الإثنين أبريل 21, 2025

باب إِخْلاصِ العَمَلِ وَتَرْكِ الرِّياءِ

  • عن عَدِيّ بنِ حاتِمٍ رضي الله عنه قالَ: قُلتُ يا رَسولَ اللهِ إنّ أَبِي كانَ يَصِلُ الرَّحِمَ وكانَ يَفعَلُ وكانَ يَفعَلُ، فقال: «إِنَّ أَبَاكَ أَرَادَ أَمْرًا فَأَدْرَكَهُ» يعنِي الذّكرَ بالسَّخاءِ([1]). هذا حدِيثٌ صحِيحٌ أخرجَه البَيهقِيُّ عن أبي بَكرِ بنِ فُورَكَ.

[1])) أي: الجُود.

قال شيخنا رحمه الله: «بِنتُ حاتِم الطّائِيِّ الرَّجُل المعرُوف بالجُودِ والسَّخاءِ الّذي يُضرَبُ بهِ المثَل يُقال لها سَفّانةُ، كانَت بِنتُه هذه لَـمّا وَقَعتْ في الأسرِ وأُتِيَ بها إلى الرَّسولِ r مُعْجِبةَ الـمَنظَرِ ومُعْجِبةَ الـمَنطِق، إذَا تَكَلَّمَتْ فصاحَتُها تُعجِبُ النّاسَ، أُعجِبَ الصّحابةُ بها، قالت: أنا بنتُ سيّدِ قَومِه حاتِم الطّائِيّ، كانَ لا يَرُدُّ طالِبَ حاجَةٍ، كانَ يَقرِي الضَّيفَ، كانَ يُكرِمُ الغَرِيبَ، ذكَرَتْ مَحاسِنَ أَبِيها لتَستَعطِفَ الرَّسولَ r لِيُخَلُّوا عنها. الرَّسولُ r أَحسَنَ إِلَيها ثُمّ قال لها: «لَو كانَ مُسْلِمًا لَتَرَحَّمْنا عَلَيْهِ» رواه البَيهقِيُّ وابنُ عَساكِرَ. وهذه البِنتُ الـمُسلِمونَ قاتَلُوا قَومَها لأنّهم كانوا مُشركِين. (قال في تاج العَروس (35/195): والسَّفّانةُ اللُّؤلؤةُ وبِه سُمِّيَت بِنتُ حاتِمِ طِيِّئٍ وبها كان يُكنَى).

وأمّا حاتمٌ الطّائيّ فإنْ كانَ ماتَ بَعد أنْ سمِعَ بدَعوةِ الإسلامِ لا يَسْلَمُ مِن نارٍ جَهنّمَ، وإنْ لَـم يَكُن سمِعَ بدَعوةِ الإسلامِ مِن أحَدٍ مِن البشَرِ أو مِن الجِنّ يُسلّمُ، لأنّ بعضَ الجِنّ كانوا مُسلمِين أيّامَ عيسَى ثُـمّ أدرَكُوا زمنَ سيّدِنا محمَّدٍ r، فالكافرُ الّذي سمِعَ بدَعوةِ الإسلامِ أو لَـم يَسمَع بدَعوةِ الإسلامِ لا يُترَحَّمُ علَيه بعدَ مَوتِه، أمّا في حالِ حَياتِه يُدعَى لهُ بالرّحمةِ، يُدعَى لهُ بالهِدايةِ، يُدعَى لهُ بصَلاحِ شَأنِه. كانَ اليَهودُ إذَا عطَسُوا بحَضرةِ الرَّسولِ r يَنتَظِرُونَ مِنهُ أن يقولَ لهُم: رحِمَك اللهُ، فهو لا يَقولُ لهُم: رَحِمَك اللهُ، كانَ يَقولُ لأحدِهم: يَهدِيكَ اللهُ ويُصلِحُ بالَكَ،، يَكُون دَعا لهُ بالهدايةِ وصَلاحِ الشّأنِ».