الإثنين أبريل 21, 2025

باب اسْتِحبابِ سُؤالِ الشَّهادَةِ في سَبِيلِ اللهِ

  • عن أنَسٍ رضي الله عنه قالَ: كانَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدخُل علَى أُمِ حَرامٍ بِنتِ مِلْحانَ وتُطعِمُه([1])، وكانتْ أُمّ حَرامٍ تحتَ عُبادةَ بنِ الصّامِت، فَدَخَل علَيها رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يومًا فأَطعمَتْهُ ثُمّ جَلسَتْ تَفْلِي رَأْسَه([2])، فنامَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم ثُمّ استَيْقَظَ وهو يَضحَكُ، فقالتْ: فقلتُ: ما يُضحِكُكَ يا رَسولَ اللهِ؟ قال: «نَاسٌ مِن أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللهِ مُلُوكًا، يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا البَحْرِ([3]) عَلَى الأَسِرّةِ» أو «مِثْلَ الـمُلُوكِ علَى الأَسِرّةِ»، قالتْ: فقلتُ: يا رَسولَ اللهِ، ادْعُ اللهَ أنْ يَجعلَنِي مِنهُم، فدَعا لها ثُـمّ وَضَع رأْسَه فنامَ، فذَكَرَ مِثلَ الأوَّلِ إلى قَولِها: أنْ يَجعلَنِي مِنهُم، قالَ: «أَنْتِ مِن الأَوَّلِينَ»، فركِبَتِ البَحرَ في زمَنِ مُعاوِيةَ فلَمّا خَرجَتْ مِنهُ صُرِعَتْ عن دَابّتِها فهَلَكَتْ([4]). هذا حدِيثٌ صحِيحٌ أخرجَه أحمدُ.
  • عم مُعاذِ بنِ جبَلٍ رضي الله عنه عنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ قَاتَلَ فِي سَبِيلِ اللهِ فُوَاقَ نَاقَةٍ([5]) وَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ([6])، وَمَنْ سَأَلَ اللهَ الشَّهادَةَ صَادِقًا مِنْ نَفْسِه فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ شَهِيدٍ»([7]). هذا حدِيثٌ صحِيحٌ أخرجَه أحمدُ.
  • عن أَنسٍ رضي الله عنه أنّ رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: «مَن سَأَلَ اللهَ الشَّهادَةَ صَادِقًا مِن قَلْبِه أُعْطِيَها وَلَ, لَمْ تُصِبْهُ». هذَا حدِيثٌ صَحِيحٌ أخرجه أحمدُ.
  • عن سَهل بن أبي أُمامةَ بن سَهلِ بنِ حُنَيفٍ أنّه سَمِعَه يُحَدِّثُ عن أَبِيهِ عن جَدِّه رضي الله عنهُما عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ سَأَلَ اللهَ الشَّهادَةَ صَادِقًا مِن قَلْبِهِ بَلَّغَهُ اللهُ مَنَازِلَ الشُّهَداءِ وَإنْ ماتَ عَلَى فِرَاشِهِ». هذا حدِيثٌ صحِيحٌ أخرجَه الترمذِيُّ.

[1])) قال النوويّ في شرح مُسلِم (13/57): «اتّفَق العُلَماءُ على أنّها كانتْ مُحرَمًا له r واختَلَفُوا في كَيفِيّة ذلكَ».

[2])) قال الملّا الكورانيّ في الكوثر الجاري (5/391): «(تَفْلِي رَأْسَه) بِالفاءِ، أي: تُخرِجُ ما فِيه مِن الغُبار ونَحوِه». فلا يصِحّ ما ذكَرَه بعضُ الشُّرّاح مِن أنّها كانت تُخرِجُ القَملِ مِن رأسِه الشّرِيف بل هو لإراحةِ الجِسم وارتِخائه استِجلابًا للنّوم.

[3])) قال ابن الأثير في النّهاية (1/206): «(ثَبَجَ هَذَا البَحْرِ)، أي: وسَطَه ومُعْظَمه».

[4])) أي: ماتتْ.

[5])) قال ابن الأثير في النّهاية (3/479): «(فُوَاقَ نَاقةٍ) وهو ما بين الحَلْبَتَين مِن الرّاحةِ، وتُضَمُّ فاؤُه وتُفتَح».

[6])) أي: ثبَتَ له دُخولُها.

[7])) قال شيخنا رحمه الله: «فمَن عَقدَ قَلبَه علَى طلَبِ الشّهادةِ ولَـم تُكتَب لهُ الشّهادةُ فلهُ أجرُ شَهِيدٍ بنِيَّتِه لأنّ النِّيّةَ لَها اعتِبارٌ كبِيرٌ عِندَ اللهِ. وكذَا لَو تَمنَّى أنْ يَكُونَ لهُ مالٌ كَثِيرٌ مِن حَلالٍ لِيَصرِفَه فِي وُجهوه البِرّ يُكتَبُ لهُ ثَوابُ مَن صَرفَ أموالًا كَثِيرةً فِي سَبِيلِ اللهِ بهذِه النِّيّةِ إنْ كانَتْ نِيّتُه جازِمةً. اعقِدُوا قُلوبَكُم على طلَب الشّهادةِ، كلُّ واحِدٍ لِيَنْوِ أنّه يُقاتِلُ في سَبِيلِ اللهِ لِيَمُوتَ شَهِيدًا، ثُـمّ مَن كَتَبَ اللهُ لهُ أنْ يَموتَ شَهيدًا ماتَ شَهِيدًا، ومَن لم يَكتُب اللهُ لهُ فَلهُ أَجرُ شَهيدٍ بنِيّتِه. النِّيّةُ لها اعتِبارٌ كَبِيرٌ عِندَ اللهِ، الشّخصُ غنْ نوَى فِعلَ الحسَنةِ اللهُ يَكتُب لهُ أجَرَ الحسنَةِ الّتي يَتَمَنّاها ولَو لَـم يَفعَلْها، لو تَمنَّى أنْ يَكُونَ لهُ مالٌ كَثِيرٌ لِيَصرِفَه فِي وجُوهِ البِرّ يَكتُبُ اللهُ لهُ ثَوابَ مَن صَرفَ أموالًا كَثِيرةً في سَبِيلِ اللهِ بهذِه النِّيّةِ، وهكَذا ما أَشْبَهَ ذلكَ».