الذي يرضى بالقضاء يستفيد من المصائب
البلية قسمان: بلية شرها عظيم، وبلية ما فيها معصية ما فيها ضرر بل فيها أجر للمسلم وتكفيرُ خطايا ورفع درجة، أيُّ مصيبة تصيب المسلم من حزن وهم وغم وصُداع، وأيُّ وجع في جسده يصيبه وأذى النّاس الذي يتألم منه وينزعج له فيه أجرٌ وتكفيرُ خطيئة من الخطايا ورفع درجة. المسلم بخير، المصائب التي تصيبه لا تذهب عليه سُدى بل يُكتب له أجرٌ وتمحى عنه خطيئة وتُرفع له درجة، فإن أصابه هم أو غم أو خَدْشٌ خفيف في جسمه كل ذلك له فيه أجر هذا إذا لم يتسخّط على قضاء الله، أما إن تسخّط على قضاء الله فهو محروم من الخير، إن تسخّط على قضاء الله وغضب على الله كفر. بعض النّاس عندما تصيبهم مصائبُ يكفرون يعترضون على الله ثم لا ينفعهم غضبهم كرجل في العرب الأُوَّل من قوم عاد عاش على الإسلام أربعين سنة ثم ذات يوم خرج أبناؤه للصيد فأرسل الله صاعقة فقتلتهم فغضب على الله غضبًا شديدًا، فقال: لا أعبده لأنه قتل أبنائي فصار يقول لمن يأتي إلى الناحية التي هو يحكمها: اكفر بالله وإلا قتلتك. ثم ما مكث طويلًا سلّط الله على ذلك الوادي الذي هو رئيس فيه نارًا فأكلت النارُ ذلك الوادي، هو ذهب فيها والزروع والمتاع كلُ الذي فيها حتى الأشجار صارت سوداء، تلك الأرض صارت سوداء، هذا لو سلّم لقضاء الله كان جزاؤه الجنةَ، الذي يفقِد ولدًا أو زوجة أو أبًا أو أمًا أو أخًا جزاؤه عند الله الجنة إن صبر، هذا كفر بدل أن يصبر ويصيرَ له أجر عظيم كفر وما نفعَه كفرُه. أما الذي لا يعترض على الله ويرضى بقضاء الله يستفيد من المصائب. فيا هناءة ويا سعادة من صبر على بأس الدنيا ولَأوائها، وكانت همّته مصروفةً إلى حيث يحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، فمن صبر هذه الأيامَ القلائلَ في الفانية، ربح تلك الأيام الطوالَ في الباقية. والله تعالى أعلم وأحكم والحمد لله رب العالمين.