قال المؤلف رحمه الله: [والسَّعيدُ قد يَشقَى والشَّقيُّ قد يَسعَدُ، والتغيُّرُ يكونُ على السَّعادةِ والشقاوَةِ دونَ الإسعادِ والإشقاءِ وهما مِن صفاتِ الله تعالى ولا تَغيُّرَ على الله تعالى ولا على صفاتِهِ].
(الشرحُ): أنَّ السعيد قد يشقَى عند الماتريدية أتباع أبي حنيفة وكذلك العكس، ومرادهم بهذا أن الشخص قد تكون حالته حسنة ثم يُختم له بالكفر فهو بالنسبة إلى حالته الأولى سعيد بحسب الظاهر وبالنسبة لحالته الأخيرة شقيٌّ لأنه مات على الكفر، وكذلك الشقيُّ الذي هو متَّصِفٌ بالكفر قد يتحول حالُهُ إلى الإيمان بعد الكفر فيموت على الإيمان هذا أيضًأ بالنسبة لظاهر حاله تغير من الشقاوة التي هِيَ حال مَن يستحق العذاب الأبديَّ فِي الآخرة إلى السعادة التي هِيَ حال مَن يُؤَبَّدُ في النعيم المقيم.
ثم هذا التغيُّر يرجع إلى صفة العبد ليس إلى إسعاد الله تعالى ولا إلى إشقائه تعالى للعبد لأن صفاتِ الله تعالى لا تتغير كما أن ذاته لا يتغير لأن التغير أمارةُ الحدوث والله تعالى ليس محلًّا للحوادث لا تحدث له صفة لم تكن في الأزل قائمة بذاته.
وأما عند الأشاعرة فالسعيد هو مَن يموت على الإيمان والشقيُّ هو مَن يموت على الكر فلا تبدل عندهم.
وهذا الخلافُ بين الأشاعرةِ والماتريدية إذا حُقّقَ النظرُ فيه يعود إلى اللفظ وليس خلافًا حقيقيًّا.