بسم الله الرحمن الرحيم. نقول جماعة لله تعالى: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن عيسى عبد الله وابن أمته وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وأن الجنة حق وأن النار حق. الحمد لله حمدا يرضاه لذاته. والصلاة والسلام على سيد مخلوقاته، ورضي الله عن الصحابة والآل وأتباعهم من أهل الشرع والحال، والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. اللهم صلِ صلاة كاملة وسلم سلاما تاما على سيدنا محمد الذي تنحل به العقد وتنفرج به الكرب وتقضى به الحوائج وتنال به الرغائب وحسن الخواتيم ويستسقى الغمام بوجهه الكريم وعلى آله وصحبه وسلم. اللهم اجعل نياتنا خالصة لوجهك الكريم. اللهم امدنا بأمداد الأنبياء والمرسلين والأولياء والصالحين وبمدد من هذا المجلس على مائدته، الإمام أحمد الرفاعي الكبير.
قال سيدنا الغوث أحمد الرفاعي الكبير في البرهان المؤيد: أي سادة الزهد أول قدم القاصدين الى الله عز وجل، وأساسه التقوى وهي خوف الله رأس الحكمة. مجلسنا هذا إن شاء الله تعالى في شرح كلمة الإمام أحمد الرفاعي الكبير رضي الله عنه، والزهد أول قدم القاصدين إلى الله تعالى. سيد الزاهدين رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، هو إمام الزاهدين وإمام العابدين. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر الشهر والشهران لا يوقد في بيته عليه الصلاة والسلام نار لطبيخ، إنما الماء والتمر. وهذا بيت أشرف الخلق رسول الله صلى الله عليه وسلم. الزهد، أول قدم القاصدين إلى الله. لا يكون المرء وليا إلا بزهد، والزهد هو قطع النفس عن اتباع المستلذات والمستحسنات. الذي يريد ان يكون من اولياء الله لا بد له من الزهد. لا يكون المرء وليا إلا بزهد.
هذا معنى كلام الإمام الرفاعي رحمه الله، والزهد أول قدم القاصدين إلى الله. الزهد، أي مع أداء الواجبات واجتناب المحرمات. الزهد، مع أداء الواجبات واجتناب المحرمات هذا هو طريق الولاية. الزهد، قطع النفس عن اتباع المستلذات والمستحسنات. الزهد أن تقطع نفسك عن المستلذات والمستحسنات. ليس معنى ذلك أنك تحرم ما أحل الله عز وجل. بل معنى ذلك أنك لا تسرسل في الملذات، تقطع نفسك عنها زهدا اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم. هكذا كان نبينا عليه الصلاة والسلام. كان على الزهد. كان عليه الصلاة والسلام إذا أنت دخلت بيته عليه الصلاة والسلام ترى بيت إمام الزاهدين وإمام العابدين بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهكذا أيضا أنبياء الله، سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام. كان سيدنا سليمان عليه السلام كان لا يتنعم. ترك التنعم معناه ترك الاسترسال في الملذات، في المأكل، في المشارب. وهكذا كل الأنبياء. كان نبي الله سليمان عليه السلام يطعم الناس لب القمح الصافي. كل يوم يطعم مئة ألف شخص وأحيانا ستين ألفا. وكان يذبح عليه الصلاة والسلام كل يوم مئة الف شاه، أما هو لنفسه يأكل اللبن الحامض.
التنعم جائز، لكن أهل الله يترفعون عنه. الذي يترك التنعم يواسي غيره، إذا رأى فقيرا يواسي غيره. أما الذي يتنعم يخشى إن تصدق أن يذهب عليه تنعمه. لذلك الأنبياء لا يتنعمون، حتى لا يقتدي بهم أممهم في ذلك. هذا ينبغي أن نحفظه وأن نعلم أن من أراد أن يمضي في طريق الصوفية، في طريق الإمام أحمد الرفاعي، في طريق الأولياء والصالحين والعارفين والعابدين. لا بد له من الزهد لا بد أن يزهد. لا بد أن يكون قدوة لغيره بترك التنعم. معاذ بن جبل رضي الله عنه لما وجهه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قال له: إياك والتنعم فإن عباد الله ليسوا بالمتنعمين. معناه عباد الله الكاملون ليس من حالهم التنعم. التنعم عقبة في طريق طالب الآخرة هذه عقبة. لا وصول إلا على الأصول. لا بد حتى يصير العبد من أولياء الله الصالحين أن يزهد في الدنيا. وكما بينا ليس معناه أنه يحرم المباح، إنما يقطع نفسه عن الاسترسال في الملذات في المآكل في المشارب لتنصرف همته وتقوى نفسه على طاعة الله عز وجل. ينبغي أن نعود أنفسنا تقليل التنعم. فإن فيه خير الدين والدنيا، تقليل التنعم فيه خير الدين والدنيا. ازهد يا سيدي في الدنيا وأقبل على الآخرة. لا تركنوا عباد الله إلى التنعم والرفاهية. فالسلف الصالح إنما نشروا الدين بتركهم التنعم لو لم يكونوا كذلك لما انتشر الإسلام. لولا أن السلف الصالح الصحابة والتابعين وأتباع التابعين، لولا أنهم تركوا التنعم ما انتشرت رقعة الإسلام في مدة قصيرة من الزمن إلى بحر الصين في أقصى الشرق، وإلى طنجة في أقصى الغرب. اليوم كم من علماء فسقوا بسبب طلب الرفاهية وبسبب عدم الرضى بالقناعة باليسير من الرزق الذي ليس فيه رفاهية. نفوسهم ما قنعت حتى امتدت أيديهم إلى الحرام.
أيها الرفاعية، أيها الصوفية، يا إخوة الطريقة كيف سننصر دين الله؟ إذا ذهبت هممنا إلى المال، فكرنا كيف نجمع المال؟ كيف نكنز الذهب؟ كيف نكنز الفضه؟ كيف نعمر الدنيا؟ ماذا سيبقى في قلوبنا من الهمة لنصرة الدين. شيخ طريقتنا الذي نذكر الآن مقالاته إمامنا الرفاعي، وقته ليل نهار كان في تعليم علم أهل السنة والجماعة. يا مشايخ يا علماء يا سادة هذا الطريق له أصول لكل من أراد الوصول. لا يكفي أن تمسكوا السبحة لا يكفي أن تضعوا القلنسوة الخضراء لا يكفي أن تتكلموا بمواعظ الصوفية وتتركوا تعليم علم أهل السنة. إن أكثر ما ظهر به السادة الرفاعية قوتهم وهمتهم في تعليم عقيدة أهل السنة والجماعة. في تعليم أن الله سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. في تعليم أن الله تعالى منزه عن الزمان ومنزه عن المكان، أن الله منزه عن الحلول، منزه عن الاتحاد، منزه عن الاتصال، منزه عن الانفصال، إن الله سبحانه وتعالى موجود لا يشبه شيئا من المخلوقات.
ترك التنعم والزهد الذي يبدأ سيدنا الرفاعي رضي الله عنه مقالاته به أما رأيتم في ذلك إشارة؟ لماذا؟ إذا كنت يا أخي الآن ممن يتنعم، يسترسل في الملذات في أنواع الطعام وأنواع الشراب، هذا سيبعدك عن الاستعداد للآخرة، سيبعدك عن طريق الآخرة، ستضعف همتك، لن تقوى على نصرة الدين، لن يبقى لك وقت كاف لتعلم علم الدين. ترك التنعم يساعد على الاستعداد للآخرة. التنعم يمنع عن كمال الاستعداد للآخرة. يأخذ وقتا لو صرفه بترك التنعم للآخرة لكان له درجة عالية. إذا إنسان رأى من هو أغنى منه من هو أكثر منه مالا أو أقوى منه صحة، لا ينظر إلى هذا بل ينظر إلى من هو دونه إلى من هو أسفل منه. لماذا؟ حتى لا يزدري نعمة الله التي أنعم الله بها عليه حتى لا يحتقرها فبذلك يكون شاكرا لله تعالى. أما إذا علق قلبه بما عند الناس من كثرة المال ممن هم فوقه في المال أو في الصحة في صحة الجسم والقوة ينسى بعض الشكر.
ما يعين على سلامة الدين. الرضا بالقليل من الرزق ومن لا يرضى بالقليل من الرزق يقع في المهالك. إما أن يأكل الحرام وإما أن يبخل عن دفع ما هو واجب. من قنع بالقليل من الرزق الحلال، فهذا يدعوه إلى الادخار إلى آخرته. بتقديم مبرات وصدقات وتكثير الأعمال الصالحة. علينا أن نترك التنعم وعلينا بالاقتصاد في النفقة. ورد حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: الاقتصاد في النفقة نصف المعيشة، رواه السيوطي. وترك التنعم يساعد على تجنب الحرام عند قلة المال. الزهد الذي هو ترك التنعم، انطلاق إلى الخيارات والمعالي والمكارم. السلف الصالح بهذا وصلوا إلى ما وصلوا إليه وإلا لكانوا مثلنا متأخرين. عليكم يا سادة بالقناعة بالقليل من الرزق. فإن القناعة باليسير من الرزق سلامة الدين والدنيا. وعليكم بالإكثار ذكر الموت فإنه يساعد على القناعة باليسير من الرزق والاستعداد للآخرة وإيثار الآخرة على الدنيا. الذي لا يزهد يتعلق قلبه بالمال، فماذا عن حب المال؟ حب المال فتنة كبيرة. كثير من الناس كفروا لأجل المال، كفروا بالله لأجل المال. وبعض الناس حب الجاه، لحب الجاه كفروا، للرئاسة لرئاسة الناس، وبعض الناس لأجل النساء كفروا، هذا الملك الذي قتل يحيى بن زكريا عليهما السلام. قتل يحيى لإرضاء امرأة تعلق قلبه بها. ومما جاء بما معناه في الحديث أن من هوان الدنيا على الله أن يحيى بن زكريا عليهما السلام قتلته امرأة. الذي لم يقنع بالقليل من الرزق فإنه يهلك. كثير من الناس سبب دخولهم السجون، ومكابدة العقوبات عدم القناعة بالقليل من الرزق، والذي يساعد على القناعة بالقليل من الرزق ترك الترفه، من لازم الترفه فتغير عليه الحال يحاول أن لا يزول عنه ذلك الترفه فيتعاطى المال الحرام.
لا يجتمع كمال الإيمان والتنعم. أعيد لا يجتمع كمال الإيمان والتنعم. المسلم لما يصير كامل الإيمان يبتعد من التنعم. إلا إذا كان مريضا يتداوى بالتنعم بقدر الحاجة بقدر العلاج يتداوى يتنعم، يأكل أصنافا كثيرة للعلاج ليقوى بدنه على طاعة الله، ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمئِذٍ عَنْ النَّعِيم. ورد في الحديث أنه يقال للعبد يوم القيامة: ألم أصح جسمك وأروك من الماء البارد؟ فإذا كان هذا مما يسئل عنه فكيف ما زاد على ذلك؟ حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وإياكم وتعود التنعم فإن من تعود التنعم فاته خير كثير لآخرته. التنعم بالحلال ليس حراما لكن هذا بقيد. إذا لم تكن هناك ضرورات، التنعم بالحلال ليس حراما إذا لم تكن هناك ضرورات. لكن إذا كان هناك ضرورات لا تسد إلا بترك التنعم كانت التنعم محظورا. والضرورات ليس الجوع والعري وفقد المأوى فقط بل من أهم الضرورات تعليم عقائد أهل السنة والذب عنها الدفاع عنها ومكافحة مخالفيها بالتعليم والبيان وهذا يحتاج الى عمل بالمال والبدن. الذي يستطيع أن يقوم بذلك بماله، وجب عليه أن يقوم بذلك بماله وبدنه. الذي لا يستطيع القيام بهذا الفرض بماله عليه أن يقوم بعمل بدنه، والذي يستطيع أن يقوم بذلك بماله، وجب عليه أن يقوم بذلك بماله وبدنه. لو ترك إخواننا التنعم لاستطاعوا أن يقوموا بعمل عظيم لدينهم، لكن كثيرا منهم للأسف تعودوا التنعم فحال التنعم بينهم وبين كمال أداء الواجبات. وأين نحن من وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل، إياك والتنعم فإن عباد الله ليسوا بالمتنعمين.
العاقل حق العاقل لا يختار ما يفنى على ما يبقى. فما يقدمه المرء لآخرته هو الباقي. وأما ما يصرفه للتنعم فإنما مآله يعود إلى ما يخرج من الإنسان من القذر وما يلبسه نهايته بعد البلى إلى المزابل ونحوها أكرمكم الله. فآثروا ما يبقى على ما يفنى. ينظر إلى ما يوافق الاستمرار على هذا السير. سد الضرورات ليس الآن فقط لأن بعض أمور الدين أمر حالي وبعض للحال والمستقبل. والنظر الصحيح يكون بالنظر لمصلحة الحال ومصلحة المستقبل. ومن أشد الغفلة عن الآخرة عدد كثير ممن سلك هذا الطريق يصرفون المال لهذه السيجارة. ماذا لو رأكم الإمام الرفاعي؟ ماذا لو رأكم عبد القادر الجيلاني؟ ماذا لو رأكم الجنيد البغدادي؟ لو صرفوا هذا المال فقط للسجائر لو صرفوا ذلك للضرورات الدينية ما يكفي لنفقات دعاة كثر. لو صرفوا ما يضعونه في ذلك في الضرورات لفرغوا عددا كبيرا من الدعاة إلى الله. ما أعظم هذه الخسارة. نحن في حصننا في حصن التوحيد، في حصن أهل السنة والجماعة. نحن رفاعية كنا إو قادرية أو شاذلية أو بدوية أو نقشبندية، نحن اليوم ونحن ندافع عن عقيدة أهل السنة كالذين في المعركة. من فر من المعركة كمن فر من الزحف. الذي يكون همه الأكل والشرب واللباس لا يكون في الآخرة من أهل الدرجات العلا. يدخل في العمل بالعلم ترك التعلق بالمستلذات. ثبت عن سيد السادات محمد رسول الله صلى الله وعليه وسلم لا يبلغ العبد حقيقة التقوى حتى يذر ما ليس فيه بأس حذرا مما فيه بأس، هذا الزهد في الحلال. واشتهر عن عيسى عليه السلام أن أكله الشجر ولباسه الشعر وكان دأبه ودأب غيره من الأنبياء التقشف. لم يتخذ عيسى عليه السلام بيتا يسكنه ولو كان اتخذ بيتا لعل بعضا ممن يزعم أنه ينتسب إليه لعلهم عبدوا ذلك البيت.
هكذا الأنبياء وهكذا أهل الله. الشيخ مصطفى نجا كان زاهدا وليا. الراتب الذي كان مخصصا له الذي كان يأتيه بسبب الوظيفة كان يوزعه على الفقراء وكان له دكان صغير يتقوت منه. مرة جاءه الحاكم الإفرنجي بصرة من ذهب فقال له نحن مستغنون، هذا كلام الشيخ مصطفى نجا، قال نحن مستغنون لا حاجة، لا حاجة لنا به، ما أخذه الشيخ مصطفى نجا. هذا كان قبل زمان كان مفتيا لبيروت رضي الله عنه. هذا الشيخ مصطفى نجا الذي كان يوزع راتبه ليس فقط خمسون بالمائة أو عشرون بالمئة يوزعها، كل راتبه كان يوزعه على الفقراء. هذا الشيخ مصطفى نجا رحمه الله الذي كان صوفيا كان أشعريا شيخا من مشايخ أهل السنة. جاءه ذات يوم رجل فقير معسر. فشكى له الفقر فالشيخ مصطفى نجا رحمه الله قال له أنا أكفيك اعطيك المال مني مما أملك لكن أطلب منك وظيفة. ولا تعجبوا من تلك الوظيفة حين يطلبها شيخ كالشيخ مصطفى نجا رحمه الله. تدرون ماذا طلب؟ ما طلب منه أن يجمل له حديقة بيت، هذا إذا كان عند الشيخ مصطفى نجا حديقة. ماذا طلب منه؟ قال له خذ هذا المال اشتري بهذا المال عصا وضع في طرف العصاة مسمارا وثبته بها ثم در في طرقات بيروت وظيفتك إذا وجدت اسم الله على الأرض، آية من كتاب الله على الأرض، إذا وجدت اسما من الأسماء المعظمة ملقى في الطرقات وظيفتك أن تجمع هذه الأوراق ثم بعد ذلك تحرقها. خصص له الشيخ مصطفى نجا رحمه الله راتبا شهريا وبقي الشيخ مصطفى يعطيه هذا الراتب إلى أن توفي هذا الشيخ رحمه الله.
من الكرامات لهذا الشيخ كان يوجد راهبتان في بناية مطلة على المقبرة التي دفن فيها هذا الشيخ. كان يشاهد على قبر الشيخ مصطفى نجا نور من الأرض إلى السماء في كل ليلة. فهاتان الراهبتان رأتا هذا النور فجاءتا مسرعتين إلى حارس المقبرة قالوا إن لنرى نورا في هذه المقبرة. قال هذا الحارس هل تعلمون من أي ناحية في المقبرة هذا النور؟ قالوا نعم مشى معهم على وصفهم حتى بلغوا قبر الشيخ مصطفى نجا فقال هذا قبر الشيخ مصطفى نجا. الله تعالى ألهمهما الإيمان، فكان منهما شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. هذا حال الزاهدين. ربما بيوتهم في الدنيا ما كان فيها تلك الأنوار الكبيرة. ربما كان عندهم شمعة. ربما كان عندهم ضوء سراج صغير وربما كانوا لا يجدونه في بعض الأحيان. لكن الله عز وجل جعل النور على قبورهم وجعل الأنوار في قبورهم. نور في القلوب في الدنيا ثم نور في القبور في البرزخ ثم نور عند الصراط في الآخرة ثم أنوار الجنة.
في بلادنا في الأردن أدركت وما هي عدد من أهل الطريق ومن أهل الفضل ومن المشايخ ومن مشايخ الطرق. في بلدنا الأردن شيخ زاهد هو الشيخ مصطفى الجمل رحمه الله الذي توفاه الله قبل أن يدخل شهر رمضان بأيام قليلة. عاش وحيدا زاهدا مضى وحيدا فردا عن هذه الدنيا الفانية. لسنوات طويلة يعيش في خيمة صغيرة كان في مدينة إربد في الشمال. عرفه من عرفه من أهل هذا البلد ومن غيرهم. هذه الخيمة لو وقفت فيها تحتاج أن تحني رأسك. لا تستطيع أن تقف فيها إنما عليك أن تنحني انحناء كبيرا. عاش في هذه الخيمة في فلات من الأرض صيفا وشتاء في خيمة يعيش على الفتح. كان عجيبا في الزهد يقول شيخنا الشيخ عبد الله رحمه الله ما رأيت مثله إلا شيخا في اليمن كان عجيبا في الزهد. حتى إني ذات مرة سمعت الشيخ رحمه الله يقول هذا الشيخ مصطفى كأنه ملك في الزهد زوروه حتى تتعلموا منه الزهد. زاره من زاره وتعلم منه الزهد من تعلم وبعض الناس ما كان يسعى وراء هؤلاء، ولعله الآن عندما يسمع يقول ومن الشيخ مصطفى؟ هؤلاء أهل التقوى أهل الخفاء.
ورد في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما قل وكفى خير مما كثر وألهى، رواه ابن حبان. معناه الرزق القليل الحلال الذي يكفي الشخص خير من الكثير الذي يلهي عن طاعة الله. ما قل وكفى خير مما كثر وألهى. الذي لا يقلل من التنعم قد يؤدي به ذلك إلى الوقوع في الحرام. أو الوقوع في الغفلة لا بد أن يقع في أحد الأمرين. كثير من النساء في هذا الزمان على التنعم. أنبياء الله ما كانوا يتنعمون مع مقدرتهم النبي، الله تعالى عرض عليه أن يقلب له بطحاء مكة ذهبا، كان يأكل عليه الصلاة والسلام الخبز والخل. يمضي عليه صلى الله وعليه وسلم زمان وهو على تلك الحال. رسولنا صلى الله عليه وسلم حث أمته على أن يثبتوا في المدينة، يصبروا على حرها وبردها هذا حال الأنبياء. ترك الرفاهية الذي يذم ترك الرفاهية كذب الأنبياء. لأن ترك الترفه يساعد على الاستعداد للآخرة. ويقوي القلب للعطف على الفقراء ويساعد على الصبر بالرزق القليل حتى لا تمتد يده إلى المال الحرام. كثير من الناس من مشايخ وغيرهم تركوا هذا الطريق لماذا؟ لا يرضون بترك الرفاهية هذا يكون باسم أنه شيخ للطريق يمد يده إلى أموال الأيتام وإلى أموال الزاوية، وإلى أموال الوقف بغير حق. أساؤوا للصوفية ليس هذا طريق الصوفية. لأن نفوسهم التزمت الرفاهية تعودت الرفاهية لذلك يأكلون الحرام ويأكلون أموال الأيتام. حب المال يوصل إلى مهالك، حب المال كثر في الناس، حب المال أوصل كثيرا من الناس الى المهالك. المال لماذا يحبه الناس؟ للرفاهية، للتوسع في الملبس والمأكل والمشرب والمسكن ونحو ذلك. الترفه ليس حراما إن كان من الحلال لكن هذا بقيد، إذا كانت الضرورات قد سدت فلا يكون حراما لكن تركه أحسن. لو أكل مئة صنف واتخذ مئة صنف من الثياب ليس حراما لكن تركه أحسن. إذا لم يكن للكبر ليس حراما. في التواريخ يذكر أن المأمون كان يحضر على مائدته ثلاثمئة صنف من الطعام هذا إذا كان من المال الحلال ليس للفخر ليس حراما لكن تركه خير.
أي سادة والزهد أول قدم القاصدين إلى الله تعالى أي إلى مرضاة الله عز وجل. انقضى مجلسنا هذا في الزهد في هذا المجلس الرفاعي ولكن الكلام عن الزهد لم ينقض بعد وفي البرهان المؤيد وفي كلام السيد الكبير أحمد الرفاعي رضي الله عنه في مقاله وفي حاله الكثير من الزهد كيف لا وقدوته قدوتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. اللهم اجعلنا من الزاهدين من الصوفية الصادقين من الرفاعية من أهل الطريق السالكين وأمدنا يا مولانا بمدد السيد أحمد الرفاعي الكبير. سبحانك اللهم وبحمدك. نشهد أن لا إله إلا أنت ونستغفرك ونتوب إليك، سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين.