ومنهُم مُوكَّلُونَ بالسّياحَةِ في الأرض ليَدُورُوا على مجَالِس الذّكْر، ومنهُم ملائكةٌ موكّلُونَ بزيارةِ المؤمنينَ الصّالحِينَ ليَنفَحُوهُم بنَفَحاتِ خَير. كانَ رجلٌ مِن أصحابِ رسولِ الله ﷺ يُسمَّى العِرْباضَ بنَ سَارية كَبِر سِنُّه بعدَ وَفاةِ رسولِ الله ﷺ فصارَ يَشعُر بضَعفٍ وانحِطاطٍ بجِسمه فكانَ يتَمنّى الموتَ فيقولُ: اللّهُم إنّه كَبِرَ سِنّي ورَقَّ عَظمِي فاقْبِضْني إليكَ غيرَ مَفتُون، فبَينا هو ذاتَ يَوم في مَسجِد دِمَشقَ رأى شابًّا جميلَ الشّكْل يَلبَسُ ثَوبًا أخضَرَ على ثَوبٍ أَخضَرَ فقال لهُ: لا تَقُل هَكذا، قالَ لهُ: ماذا أقول؟ قال قل: اللهُمّ حَسِّن العملَ وبَلّغ الأجَل. فقال: جَزَاكَ اللهُ خَيرًا يا ابنَ أخِي مَن أنتَ([1]) فقال: أنا رتَائيلُ الذي يَسُلُّ الحَزَنَ مِن صدُورِ المؤمنين. فهذا المَلَك الذي ظهَرَ للعِرباض بنِ ساريةَ صاحبِ رسول الله ﷺ بهذا الشّكلِ البشريّ مِن ملائكةِ الرّحمة الذينَ هم مَأمورون بأن يدُورُوا في الأرض لزيارة المؤمنينَ الصّالحينَ ليُفَرّجوا عنهم كَرْبًا أو يُعلّمُوهم فائدةً دِينيّةً أو يُنشّطُوهم على طاعةِ الله تعالى حتّى يَزيدُوهم نَشَاطًا، يزورُون الصّالحينَ أولياءَ اللهِ في الأرض. هذا مِن جملتهم هذا يُقالُ له مَلَكٌ مِن ملائكةِ الرَّحمة.
فقال الشَّيخُ: الملائكةُ لهم رُسُلٌ أعلَى منهم درَجةً عندَ الله يُبَلّغُونَهم، ، يُوحِي اللهُ إليهم فيُبَلِّغُون غيرَهم منَ الملائكة.
سُئِلَ الشَّيخُ: رُسُلُ الملائكةِ كيف كانوا يتَلَّقَون الأوامرَ منَ الله.
فقال الشَّيخُ: ما ورَد في تفصِيلِ هذا شَىء.
فقال الشَّيخُ: يَعُمّ.
([2]) روى الطبري في تفسيره عن أبي سعيد، قال: سمعت النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: “لَمَّا فَرَغْتُ مِمَّا كانَ فِي بَيْتِ المَقْدِسِ، أُتِيَ بالمِعْرَاجِ، ولَمْ أرَ شَيْئا قَطُّ أحْسَنَ مِنْهُ، وَهُوَ الَّذِي يَمُدُّ إلَيْهِ مَيِّتُكُمْ عَيْنَيْهِ إذا حَضَرَ، فَأصْعَدَنِي صَاحِبي فِيهِ حتى انْتَهَى إلى بابٍ مِنَ الأبْوَابِ يُقالُ لَهُ بَابُ الحَفَظَةِ، عَلَيْهِ مَلَكٌ يُقالُ لَهُ إسْماعِيلُ، تَحْتَ يَدَيْهِ اثْنا عَشَرَ ألْفَ مَلَكٍ، تَحْتَ يَدَيْ كُلِّ مَلَكٍ مِنْهُمْ اثْنا عَشَرَ ألْفَ مَلَكٍ”