الرد على القائلين بتكفير المؤذن الذي يصلي على النبي جهرا بعد الأذان:
اعلم أخي المسلم أن من البدع المذمومة التي سنّها بعض الناس تحريم الصلاة على النبي جهرا من المؤذن بعد الأذان وقال هؤلاء إن ذلك بدعة ضلالة يجب منعها ويقولون: الصلاة والسلام عليك يا رسول الله: هذا حرام هذا كالذي ينكح أمّه وقولهم هذا كفر قطعا. وقد ثبت حديثان أحدهما حديث مسلم: “إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول ثم صلوا عليَّ” وحديث: “من ذكرني فليصل عليَّ” أخرجه الحافظ أبو يعلى في مسنده والحافظ السخاوي في كتابه القول البديع في الصلاة على النبي الشفيع بلفظ: “مَن ذُكِرتُ عنده فليصل عليَّ” وقال لا بأس بإسناده. فيُؤخذ من ذلك أن المؤذن والمستمع كلاهما مطلوب منه الصلاة على النبي، وهذا يحصل بالسِّر والجهر. فإن قال قائل: لم يُنقل عن مؤذني رسول الله أنهم جهروا بالصلاة عليه، قلنا لم يقل النبي لا تصلوا عليّ إلا سِرّا، وليس كل ما لم يُفعل عند رسول الله يعتبر حراما أو مكروها، إنما الأمر يتوقف على ورود نهي بِنَصّ أو استنباط من عالم مجتهد كالشافعي ومالك وأحمد وأبي حنيفة، والجهر بالصلاة على النبي عقب الأذان توارد عليه المسلمون منذ قرون فاعتبره العلماء من محدثين وفقهاء بدعة مُستحبَّة منهم الحافظ السخاوي حيث قال: “الصواب أنه بدعة حسنة يُؤجر فاعله بحُسن نِيّته” ونقل ذلك عنه صاحب مواهب الجليل الحطاب المالكي ووافقه. ويدل على ذلك قوله تعالى “وافعلوا الخير” ومعلوم أن الصلاة والسلام على النبي من أجلّ القُرَب ولا سيما وقد تواردت الأخبار على الحث على ذلك.