الشَّفَقةُ والرَّحْمَة والموّدةُ عند الرسولِ الأعظم ﷺ في معاملةِ زَوْجاتِهِ
لقد كان حبيبنا المصطفى ﷺ شفوقاً رحيماً ذا خلق عظيم مع نسائه في الحياة الزوجية، فقد كان ﷺ يشفق عليهن ويرحمهن ويحسن إليهن ويُحسن عشرتهن تودداً إليهن وتألفاً لقلوبهن، وكيف لا يكون نبينا وحبيبنا المصطفى ﷺ مع زوجاته أمهات المؤمنين هكذا وقد كنّ رضي الله عنهن من أقرب الناس إليه في حياته الزوجية، وقد كان ﷺ شديد الشفقة والرحمة بالمؤمنين، قال الله تعالى في وصف رسوله المصطفى ﷺ: { بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ (128)} [سورة التوبة].
وهناك نماذج رائعة وأمثال عظيمة وردت في سيرته العطرة ﷺ مع زوجاته رضي الله عنهن فيما يتعلق بالعطف والشفقة والرحمة والمودة والإحسان إلى زوجاته عليه الصلاة والسلام ويتجلى لنا ذلك في جوانب وأمور كثيرة منها:
عدمُ ضربه ﷺ لزوجاته:
فقد رُوي عن السيدة الجليلة عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما ضرب رسول الله ﷺ شيئاً قطُّ بيده ولا امرأة ولا خادماً إلا أن يُجاهد في سبيل الله، ولا نيل منه شيء قطٌّ فينتقم من صاحبه، إلا أن يُنتهك شيء من محارم الله تعالى، فينتقم لله تعالى، رواه مسلم.
مُساعدته ﷺ زوجاته في أعباء البيت:
فقد كان عليه الصلاة والسلام يُساعد زوجاته تخفيفاً عليهن في أعباء البيت وتنظيفه شفقة ورحمة بهنّ وتواضعاً لهنّ معلّماً أمته التواضع وكيف ينبغي أن يكون الرجل مع زوجته، فقد سئلت السيدة الجلية عائشة رضي الله عنها ما كان ﷺ يصنع في بيته؟ فقالت: كان في مهنة أهله. أي في خدمة زوجته في أعباء البيت.
تهدئته ﷺ زوجاته عند الغضب:
فقد ورد في الحديث الشريف أن حبيبنا المصطفى ﷺ كان إذا غضبت زوجته عائشة رضي الله عنها وضع يده على كتفها ودعا لها بقوله: “اللهُمَّ اغفر لها ذنبها وأذهب غيظَ قلبها وأعذها من مُضِلاتَ الفتن” (أي معضلات الفتن الشديدة المفضية إلى الهلاك) رواه ابن عساكر.
وهذا يدل على عظيم الرحمة والشفقة والمودة في أخلاق النبيّ الأعظم ﷺ في تعامله مع زوجاته الطّاهرات البارات.
مُواساته ﷺ زوجاته عند الضيق والشدّة ومُراعاتهنّ عند المرض:
ومن أمثلة ذلك ما ورد أن صفية بنت حُيَيْ زوجة الرسول الأعظم ﷺ كانت مع رسول الله ﷺ في سفره، وكان ذلك يومها، فأبطأت في المسير، فاستقبلها رسول الله ﷺ وهي تبكي، وتقول (أي للنبيّ ﷺ): حملتني على بعير بطيء. فجعل رسول الله ﷺ صاحب القلب الرحيمُ يسمحُ بيديه الشريفتين عينيها، ويُسكتها شفقة بها ورحمة.
وعن السيدة الجليلة عائشة رضي الله عنها قالت: كان ﷺ إذا مرض أحد من أهل بيته (أي زوجاته) نفث عليها بالمُعوذات ورقاها بيديه، رواه مسلم.
والنفث هو نفخ لطيف بلا ريق. وهذا يدل على عظيم خُلُقه ﷺ مع أهل بيته، وعظيم شفقته ورحمته ومودّته لزوجاته أمهات المؤمنين الطاهرات ومدى عطفه بهن ورحمته لهن رضي الله عنهن.