قال الطّبَرانيُّ: رأيتُ النّبِيَّ صلى الله عليه وسلم في الـمَنامِ فسَأَلتُه عن هذا الحدِيثِ فقالَ: صَحِيحٌ صَحِيحٌ صَحِيحٌ، ثَلاثًا. قال الطّبَرانيُّ: والحدِيثُ صَحِيحٌ، أخرجَه أحمدُ والبُخاريُّ.
[1])) أي: ذلك شأنُ المؤمنِ الكاملِ، قاله المناوي في «فيض القدِير» (6/254).
[2])) وفي روايةٍ: «كَمَا يَأْلَمُ الْجَسَدُ لِـمَا فِي الرَّأْسِ».
[3])) قال الحافظ العسقلانيّ في الفتح (10/439): «قال ابنُ أبِي جَمْرةَ: الـمُرادُ مَن يكُون إيمانُه كاملًا».
[4])) قال الحافظ العسقلانيّ في الفتح (10/439): «(وَتَوادِّهم) بتَشدِيد الدّال والأصلُ التَّوادُد فأُدغِمَ، والتَّوادُد تَفاعُلٌ مِن الموَدَّة والوُدِّ والوِدادِ بمعنًى، وهو تقَرُّب شَخصٍ مِن ءاخَر بما يُحِبُّ».
[5])) قال الحافظ العسقلانيّ في الفتح (10/439): «قال ابنُ أبي جمرةَ: الّذي يَظهَرُ أنّ التَّراحُمَ والتَّوادُدَ وإنْ كانتْ مُتقارِبةً في المعنَى لكِن بينَها فَرقٌ لطِيفٌ؛ فأما التَّراحُم فالمرادُ به أنْ يَرحَم بَعضُهم بعضًا بأخُوّة الإيمانِ لا بسبَبِ شيءٍ آخَر، وأمّا التَّوادُد فالمرادُ به التَّواصُل الجالِبُ للمحَبّةِ كالتَّزاوُرِ والتَّهادِي». مختصرًا.
[6])) قال الحافظ العسقلانيّ في الفتح (10/439): «(كَمَثَلِ الجَسَدِ)، أي: بالنِّسبةِ إلى جَمِيع أعضائِه، وَوجهُ التّشبِيه فيه التَّوافُقُ في التّعَب والرّاحةِ».
[7])) قال الملّا عليّ في المرقاة (7/3102): «(إِذَا اشْتَكَى عُضْوٌ) بالرَّفعِ أي: إذَا تألَّمَ عضوٌ مِن أعضاءِ جسَدِه (تَدَاعَى لَهُ)، أي: لِذلكَ العُضوِ (سَائِرُ الجَسَدِ)، أي: باقِي أعضائِه (بِالسَّهَرِ) بفَتحتَين، أي: عدَم الرُّقادِ (وَالحُمّى)، أي: بالحرارةِ والتكَسُّرِ والضَّعفِ لِيَتوافَق الكُلُّ في العُسرِ كما كانوا في حالِ الصِّحّة مُتوافقِينَ في اليُسرِ. ثُـمّ أصلُ التَّداعِي أنْ يَدعُوَ بَعضُهم بعضًا لِيَتَّفِقُوا على فِعل شيءٍ، فالمعنى: أنّه كما أنّ عِندَ تألُّمِ بَعضِ أعضاءِ الجسَدِ يَسرِي ذلك على كُلِّه، كذلك المؤمِنُون كنَفْسٍ واحدةٍ إذَا أصابَ واحِدًا مِنهُم مُصِيبةٌ يَنبغِي أنْ يَغتَمَّ جَمِيعُهم ويَهتَمُّوا بإزالَتِها عنه».
وقال القسطلّاني في إرشاد الساري (9/23): «والحاصِلُ: أنّ مثَلَ الجسَدِ في كَونِه إذَا اشتَكَى بعضُه اشتَكَى كُلُّه كالشّجَرةِ إذَا ضُرِبَ غُصنٌ مِن أغصانِها اهتزَّتِ الأغصانُ كلُّها بالتحَرُّكِ والاضْطِرابِ، وفيه جوازُ التَّشبِيه وضربِ الأمثالِ لتَقرِيب الـمَعانِي للأفهامِ».
[8])) هو شامِلٌ للمُنافِق في انتِفاءِ أصلِ الإيمانِ مِن قَلبِه والمؤمنِ الفاسِق في انتِفاءِ كَمالِ الإيمان عنه، قاله الملّا عليّ القاري في «المرقاة» (9/245).
[9])) قال الطِّيبيّ في شرح الـمِشكاة (10/3216): «المعنَى لا ُتؤذوا الـمُسلمِين فيما ظهَر مِنهُم مـمّا تَرونَه عَيبًا علَيهم بالقولِ والفِعل، فلا تَغْتابُوهم ولا تَشتُموهم ولا تَضرِبُوهم، ولا تُعيِّرُوهم على ما تابُوا عنه ونَدِمُوا عليه. (وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِم) فيما يُظَنُّ، أي: لا تَجَسَّسُوا ما ستَرُوا عَنكُم مِن الأفعالِ والأقوالِ وما سَتَر اللهُ علَيهِم».
وقال الشِّهاب الرّمليُّ في شرح أبي داود (18/608): «والعَوْراتُ جَمعُ عَورةٍ، وكلُّ خلَلٍ أو عَيبٍ أو نَقصٍ في الآدمِيّ فهو عَورةٌ، فالمؤمِن لا يَتبَعُ عُيوبَ أخِيه بل يَتبَعُ عُيوبَ نَفسِه الّتي يُسألُ عنها».
[10])) أي: مَن يَتبَعْ عَيبَ أخِيهِ الـمُسلِم.
[11])) قال الطِّيبيّ في شرح الـمِشكاة (10/3216): «والمرادُ بقَولِه: «يَتْبَعِ اللهُ عَوْرَتَه» يَكشِفَ سِترَه، ذكَرَه على سَبِيل الـمُشاكَلة».
[12])) قال الملّا عليّ القاري في المرقاة (8/3157): «(يَفْضَحْهُ) مِن فَضَحَ كمَنَعَ، أي: يَكشِفْ مَساوِيَه (وَلَوْ فِي جَوْفِ رِحْلِهِ)، أي: لو كان في وسَطِ مَنزلِه مَخفِيًّا مِن النّاس».
[13])) قال الزّبِيديّ في تاج العروس (19/407): «الشُّرْطَةُ بالضَّمّ واحدُ الشُّرَطِ كصُرَدٍ، وهم أوّلُ كَتيبةٍ مِن الجَيشِ تَشهَدُ الحربَ وتتَهَيّأُ للمَوتِ، وهُم نُخبةُ السُّلطانِ مِن الجُندِ».
[14])) قال شيخنا رحمه الله: «وكَلامُ عُقبةَ مَحمُولٌ على مَا إِذَا لَـم يَتَعَيَّن إنكارُ ذلك الـمُنكَرِ على الاستِعانةِ بالسُّلطانِ وإلّا وجَبَ».
[15])) قال شيخنا رحمه الله: «هذا الحدِيثُ فِيه انَّ مَن رَأى عورةَ مُسلِمٍ فسَتَرَها، أي: لَم يَبُثَّها بَينَ النّاسِ بَل أخفاها فلَهُ أجرٌ شَبِيهٌ بِأجرِ مَن أحيَى مَوءُودةً أي أنقَذَ بِنتًا مَولُودةً دُفِنَت وهِيَ حَيَّةٌ كَما كانَ جاهِلِيَّةُ العَرَبِ يَفعَلُونَ. الرَّسُولُ r شَبَّهَ هذا الَّذِي يَرَى عورةً لمُسلِمٍ، أي: ما يُعابُ علَيه ويُستَحَى مِنهُ أن يَطَّلِعَ علَيه النّاسُ إن رَءاها فسَتَرها بِأجرِ هذا الإِنسانِ الَّذي رَأى مَوءُودةً فأنقَذَها قَبلَ أن تَموتَ. وقَد حَصَلَ في زَمانِ سَيِّدنا عُمَرَ رضي الله عنه قِصَّةٌ فِيها دَلِيلٌ علَى مَشرُوعِيَّةِ السَّتر علَى الـمُسلِم وهِيَ أنَّ رَجُلًا جاءَ إلَى عُمَرَ بنِ الخَطّابِ رَضِيَ اللهُ عنهُ فقالَ لَهُ: يا أمِيرَ الـمُؤمِنِينَ إنِّي كُنتُ وادتُ بِنتًا لي فِي الجاهِلِيَّةِ أي قَبلَ أن أُسلِمَ ثُـمَّ أخرَجتُها قَبلَ أن تَمُوتَ ثُـمَّ أدرَكنا الإسلامَ فأسلَمَتْ ونَحنُ أسلَمنا ثُـمَّ ارتَكَبَتْ حَدًّا مِن حُدُودِ اللهِ، أي: زَنَت قَبلَ أن تَتَزَوَّجَ فأخَذَتْ شَفْرةً لِتَذبَحَ نَفسَها أي مِن عُظمِ ما وَقَعت فِيه مِنَ الفَضِيحةِ فأدرَكْناها وقَد قَطَعَت بَعضَ أوداجِها أي بَعضَ عُرُوقِ العُنُقِ مِن الجانِبَينِ فداوَيناها، ثُمَّ تابَت تَوبةً حَسَنةً ثُـمَّ خُطِبَت إلَينا مِن قَومٍ فأخبَرتُ بِبَعضِ ما جَرَى لَها حَتَّى يُقدِمُوا علَى إتمامِ خِطبَتِها أو يَفسَخُوا ويَترُكُوها – هُوَ علَى زَعمِه فعَلَ ذَلِكَ لئَلَّا يَغُشَّهُم وظَنَّ بِنَفسِه أنَّهُ بِذَلِكَ يَنصَحُهُم – فقالَ لَهُ سَيِّدُنا عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عنهُ: أنتَ تَبُثُّ ما سَتَرهُ اللهُ، لَئِن أخبَرتَ بِذَلِكَ أحَدًا لأجعَلَنَّكَ نَكالًا يَتَحَدَّثُ بِه أهلُ الأمصارِ، مَعناهُ لَئِن عُدتَ بَعدَ هذا إلَى إفشاءِ هذِه العَورةِ الَّتِي سبَقَ لِابنَتِكَ فَتَحَدَّثتَ بِها لأجعَلَنَّكَ عِبرةً للنّاسِ بِعُقُوبةٍ أُنَزِّلُها بِكَ يَتَحَدَّثُ بِها أهلُ الـمُدُنِ. فيُؤخَذُ مِن هذِه القِصَّةِ حُكمانِ شَرعِيّانِ؛ أَحَدُهما: أنَّ الإنسانَ بَعدَ أن يَتُوبَ لا يَجُوزُ ذِكرُهُ بِالعارِ والعَيبِ الَّذِي سَبَقَ لَهُ، والآخَرُ: أنَّ هذِه البِنتَ لَو لَـم تَكُن تابَت كانَ حَقًّا علَى أبِيها إذا خُطِبَت إلَيه أن يَتَكَلَّمَ فِيها وإِن سَكَتَ هُوَ وغَيرُهُ مِمَّن علِمَ بِالحادِثةِ يَكُونُونَ غاشِّينَ».