الأحد ديسمبر 7, 2025

قال المؤلف رحمه الله: [والخبرُ الصادِقُ على نوعينِ أحدُهما الخبرُ المتواترُ وهو الخبرُ الثَّابتُ على ألسنةِ قوم لا يُتصورُ تَواطُؤُهُم على الكذِبِ].

(الشرحُ): أنَّ الخبرَ المتواتِرَ لا يحتمل الكذب بل يتحتم موافقتُهُ للواقع. وأما تفسيرُهُ فهو الخبر الذي يخبر به أناس كثيرون بحيث لا يُتصور أن يتواطؤوا على الكذب فيما بينهم فإنَّ ما كان بهذه الصفة في الطبقة الأولى والوسطى والأخيرة يوجب العلم اليقينيَّ، وأمَّا ما كان في الطبقة الأولى أقلَّ من هذا القدر ثم حصلت تلك الكثرة فإنه ليس موجبًا للعلم. والخبر المتواتر لا يُشترط فيه عدالةُ الرواة عند جمهورِ الأصوليين بل قال الشيرازيُّ يقع العلمُ بتواتر خبرِ الكفار اهـ. واشترط بعضهم كالفخر البَزْدَوِيِّ الحنفيِّ الإسلامَ والعدالةَ.

ولا بد للمتواتر أن يكون مستنِدًا إلى الحسِّ كالرؤية والسماع وأما ما يستند إلى القضايا العقلية فلا يقلا له متواتر.

قال المؤلف رحمه: [وهوَ موجِبٌ للعلمِ الضَّروريِ كالعلمِ بالملوكِ الخَاليةِ في الأزمنَةِ الماضِيةِ والبُلدانِ النَّائيةِ].

(الشرحُ): أنَّ الخبَرَ المتواتِرَ يُوجِبُ العلم الذي لا يحتاج للتفكر والاستدلال، فنحن نجد من أنفسنا العلم بوجود مكة وبغداد مثلًا بالإخبار بوجودهما الذي يتحدث به العدد الكثير من الناس الذين لا يُتصور تواطؤهم على الكذب فيحصل لنا الجزم والقطع واليقين بوجودهما قبل المشاهدة وهذا يحصل للمُستَدِلّ وغيرِه حتى الصبيان الذين لا اهتداء لهم بطريق الاكتساب وترتيب المقدمات.

أما ما نزل عن التواتر فمنه مستفيضٌ أيضًا دونَ استفاضةِ المتواترِ يُقال له المشهورُ فِي اصطلاح المحدِّثينَ ومنه ما هو دون ذلك ويُقالُ له حديثُ الآحادِ فأمَّا المشهورُ المصطَلَحُ عليه فهو حجةٌ في الاعتقاداتِ عند الأشاعرةِ وكذا عند الماتريديةِ لإفادته العلمَ كالمتواتر لكنْ مع كونِ العِلمَ يُسْتَفادُ منه بالنَّظَرِ لا بالضرورة، وأمَّا أخبارُ الآحادُ فلا يحتجُّ بها الماتريديةُ في العقائدِ ومعهم في هذا الخطَّابِيُّ وقال الأشاعرةُ لا يُشترَطُ التواتر ولا الشهرةُ بل يَكفِي حديثُ الآحادِ الذي صحَّ بإسنادٍ نظيفٍ بشرطِ أن يكونَ رواتُهُ متَّفَقًا على توثيقِهِم.