الأربعاء مايو 14, 2025

باب أَذْكارِ الرُّكُوعِ والسُّجُودِ

  • عن أنَسِ بنِ مالكٍ رضي الله عنه قال: «ما رَأَيتُ أَحَدًا أشْبَهَ صَلاةً بِرَسولِ اللهِ r مِن هَذا الغُلامِ – يَعنِي: عُمَرَ بنَ عبدِ العَزِيزِ – قال: فَحَزَرْنا([1]) في رُكُوعِه عَشْرَ تَسْبِيحاتٍ وفِي سُجُودِه عَشْرَ تَسْبِيحاتٍ». هذا حدِيثٌ حسَن أخرجَه أبو داود والنَّسائيّ.
  • عن عَمرِو بنِ قَيسٍ أنّه سَمِعَ عاصِمَ بنَ حُميدٍ يقول: سَمِعتُ عَوفَ بنَ مالكٍ رضي الله عنه يقُول: قُمتُ معَ النَّبِيّ r فبَدَأَ فاسْتاكَ وتَوضَّأ، ثُمّ قامَ فصَلَّى، فذَكَرَ الحَدِيثَ وفِيهِ: ثُمّ رَكَعَ يَمْكُثُ راكِعًا بقَدْرِ قِيامِه يقُول فِي رُكوعِه: «سُبْحانَ ذِي الجَبَرُوتِ([2]) والـمَلَكُوتِ([3]) وَالكِبْرِياءِ وَالعَظَمَةِ([4])»، ثُمّ سَجَدَ بِقَدْرِ رُكوعِه يَقولُ في سُجُودِه مِثلَ ذلكَ. هذا حدِيثٌ حسَنٌ أخرجَه أحمد.
  • عن عائشةَ رضي الله عنها قالتْ: فقَدْتُ النّبِيَّ r مِن مَضْجَعِه فجَعَلتُ ألتَمِسُه([5]) وظَنَنْتُ أنّه أتَى بَعضَ جَوارِيهِ([6])، فوَقَعَتْ يَدِي علَيه وهو ساجِدٌ يقُول: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ». وسنَده صحيح أخرجَه أحمد.
  • عن علِيّ رضي الله عنه قال: «مِنْ أحَبِّ الكَلام إلَى اللهِ أنْ يقُولَ العَبدُ في سُجودِه: رَبِّ ظَلَمْتُ نَفْسِي([7]) فاغْفِرْ لِي». أخرجه الطّبَرانيّ في كتابِ «الدُّعاء» بسنَدٍ حسَنٍ، ومِثلُه لا يُقالُ مِن قِبَل الرّأي فهو في حُكمِ المرفوع وإنْ لَم يُصرِّح برَفعِه.
  • عن عائشةَ رضي الله عنها أنَّ النّبيَّ r كان يقولُ في سُجودِ القرءانِ باللَّيلِ: «سَجَدَ وَجْهِي([8]) لِلَّذِي خَلَقهُ وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبصَرَهُ([9]) بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ([10])». هذا حدِيثٌ حسَنٌ أخرجَه الترمذِيّ.
  • عن أبِي هُريرةَ رضي الله عنه عن عائِشَة رضي الله عنها قالت: فَقَدتُّ رَسولَ اللهِ r ذاتَ لَيلةٍ مِن الفِراشِ فالْتَمَسْتُه فوقَعَتْ يَدِي علَى قَدَمَيهِ وهو ساجِدٌ وهُما مَنصُوبَتانِ وهو يَقولُ: «أَعُوذُ بِرضَاكَ مِن سَخَطِكَ([11])، وَبُمَعافاتِكَ مِنْ عَقُوبَتِكَ([12])، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ([13]) لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ([14])». هذا حدِيثٌ صحِيحٌ أخرجَه مُسلمٌ والنّسائيُّ.

[1])) أي: حسَبْنا.

[2])) قال ابن الأثير في النهاية (2/100): «فعَلُوتٌ مِن الجَبْر والقَهر». وقال شيخُنا رحمه الله: «اللهُ تَعالَى له حَقٌّ أنْ يَقهَر عِبادَه ويَتصرَّفَ فِيهِم كما يَشاءُ. جبَرُوتُ اللهِ حَسَنٌ».

[3])) قال السُّيوطي في مرقاة الصُّعود (1/322): «فعَلُوتٌ مِن الـمُلْكِ».

[4])) قال شيخنا رحمه الله: «الكِبرياءُ، معناه: قريبٌ مِن معنَى العظَمة، ليس عينَ العظمةِ، الكِبرياءُ صِفةٌ مِن صفاتِ الله. وما ورَد في الحديث القُدسِيّ: «الكِبْرياءُ رِدائِي وَالعَظَةُ إِزارِي»، فمَعناهُ: صِفتانِ للهِ. وهذا الحديثُ رواه أبو داودَ وابنُ حِبّانَ وغيرُهما. إذا قِيل عن اللهِ «ذُو الكِبْرياء» فهو مَدحٌ».

وقال ابن الأثير في النهاية (4/140): «والكِبْرياءُ: العظَمةُ والـمُلْكُ».

[5])) أي: أطلُبُه.

[6])) أي: زَوجاتِه.

[7])) قال الحافظ العسقلاني في الفتح (2/320): «أي: بِمُلابَسةِ ما يَستَوجِبُ العُقوبةَ أو يُنقِصُ الحَظَّ».

[8])) قال ابنُ علّان في الفتوحات (2/265): «بسُكون الياء وفتَحِها، أي: ذاتِي كما مَرَّ في «وَجَّهْتُ وَجْهِي» أو المرادُ به الحقِيقةُ، أي: خضَع وذَلَّ وباشَرَ بأشرَفِ ما فيه مواطِئُ الأقدامِ والنِّعالِ، وخُصَّ لأنّه أشرَفُ الأعضاءِ، فإذَا خضَعَ فغَيرُه أَولَى».

[9])) قال ابنُ علّان في الفتوحات (2/266): «أي: منفَذَهما، إذِ السَّمعُ ليسَ في الأذُنَين بل في مَقعَّرِ الصِّماخِ».

[10])) أي: بقُدرَتِه: قال الشّهاب الرَّملي في شرح أبي داود: «قال في «النّهاية»: الحَيلُ القُوّةُ. وعلى هذا يكُون هنا بِحَولِه وقُوّتِه مِن الـمُترادِف»، وقال الملّا عليّ في المرقاة (2/817): «تخصِيصٌ بَعدَ تَعمِيم، أي: فَتَحَهُما وأَعطاهُما الإدراكَ وأثَبَتَ لَهُما الإمدادَ بَعدَ الإيجادِ (بِحَوْلِه)، أي: بِصَرْفِه الآفاتِ عَنهُما (وَقُوَّتِهِ)، أي: وقُدرَتِه بالثَّباتِ والإعانةِ علَيهِما».

[11])) قال المناويّ في فيض القدير (2/139): «(أعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ)، أي: بِما يُرضِيكَ عمّا يُسخِطُكَ».

[12])) قال ابن علّان في الفُـتوحات (7/226): «(وَبِمُعافاتِكَ مِنْ عَقُوبَتِكَ)، أي: بِعَفوِك، وأتَى بالـمُفاعَلة مُبالَغةً، وصَرَّح بهذا مع تضَمُّن الأوّلِ له لأنّ الإِطنابَ في مَقامِ الدُّعاء مَحمودٌ».

[13])) «وَأُعوذُ بِكَ مِنْكَ»، أي: أَطلُب مِنكَ أنْ تُعِيذَنِي مِن شَرِّ ما خلَقْتَهُ أنتَ، أي: أهرُبُ مِن عذابِكَ إلى رَحمَتِك، مِن غضَبِك أو مِن عَذابِك، هذا علَى تقدِيرِ حَذفِ الـمُضافِ.

[14])) قال النووّي في شرح مُسلِم (4/204): «قال مالكٌ رحمه الله تعالَى: مَعناهُ: لا أُحصِي نِعمتَك وإِحسانَك والثَّناءَ بها علَيكَ وإنِ اجتهَدتُ في الثَّناءِ عليكَ».