الأحد يوليو 20, 2025

الْقَاْبِضُ الْبَاْسِطُ: هوَ الذي يَقتُرُ الرزقَ بحكمتِه ويَبسطُه بجودِهِ وكَرَمِهِ قالَ تعالى: ﲿ     ([1]) فكمْ مِنْ أناسٍ قبضَ اللهُ عنهمُ الرزقَ فكانوا فقراءَ صابرينَ للهِ تعالى غيرَ معترضينَ، فإِنَّ الاعتراضَ على اللهِ تعالى كفرٌ وخروجٌ مِنَ الدينِ والعياذُ باللهِ تعالى فقدْ كانَ كُفرُ إبليسَ اعتراضًا على اللهِ تعالى، فاللهُ يقبضُ الرزقَ عمَّنْ يشاءُ ويبسطُ الرزقَ لمنْ يشاءُ، فكمْ مِنْ أناسٍ بسطَ اللهُ لهمُ الرزقَ بعدَ الفقرِ فكانوا مِنَ الأغنياءِ في هذهِ الدنيا، فسبحانَ القابضِ الباسطِ.

قالَ الرازيُّ: “القبضُ: في اللغةِ الأخذُ، والبسطُ: التوسيعُ والنشرُ، فكلُّ أمرٍ ضَيَّقَهُ فقدْ قبضَه، وكلُّ أمرٍ وسَّعَهُ فقدْ بسطَهُ([2]).اهـ وقدْ جاءَ في الحديثِ عن أنسِ بنِ مالكٍ  قالَ: غلا السعرُ بالمدينةِ على عهدِ رسولِ اللهِ ﷺ فقالَ الناسُ: يا رسولَ اللهِ غلا السعرُ سعِّرْ لنا فقالَ رسولُ اللهِ ﷺ: ((إِنَّ اللهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ القَابِضُ البَاسِطُ الرَّزَّاقُ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَلْقَى اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يَطْلُبُنِي بِمَظْلَمَةٍ في دَمٍ وَلَا مَالٍ))([3]). قالَ ابنُ الأثيرِ: “وفيهِ قالوا: يا رسولَ اللهِ سعِّرْ لنا فقالَ: ((إِنَّ اللهَ هوَ الْمُسَعِّرُ)) أيْ أَنَّه هوَ الذي يُرْخصُ الأشياءَ ويُغليها فلا اعتراضَ لأحدٍ عليهِ ([4]).اهـ

وقالَ البيهقيُّ: “القابضُ الباسطُ: هو الذي يوسعُ الرزقَ ويقترُه، يبسُطُه بجودِه ورحمتِه ويقبضُه بحكمتِه، وقيلَ: القابضُ الذي يقبضُ الأرواحَ بالموتِ الذي كتبَه على العبادِ والباسطُ الذي يبسطُ الأرواحَ في الأجسادِ ([5]). اهـ  قالَ اللهُ تعالى:  ﱡﭐ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛﱜ  ﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡﱢ ﱣ ﱤ ﱥ ﱦ ([6]) وقالَ تعالى:  ﱡﭐﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ  ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫﲬ([7]) ومعنى قَدَرَ عليهِ رزقَه في هذهِ الآيةِ: ضَيَّقَ عليهِ رزقَه([8]).اهـ وبمثلِها ما وردَ عن سيدِنا يونسَ عليهِ السلامُ ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲕ([9]) قالَ الإمامُ أبو منصورٍ الماتريديُّ: «قالَ بعضُهم ﱡﭐﲃ ﲄ ﲅ ﲆ ﲇ ﲕ أيْ: لنْ نضيِّقَ عليهِ ولا نبتليهِ بالضيقِ الشديدِ لما خرجَ مِنْ عندهم، فيقالُ: فلانٌ مقدَّرٌ عليهِ ومُقَتَّرٌ ومضيَّقٌ عليهِ الأمرُ وهوَ كقولِه: ﱡﭐﱝ ﱞ ﱟ ﱠ ﱡ ([10])، أي: يضيِّقُ، وقولِه ﴿ﲦ ﲧ ﲨ([11]) أي: ضيَّقَ عليهِ رزقَهُ»([12])اهـ. فاللهُ تعالى يضيقُ على مَنْ يشاءُ بأمرِ الرزقِ ويوسعُ على مَن يشاءُ ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﲘ ﲙ ﲚ ﲛ  ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤﲥ ﲦ ﲧ  ﲨ ﲩ ([13])، فكثيرٌ مِن الناسِ لو بسطَ اللهُ لهمُ الرزقَ لصدُّوا عن سبيلِ اللهِ، ومِن الناسِ مَنْ لو بسطَ اللهُ لهُ الرزقَ لأعانَه هذا على طاعةِ اللهِ والدعوةِ إلى الإسلامِ، فسبحانَ القابضِ الباسطِ يقبضُ الرزقَ عَمَّنْ يشاءُ ويبسطُهُ لمنْ يشاءُ لا يُسألُ عمَّا يفعلُ وهم يُسألونَ.

دُعَاءٌ: اللَّهُمَّ يَا مَنْ يَقبِضُ الرِّزقَ عَمَّنْ يَشَاءُ وَيَبسُطُه لمنْ يَشَاءُ آتِنَا رِزقًا حَلَالًا.



سورة البقرة / 245. ([1])

لوامع البينات في شرح أسماء الله الحسنى والصفات للرازي ص 176. ([2])

  مسند أحمد ج 4 ص 204.([3])

النهاية في غريب الحديث لابن الأثير ج 2 ص 368. ([4])

 الاعتقاد والهداية إلى سبيل الرشاد للبيهقي ص 59.([5])

سورة الشورى / 12. ([6])

سورة الفجر / 15-16. ([7])

 تفسير البغوي ج 5 ص 251.([8])

سورة الأنبياء / 87. ([9])

سورة الشورى / 12. ([10])

سورة الفجر / 16. ([11])

تأويلات أهل السنة للماتريدي ج7 ص370. ([12])

سورة الشورى / 27. ([13]