِعُون فيه والرَّبْعةُ تأنِيثٌ».

[13])) أي: بُستانٍ.

[14])) قال النوويّ في شرح مُسلِم (10/192): «فإذَا باعَ السّيِّدُ العَبدَ فذلكَ المالُ للبائِع لأنّهُ مِلكُه إلّا أن يَشتَرِطه الـمُبتاعُ فيَصِحُّ لأنّه يَكُونُ قد باعَ شَيئَين العَبدَ والمالَ الّذي في يَدِه بثَمَنٍ واحِدٍ وذلكَ جائزٌ. ويُشترط الاحترازُ مِنَ الرّبا، قال الشّافعيّ: فإنْ كانَ المالُ دَراهِم لَم يَجُز بَيعُ العَبدِ وتِلكَ الدّراهِمِ بدَراهِمَ، فكذَا إنْ كانَ دَنانِيرَ لَم يجُزْ بَيعُها بِذَهَبٍ، وإنْ كانَ حِنطَةً لم يَجُز بَيعُها بحِنطةٍ، وقال مالِكٌ: يجُوز أن يَشترِطَ المشتَرِي وإنْ كانَ دَراهِمَ والثّمَنُ دَراهِمَ، وكذلك في جميعِ الصُّوَر لإطلاقِ الحَدِيث».

[15])) الحديثُ شاذُّ الـمَتنِ هو ما صَحَّ الأحادِيثُ الّتي بخِلافِه أو أجمعَ العُلَماء علَى القوَلِ بغِيره، قاله ابن رجَب في «شرح علَل التّرمذيّ» (2/624).