الجمعة ديسمبر 13, 2024

الصّبر على البلاء

العناوين الداخلية:

  • أنواع الصبر.
  • الأنبياء الكرام أشدّ الناس بلاء.
  • الأنبياء لم يكونوا بالمتنعمين.

 

أنواع الصبر:

قال شيخ الإسلام المحدث الشيخ عبد الله الهرري غفر الله له ولوالديه ورحمهم رحمة واسعة:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وعلى جميع إخوانه من النبيين والمرسلين، أما بعد. فقد قال رسول الله ﷺ: “ما أعطي أحد عطاء خيراً وأوسع من الصبر” رواه البيهقي.

الصبر ثلاثة أنواع فمن اكتملت فيه هذه الأنواع فهو من عباد الله الصالحين:

  • الأول من أنواع الصبر: الصبر على البلاء من فقر أو مرض أو أذى الناس.
  • والثاني: الصبر على الثبات على طاعة الله، أداء الواجبات في الحر والبرد، وعند الشغل والفراغ وفي الحضر والسفر.
  • والثالث: الصبر على حبس النفس عن المحرمات. فمن اكتملت فيه هذه الثلاثة صار من عباد الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.

 

الأنبياء الكرام أشدّ الناس بلاءً:

الأنبياء أشد الناس بلاء في الدنيا، ثم غير الأنبياء على حسب درجاتهم عند الله يكثر بلاؤهم، وذلك أن نبي الله أيوب عليه السلام كان عنده مال كثير، وكان عنده أربعة عشر ولداً: سبعة ذكور وسبع إناث، فابتلاه الله تعالى، إبليس هدم البيت الذي فيه أولاده فقتلهم كلهم، وأحرق له مزرعته التي كانت تغلّ له غلّة كبيرة واسعة، ثم سلّط الله عليه المرض في جسمه فاستمر مريضاً ثمانية عشر عاماً، فمن شدّه صبره ما سأل الله أن يعافيه، ثم مر اثنان من إخوانه أمامه، فقال أحدهما للآخر: هذا أيوب، أذنب ذنباً ما أذنبه أحد من الناس، لذلك اشتد بلاؤه عليه! فانكسر خاطره فدعا الله أن يعافيه، وكان الناس في ذلك الزمن ما عندهم بيوت خلاء، إنما يخرجون إلى مكان يخفى عن أعين الناس يقضون حاجاتهم، فقام لقضاء الحاجة فأبطأ بالرجوع، الله تبارك وتعالى أوحى إليه أن يضرب برجله الأرض فطلع عين ماء، فأوحى الله إليه أن يشرب من هذا الماء ويغتسل، فعاد صحيحاً مثلما كان قبل ثمانية عشر عاماً ما به أثر المرض، فرأت امرأته رجلاً مقبلاً فظنته أنه غيره وهو أيوب، فقالت له: هل رأيت نبي الله المبتلى؟ كان أشبه الناس بك حين كان صحيحاً! فقال: “انا هو”، ثم كان له بيدران بيدر قمح وبيدر شعير، فأرسل الله له سحابتين: سحابةٌ تمطر على بيدر القمح ذهباً، وسحابة تمطر على بيدر الشعير فضة، ثم رزقه الله من الأولاد العدد الذي كان له ومثلهم معهم. وبعض العلماء قالوا الله أحيا له أولاده ورزقه مثلهم معهم.

 

الأنبياء لم يكونوا بالمتنعمين:

البسط في راحة المعيشة ليس من الصفات العالية عند الله، ولذلك ما كان الأنبياء أكثر الناس في الدنيا راحة وبسطاً بل على العكس، نبي الله عيسى كان يلبس الشعر، ولم يبن بيتاً إنما كان يبيت حيث أدركه المساء، ولم يتّخذ داراً ولو اتخذ داراً لعبد النصارى ذلك البيت. فعلينا أن نقتدي بالأنبياء بالصبر على البلاء وتحمل قلة المعاش، بعض الناس يقبلون نحو الخير ثم تأتيهم مصائب، فيخطر لهم الشيطان: أنت أصابك هذا البلاء منذ توجهت للعبادة فينقلب على عقبيه فيكون من الخاسرين.

وكان من الأنبياء نبي يقال له نوح وهو النبيّ الرابع في البشر، أوّل الأنبياء آدم عليه السلام وهو أبو البشر، ثم ابنه شيث ثم إدريس ثم نوح عليهم الصلاة والسلام، الله تعالى أرسل نوحاً نبياً رسولاً إلى من كان في زمانه إلى الكفّار، لأنّ البشر قبل نوح كانوا كلّهم على الإسلام، ثم أغرق الله الذين كفروا، ثم أولاد نوح الثلاثة جاءتهم ذرية، فكفر من كفر منهم فأرسل الله لهم نبياً من العرب اسمه هود كان في اليمن.

والله أعلم وأحكم، والحمد لله على ما أنعم، ولا حول ولا قوة إلا بالله.