[1])) قال شيخنا رحمه الله: «معناهُ: أنَّ جُمهورَ أُمَّةِ محمّدٍ r لا يَضِلُون عَنِ الإسلامِ عن عَقِيدة الإسلامِ الّتي ارتَضاها اللهُ تبارَك وتعالَى ورَسولُهُ، لا يَضِلُّون لا يَخرُجُون إلى يَومِ القِيامةِ إلى فَناءِ الدُّنيا يَبقَونَ علَى العَقِيدةِ الصَّحِيحة، هذا غَيرُ العمَل؛ أمّا مِن حَيثُ العمَلُ فالأمّةُ لَيسُوا مِثلَما كانَ علَيه الصَّحابةُ والتابِعُون وأتباعُ التابعِين، ليسُوا مِثلَ أولئِكَ، ليسُوا مِثلَ أهلِ القُرونِ، الثّلاثةِ، أهلُ القرُونِ الثّلاثةِ كانَ يُواسِي بَعضُهم بَعضًا بما رَزَقَهُم اللهُ تعالَى إلى حَدٍّ كبِيرٍ، يَعرِفُ ذَلك مَن قرأَ التَّوارِيخَ. يُوجَدُ رَجُلٌ كانَ في القرنِ الأوّلِ الهجرِيّ والِيًا على سِجِسْتانَ – بلَدٍ مِن بلادِ العجَم – يُسمَّى طَلْحةَ الطَّلَحاتِ، هذا الرَّجُل هذا الوالي كانَ كرِيمًا ذا مُروءةٍ حتّى إنّه زَوَّجَ مائةَ عربِيّةٍ بتِلكَ البِلادِ بِمائةِ عَربِيّ معَ تَحمُّلِ الكُلَفِ عَنهُم، يُقالُ له طَلْحَةُ الطَّلحات، مِثلُ هذا اليومَ أينَ في الزُّعماءِ، أينَ الّذي يَفعَلُ مِثلَ هذا الفِعلِ مِنِ أعمالِ الفُتوّةِ والـمُرُوّة. الحاصلُ: أنّ الأُمّةَ مِن حيثُ العمَلُ ليسُوا مثلَ أولئكَ في المواساةِ ومُلازَمةِ شَرعِ اللهِ تبارَك وتعالَى مِن حَيثُ الأحكامُ؛ بل قَصَّرُوا كثيرًا، تَرَكُوا المواساةَ إلّا القلِيلُ مِنهُم اليومَ، قلِيلٌ هُم الّذِينَ يَعمَلُون بالـمُواساةِ، أكثَرُهُم حَرِيصونَ على جَمْعِ المال».
[2])) قال شيخنا رحمه الله: «حديثُ: «فَإِنَّ يَدَ اللهِ مَعَ الجَماعَةِ» رواه الطبَرانيُّ أيضًا، معناهُ: الخَيرُ والبرَكةُ معَ الجَماعةِ، أي: جَماعةِ أهلِ السُّنَّةِ».
[3])) قال شيخنا رحمه الله: «السَّوادُ الأعظَمُ معناهُ: الجمهُورُ».
[4])) قال شيخنا رحمه الله: «اللهُ تعالَى حَفِظَ أُمّةَ محمّدٍ r مِن أنْ يَجتمِعُوا على الضّلالِ، أغلبُهم يكُونونَ علَى العقِيدةِ الأصلِيّة لكِن بَعضُهم يَشِذُّونَ كما أخبَرَ الرَّسُول r بِقَولِه: «وَسَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي إِلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً كُلُهُم فِي النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةً»، أي: كلُّهُم يَستحِقُّون دُخولَ النّارِ، مِنهُم مَن وَصَلَ إلى حَدِّ الكُفرِ ومِنهُم مَن لَم يَصِل إِلّا فِرقةً واحِدةً وهي الجَماعةُ، أمّا أولئِكَ الفرَقُ وفيهِمُ الـمُعتزلِةُ والخوارِجُ والآنَ يُوجَدُ الوهّابِيّةُ وحِزبُ الإخوانِ وحِزبُ التّحرِيرِ شاذُّونَ.
قال رسول الله r: «إِنَّ الإِسْلامَ بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ»، قيل: مَن هُم يا رَسولَ اللهِ؟ قال: «الَّذِينَ يُصْلِحُونَ مَا أَفْسَدَ النَّاسُ مِنْ سُنَّتِي بَعْدِي» رواه البُخاريّ ومُسلِم وغَيرُهما بألفاظٍ عدِيدةٍ. اليومَ كَثُرَ المخالِفُونَ والمنحَرِفُونَ عن سُنّةِ الرَّسولِ r أي عن شَريعةِ الرَّسولِ العقِيدةِ والأحكامِ. كَثُرَ هؤلاءِ، فطُوبَى لِمَن جعَلَهُ اللهُ مِن دُعاةِ سُنَّةِ رَسولِ اللهِ r عقِيدةً وعَملًا، فلِلّهِ الحَمدُ على ما ألْهَمَنا مِن التّمَسُّكِ بسُنَّتهِ علَيه السَّلامُ والدَّعوةِ إلَيها. نَسألُ اللهَ تعالَى أنْ يُؤيِدَنا ويُثَبِّتنا على ذلكَ. وباركَ اللهُ فيكُم، امضُوا في هذا السّبِيل، وكُلُّ مَن ساعَد في هذا بعمَلِ نَفسِه أو بتَحرِيك غَيرِه فلَهُ عِندَ اللهِ تعالَى أجرٌ عظِيمٌ، فمَن باشَرَ بهذا العمَلِ بِنَفسِه ومَن ساعَدَ الـمُباشِرَ كِلاهُما مُشترِكانِ في الأجرِ، فاغتَنِمُوا هذه الفُرصةَ، فمَن قامَ بِهذَأ العمَلِ فلَهُ أجرُ شَهِيدٍ كما جاء في الحدِيث: «الْمُتَمَسِّكُ بِسُنَّتِي عِنْدَ فَسَادِ أُمَّتِي لَهُ أَجْرُ شَهِيدٍ».
اليومَ أكثَرُ الأُمّة فسَدُوا، فهَنِيئًا لِمَن تَمسَّكَ بِعَقِيدةِ أهل السُّنَّة وكافَحَ ما يُخالِفُها بِنَفسِه أو بِمُساعَدةِ مَن يُكافِحُون، ودَعوَتُنا هذه ليسَتْ دَعوةً جدِيدةً بل هي الدَّعوةُ الّتي كان علَيها عُلَماء الإسلامِ، الشّيخُ عبدُ الباسطِ الفاخُورِيُّ وغيرُه كأَبِي الـمَحاسِن القاوُقجِيّ، نَحن لا نَدعُو إلى دِينٍ جدِيدٍ لَكن بعضُ النّاسِ مِن الإهمالِ في دِراسةِ عِلمِ أهلِ هذا حدِيثٌ حسَن أخرجَه ِ يَظُنُّون أنّ ما نَتكلَّم به دِينٌ جَدِيدٌ».
[5])) قال شيخنا رحمه الله: «الجماعةُ هُم أهلُ السُّنَّةِ والجَماعةِ الّذِين تَبِعُوا أصحابَ رَسولِ الله r في العَقِيدةِ وأصولِ الأحكامِ، المعنَى اتَّبِعوا ما علَيه جمهورُ أُمّةِ محمّدٍ r لأنّ اللهَ لا يَجمَع أُمّةَ محمّدٍ على خَطأ، فما استَحْسَن أُمّةُ محمّدٍ فهو حسَنٌ وما استَقْبَحُوه فهو قَبِيحٌ ولا يُلتفَتُ إلَى مَن شَذَّ».
[6])) التَّلوُّنُ الاخِتلافُ، ومعناهُ: احذَرُوا الخُروجَ عمّا اجتَمَعَتْ عليه الأُمّةُ.
[7])) أي: تابَعْناه ورافقْناه.
[8])) هو: أحمدُ بنُ عَمرِو بن الضّحّاكِ.
[9])) أي: اضبِط الحِسابَ بأصابعِك.
[10])) بصِيغة الجَمعِ، وفي روايةٍ مشهورةٍ بصِيغةِ المثنَّى «بِاللَّذَينِ».
[11])) قال ابنُ الجَوزيّ في غَريبِ الحدِيث (2/929: «(اسْتُعِزَّ برَسُولِ الله)، أي: اشتَدَّ بِه المرَضُ وغَلَبَ علَيهِ».
[12])) قال بَدر الدّين العَينِيّ في العُمدة (24/279): «(يَأْبَى اللهُ)، أي: يأْبَى اللهُ الخِلافةَ لِغَيرِ أبِي بَكرٍ».
[13])) قال السّندِيّ في حاشيته على البخاريّ: «(وَهُم ظَاهِرُونَ)، أي: غالِبُون مَن خالَفَهُم وغالِبُون علَيه».
[14])) قال ابن الأثير في النّهاية (3/153): الطائفةُ الجَماعةُ مِن النّاسِ، وتَقَعُ علَى الواحِد، كأنّه أَرادَ نَفْسًا طائِفةً. وسُئِل إسحاقُ بنُ راهويهِ عنه فقال: الطائِفةُ دُونَ الألْف، وسَيَبْلُغُ هذا الأمرُ إلى أنْ يُكُون عدَدُ الـمُتَمَسِّكِينَ بما كان علَيه رَسولُ اللهِ r وأَصحابُه أَلْفًا يُسَلِّي بذلك (أي: يُهوِّن علَيهِم) أنْ لا يُعْجِبَهم كَثْرَةُ أهلِ الباطِل».
وقال شيخنا رحمه الله: «معناه: لا يَزالُ فيهِم أَولِياءُ إلى يَومِ القِيامةِ أي إلى ما قَبلَ إرسالِ الرِّيحِ. وفي الحديثِ أنّه يَبقَى مَن يَقُومُ بالعِلمِ إلَى يومِ القِيامةِ. وهذا الحديثُ فيه رَدٌّ علَى حِزبِ الإخوانِ الّذِينَ حَكَمُوا على الأُمّةِ بالكُفر، وذلك في قولِه r: «حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ» مَعناهُ: حَتَّى تَقُومَ السّاعةُ، فيه رَدٌ علَى قولِ سَيّد قُطُب: «إنّ الإسلامَ انقَطَع عن الوُجودِ مُجَرّدِ الوُجودِ»، قال ذلك في كتابِ المسمّى «في ظِلال القُرءان» (3/1257)».
[15])) أي: بَعدَ أنْ قَدَّمَه رَسولُ الله r.
[16])) ليسَ معنَى ذلكَ أنّ الله يَتَجَدَّدُ له صِفةُ البصرِ أو يتعاقَبُ بصرُه، فالله تعالى صِفاتُه أزليّةٌ أبديّةٌ لا نَقْصَ فيها، والمفهومُ مِن الحدِيث أنّ اللهَ عزَّ وجلَّ عالِـمٌ بِعلمِه الأزليّ ما يكونُ مِن عِبادِه في كُلّ أحوالِهم، فلمّا خلَقَهُم جعَلَ مِنهُم محمّدًا r على الصِّفاتِ الّتي كانَ علَيها فاجْتباهُ واختارَه نَبِيًّا رَسُولًا، وييسَّرَ الله لِنَبِيّه r أنْ يكونَ أصحابُه رضي الله عنهُم جَماعةً مخصُوصِينَ مِن البشَر.
[17])) قال الشّهاب الرَّمليّ في شرح أبي داود (12/594): «قال الحافظُ العلائيّ: تَعضُدُه رِوايةُ مُسلِمٍ: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيهِ أَمرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» فإنّه دلِيلٌ على اعتبارِ ما استَحْسَنَه الـمُسلِمُونَ وما هُم علَيه إمّا مِن جِهةِ الأمرِ الشَّرعِيّ أو مِن جِهةِ العادةِ الـمُستَقِرّة، فإنّ عُمومَ قَولِه: «لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا» يَشمَلُه لأنّ الـمُرادَ: علَيهِ أَمرُ الإسلامِ».