قال القرضاوي في كتابه المسمّى «في فقه الأولويات» ما نصّه([1]): «وهذا ما يوجب علينا في هذا العصر أن نعيد النظر في أقوال قيلت، وءاراء اتخذت في أعصار سابقة وربما كانت ملائمة لتلك الأزمنة وتلك الأوضاع ولكنها لم تعد ملائمة لهذا العصر بما فيه من مستجدات هائلة لم تكن لتخطر للسابقين على بال. والقول بها اليوم يسيء إلى الإسلام وإلى أمته، ويشوه وجه دعوته».اهـ.
وقال أيضًا: «من ذلك: تقسيم العالم إلى دار إسلام ودار حرب واعتبار أن الأصل في علاقة المسلمين بغيرهم هو الحرب وأن الجهاد فرض كفاية على الأمة إلى ءاخر تلك الأقوال.
والواقع أن هذه الأقوال لم تَعُدْ تصلح لزماننا ولا يوجد من نصوص الإسلام المحكمة ما يؤيدها؛ بل في النصوص ما يناقضها».اهـ.
الرَّدُّ:
عجبًا للقرضاوي كيف يلغي الجهاد «بجرّة قلم»، ولا يعترف بالجهاد في هذا العصر وكأنّه نسي أو تناسى اليهود واحتلالهم لبيت المقدس وما ذاك إلا لأن القرضاوي نسخه بحسب «فقه الحزب» على زعمه ثم تراه يعلن راية الجهاد فيسمي الإرهابيين الذين يقاتلون الأطفال والأبرياء في دولة الإمارات العربية المتحدة وفي مركز من مراكز الشرطة يدعو بعد محاضرة له ويقول: اللَّهُمَّ انصر إخواننا المجاهدين في مصر والجزائر والبوسنة وأفغانستان. هناك الجهاد غير منسوخ عند القرضاوي الجهاد مشروع عنده ضد العرب وضد حكام العرب، أما الجهاد ضد أعداء الأمة الحقيقيين فعنده صار جزءًا من الماضي لا سبيل للعودة له.
أما رفضه لعبارة «دار الحرب» فهذا كلام هراء ولا سيما أنه يعتبر أن هذا ليس من الدين، أقول إن هذا الاصطلاح طافح في كل كتب الفقهاء على اختلافها؛ بل وقد ورد في الحديث النبوي الشريف([2]): «لا ربا بين المسلم والحربي في دار الحرب»، وبهذا الحديث أخذ أبو حنيفة ومحمد ابن الحسن الشيباني في مسألة المراباة بين المسلمين والحربيين في دار الحرب حتى إن القرضاوي نفسه أفتى بهذه المسألة واستدل بالحديث وبهذا القول وها هو القرضاوي يطالعنا بهذه المقالة وكأنّه نسي أنه استعمل هذا الاصطلاح الذي يتنكر له الآن، وأما مسألة فرض الكفاية في الجهاد فسأترك القرضاوي يرد على القرضاوي.
فيقول في كتابه المسمّى «في فقه الأولويات» ما نصّه([3]): «جاء في شأن بر الوالدين والجهاد في سبيل الله حينما يكون الجهاد فرض كفاية وهو جهاد الطلب لا جهاد الدفع، وجهاد الطلب أن يكون العدو في أرضه ونحن الذين نطلبه من باب الحرب الوقائية».اهـ.
فانظر إلى تناقضاته الفاضحة.
[1])) انظر: الكتاب (ص77).
[2])) رواه البيهقي في المعرفة (7/47) عن مكحول، عن رسول الله r، وانظر: نصب الراية (4/44).
[3])) انظر: الكتاب (ص119).