الفقر الممدوح يرفع صاحبه درجات
اعلم رحمك الله أن الفقر منه ما هو مذموم ومنه ما هو ممدوح. الفقر المذموم هو الفقرُ الذي يُفسد صاحبه، يُوقعه في أكل الحرام، السرقةِ والغصبِ والخيانةِ، هذا فتنة. أما الفقر الممدوح هو الفقر الذي لا يُفسد صاحبه ولا يوقعه في الحرام إنما يرفع صاحبه عند الله درجات وذلك بالصبر عليه كما يحب الله ويرضى. أولياء الله إذا أصابهم فقر أو مرض يفرحون لأنه رفعهم عند الله درجات وأكثر الأنبياء والأولياء فقراءُ. لو كان الفضل عند الله بالمال ما كان يوجد نبي إلا وهو من أغنى الأغنياء وما كان يوجد ولي إلا وهو من أغنى الأغنياء، ولكن بما أن الفضل عند الله ليس بالمال كان أغلبُ الأنبياء فقراء، وأغلبُ الأولياء كذلك. الرسول صلى الله عليه وسلم مدح الفقر قال: يدخل فقراءُ المهاجرين الجنةَ قبل الأغنياءِ بخمسمِائة عام، هذا مدح للفقر، الفقير الصابر الذي لا يمد يده للحرام بل يرضى بما قسم الله له ويصبر هذا له أجر عظيم عند الله. قال بعض الصوفية الصادقين: ورود الفاقات أعياد المريدين معناه ورود المصائب عيد للمريدين أي لطلاب الآخرة المقبلين عليها، فإن هؤلاء إن بلغهم الفقر بعد أن كانوا بحالة بسط يعتبرونه عيداً فيزيدون في الطاعة بدل أن ينقلبوا أو يخففوا. نسأل الله تعالى العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة والحمد لله رب العالمين.