الأحد نوفمبر 9, 2025

الأنبياءُ عليهِمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ

  • قال الشَّيخُ: النبيُّ لا يَنزلُ عليهِ وَحْيٌ جَديدٌ بحُكم جَديد إنّما الرُّسُل همُ الذين يَنزلُ عليهِمُ الوَحيُ بأحكامٍ جَديدة، الأنبياءُ يُوحَى إليهم ليَتّبِعوا شَرعَ الرَّسُولِ الّذي قَبْلَهُم لا يُوْحَى إليهم بحُكمٍ جَديدٍ.
  • قال الشَّيخُ: لا يجُوز أن يؤثِّرَ السّحرُ في فِكْرِ الرَّسولِ ﷺ، ويجُوز أن يؤثّرَ في جِسمِه فيُصيبُه الألمُ. لكنْ نحن نقولُ لم يُؤَثِّر السِّحرُ بفِكْرِه ولا جِسْمِه.
  • قال الشَّيخُ: لمّا اجتَمع موسى بالخَضِر عليهما الصَّلاةُ والسَّلام قالَ لهُ الخَضِرُ وقَد كانَ عُصفورٌ نَقرَ في البَحْر بمِنقَارِه، قال: «يا موسى ما عِلمِي وعِلْمُكَ في جَنْبِ عِلْم الله إلا كما نَقَرَ هذا العُصْفور» رواه البخاري وأحمد والنسائي([1])، قال له ذلكَ تَفهيمًا لنا أنّ الخَلْقَ كُلَّهم لا يَعلَمُون إلّا ما علَّمَهُم اللهُ فقَط.
  • قال الشَّيخُ: حصَلَت حادثاتٌ عديدةٌ لرسولِ الله تُبَيّنُ لنَا أنّ الرَّسولَ لا يَعلَمُ إلا ما عَلَّمَه اللهُ، مَرَّةً أرسَلَ سَبعِينَ مِن خِيارِ الصّحَابَةِ ليُعَلِّمُوا أهلَ ناحيَةٍ الدِّينَ الشّريعةَ، طُلِبَ منهُ ذلكَ فأرسلَهُم فاعتَرضَ لهم في الطّريقِ بعضُ قبَائلِ العرَبِ المشركينَ فقتَلُوهُم، فحَزِنَ الرَّسول عليهم حُزْنًا شَديدًا، هذا دليلٌ على أنّ الرَّسولَ لم يُعلِّمهُ الله كُلَّ شَىء.
  • قال الشَّيخُ: إخوةُ يوسُف لما قالوا: “إنّ أبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ” كفَروا([2]) ثم بعدَ ذلكَ أَسلَمُوا.
  • قال الشَّيخُ: موسى كلّمَه الله، أسمعه كلامًا أزليًّا ليس عربيًّا ولا أعجميًّا وفهَّمه الله بقدرتِه، وموسى عبَّر عن ذلك بلُغَتِه العِبرانيةِ التي يفهَمُها قومُه ، وأمّا التّوراةُ والصّحُف التي أُنزلَت عليه فإنّه تلَقّاها بطَريقِ جبريلَ ليسَت مِن تأليفِه، لم يؤلّفْها بعباراتٍ مِن نَفسِه.
  • قال الشَّيخُ: موسى وهارونَ كانا أخَوَينِ فأُرسِلا في ءانٍ واحِد وكانَ الكتابُ المنزَلُ إليهما كتابًا واحِدًا هو التّوراةُ ومِثلُ هذا يَصِحُّ في غَيرِهما أيضًا، ويصِحُّ هذا في مَن لم يكونا مِنَ الرُّسُل مُتّحِدَينِ في العصر بل كانَ أحَدُهما بَعدَ الآخَر وُجُودًا.
  • قال الشَّيخُ: الذي يقولُ عن رسول الله ﷺ: “إنّهُ قبلَ أن يَنزلَ علَيهِ الوَحي كانَ جَاهلًا بالأحكَام” لا يَكفُر، أمّا الذي يقول عنهُ: “جاهِلٌ” ويَسكُتُ هذا يكفُر لأنّ في ذلك ذمًّا بالرَّسول ﷺ.
  • قال الشَّيخُ: الخضِر نبيّ غيرُ رسولٍ وهوَ ليسَ في كلّ شَىء أعلمَ مِن موسى بل في بعضِ الأشياء.
  • سُئِلَ الشَّيخُ: عن الحِوار الذي جرَى بينَ ءادمَ وموسى عليهما السَّلام، ذُكِر في الحِوار عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: «احتَجَّ ءادمُ وموسى عندَ ربّهما فحجَّ ءادمُ موسى عليهِ السَّلام، فقال موسى لآدمَ أنتَ الذي خَلَقَكَ اللهُ بيدهِ ونفَخَ فيكَ مِن رُوحِه وأسجَدَ لكَ ملائكتَه وأسكنَك جنّتَه ثم أَهْبَطْتَ الناسَ بخَطيئَتِك إلى الأرض فرَدَّ عليه ءادمُ عليه السَّلام أنّ هذا حصَل بتَقديرِ الله».

فقال الشَّيخُ: ءادمُ وموسى في الاعتقادِ على حَدٍّ سَواءٍ لكنْ مِن حيثُ الظّاهرُ موسى أورَد الكلامَ على وَجْهٍ ثم كانَ جوابُ ءادمَ على وجهٍ فكانَ خُلاصَةُ إيرادِ موسى على ءادمَ على هيئةِ العِتابِ أي أنتَ السَّببُ في خرُوجِنا ومُقاسَاتِنَا للمَتاعِب في هذه الدُّنيا بما فعَلتَ وارتَكبتَ مِن تلكَ الخطيئةِ، فأجابَه ءادمُ بأنّ هذا ما حصَل إلّا بتَقديرِ الله، ثمّ إنّ هذا أمرٌ مضَى وانتهَى وَتِيْبَ عليَّ منهُ فلا أُلاَمُ بعدَ تَوبَتي منه، وليسَ المعنى مِن ءادمَ أنّه لا يَستَحِقُّ أحَدٌ ارتكَب معصيَةً وخطيئَةً أن يُوجَّه إليهِ اعتراضٌ وإنكَارٌ، ليسَ هذا قَصدَ ءادمَ إنّما قصدُه أنّ هذا شىءٌ حصَل بتقديرِ الله وتُبْتُ منه وانتهى أمرُه، فهذا الرَّسولُ قال: فَحَجَّ ءادمُ موسَى” أي غَلَبَ ءادمُ موسَى في المُحَاجَّة لأنَّ هذا العمَلَ الذي عَملَه ءادمُ لا يُوَجَّه إليه لومٌ عليهِ بعدَ أن تابَ منه ومُحِيَ عنه.

سُئِلَ الشَّيخُ: كيف نُسِّقَ هذا الحديثُ بينَ ءادمَ وبينَ موسى والفترةُ الزّمنيّة طويلةٌ بينَهما؟

فقال الشَّيخُ: الأنبياءُ أحيَاهُم اللهُ بعدَ أن ماتُوا وكُلٌّ منهُم حَيٌّ الآنَ يَذكُر ربَّه ويُصَلّي في قَبره.

سُئِلَ الشَّيخُ: مَن أوصَل هذا الحوارَ الذي دارَ بينَهما إلينا؟

فقال الشَّيخُ: اللهُ أوحَى إلى سيّدِنا محمَّدٍ بأنّه حصَل بينَ ءادمَ وموسَى هذا الحديثُ في البَرزخ أي بعدَ موتِهما.

  • قال الشَّيخُ: الرَّسولُ ﷺ وغيرُه مِنْ رُسُل الله لا يخطئون فيما يُبلّغُونَ عن الله، أمّا في الأمور الدُّنيويّة قد يظُنّون شيئًا وهو على خلافِ الواقع، لكن لا يُقال عن سيّدنا محمَّدٍ عُوْقِب على بعض أخطائه في الأمورِ الدّنيوِيَّة، أمّا لو قيلَ: بعضُ الأنبياء عُوقِبوا ببَعض أعمالهم فهذا صحِيحٌ كما عُوقب يونُس عليه السَّلام بابتلاع الحوتِ له، بقِي في بطنه بُرهةً منَ الزَّمن، هذا لا يُعارِض الدّين.

سيدُنا يونُس غاضَبَ قَومَه فذهَب بلا وَحْي بالإذنِ لهُ لتَركِهم. الخَطأُ يجوز عليهم في الأمور الدّنيويّة، أمّا الخطأ في أمور الدّينِ لا يجُوز عليهم.

أمّا الذُّنوبُ فقد بَيّنَ العلماءُ أنّ منَ الذّنوب ما لا يجُوز أن يَصدُرَ عن واحدٍ منهم، ومنها ما يجُوز أن يَصدُرَ عن الواحدِ منهم لكن يُنَبَّهُ فيَتوبُ فورًا قبلَ أن يُقتَدى به فيها. مِثلُ ذَنبِ يُونُسَ عليهِ السَّلام، كذلكَ معصيةُ ءادمَ التي ارتكبَها قبل النبوّةِ ما فيها خَساسةٌ ولا دناءةٌ، وأكلُ ءادمَ منْ تِلكَ الشّجَرة ليسَ مِن نوع السّرقَة.

سُئِلَ الشَّيخُ: هل وقَع في نسيانٍ؟

فقال الشَّيخُ: هنا النّسيانُ ليس معناه أنّهُ ذهَب عن بالِه أنّه نُهي عن ذلك، نَسِيَ أحيانًا تأتي بمعنى ترَك،نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} معناهُ ترَكَهم، ليسَ معناهُ غابُوا عن عِلمِه.

آدمُ عليهِ السَّلام لما كان في الجنَّة ما كانَ أُوحِي إليه وحيَ نُبوّةٍ لكن كانَ يُكَلَّم بواسطَة الملائكة: وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ} 22سورة الأعراف. هَذا ليسَ على طَريق وحْي النبوّةِ هذا مجرّدُ إعلام على لسانِ الملائكة. اللهُ أمَر المَلَك أن يقولَ لآدمَ وحوّاءَ يا ءادمُ ويا حوّاءُ لا تأكلا مِن هذه الشّجرةِ ولا يُغوِيَنَّكم الشّيطانُ فإنّهُ لكُما عَدُوٌّ مُبِين، أَوحَى إليهما بهذا وَحيَ إعلامٍ على لسَانِ الملَك ليسَ وَحْيَ نبُوّةٍ وتَشريعٍ، وَحْيُ النّبُوة جاءَ ءادمَ بعدَ ذلك بزمانٍ، ءادمُ عاش في الجنَّةِ مائةً وثلاثينَ عامًا ثم أُنْزِلَ وأكْمَلَ ألفًا في هذه الأرض.

  • سُئِلَ الشَّيخُ: عندما أكَل ءادمُ من هذه الشّجرة هل كانَ إبليسُ مَوجودًا؟

فقال الشَّيخُ: إبليسُ خُلِق قبلَ ءادمَ، إبليسُ كان في الجنَّة. اللهُ تعالى عَلِم أنّ إبليسَ يؤمِن ثم يَكفرُ، إبليسُ كانَ مع الملائكةِ في الجنَّة.

لما كانَ ءادمُ صَلصالًا كالفَخّار إبليسُ كانَ يَنظُر إلى صُورتِه، عرَفَ أنّه خَلقٌ لا يَتمَالَكُ([3]) دارَ حولَه وتأمّلَ فيهِ قبلَ أن يُنفَخ فيه الرّوحُ ظلّ هناك في الجنَّة حتى لَمّا أمَر الله الملائكةَ وكانَ إبليسُ بينَهم بأنْ يَسجُدوا لآدمَ فسَجدوا إلا إبليسَ أبى ثم ظَلَّ هناك حتّى أُمِروا بالهبوطِ إلى الأرض، ما خرَج في الحالِ بل ظَلّ إبليسُ في الجنّة. إبليسُ منَ الأجسام اللّطيفةِ، الأجسامُ اللّطيفةُ لا تحتاج إلى أن يحمِلَها مَلَك، أمّا ءادمُ وحَواءُ يحتَمل أن يكون مَلَكٌ ساعَدَهما في الهبوط ويحتَمل أن يكونا مكَّنهُما اللهُ تعالى من ذلك.

  • قال الشَّيخُ: لمّا قال جبريلُ للرّسول: «اختَرتَ الفِطرَة»([4]) أي الدِّين. والخمرُ الَّذي قَدّمَه جِبريلُ للرّسولِ ليسَ خمرَ الدّنيا (الذي يُسكِر). والرَّسولُ لما اختارَ اللَّبنَ قالَ لهُ جبريلُ: «لو شرِبتَ الخَمرَ لَغَوَتْ أُمَّتُك»([5]).
  • قال الشَّيخُ: الأنبياءُ أغلَبُهم فقراءُ والأولياءُ أغلبُهم فقراءُ.
  • قال الشَّيخُ: قالَ بعضُ العلماءِ إنّ إلياسَ الذي هو نَبيٌّ رسولٌ لم يمُت وأكثرُ العلماءِ على أنّهُ ماتَ ودُفِن، وهوَ مِن بَعلَبَك.
  • قال الشَّيخُ: يجبُ اعتقَادُ أنّ كُلًّا مِن الخمسِ والعِشرينَ المذكورينَ في القرءان أنبياءُ ولا يجب اعتقادُ أن كُلّا مِنهم رسُلٌ، ولا يوجَد دليلٌ على أنّ كُلا منهم رسُلٌ.
  • قال الشَّيخُ: الذي يقول عن أيّوبَ: “كانَ يتَناثَر مِن جِسمه الدّودُ” وكانَ يَرى هذا مَنْقَبَةً لأيّوبَ أي أنّه مِثالٌ في الصّبر، وما يَرى فيهِ نَقصًا([6]) لا يَكفر.
  • قال الشَّيخُ: كثيرٌ منَ المفسّرينَ أخَذُوا حِكاياتٍ عن بَعضِ الأنبياءِ وغَيرِهم بما وجَدُوه في كتُب ءاباءِ بَني إسرائيل، مؤلفاتُهم ليسَ مما أنزَلَهُ اللهُ على أنبيائِهم، فالقِصّةُ التي تُروَى عن أيّوبَ وفيها أنّ الدّودَ خرَجَ مِن أيوبَ مَأخُوذَةٌ مِن هذه المؤلَّفاتِ، نحنُ نقُول إنّ سيّدَنا أيوبَ لم يخرجْ مِنهُ الدّودُ، الذي حصَلَ لهُ أنّهُ مَرِضَ ثمانيَةَ عَشَرَ عامًا حتى جَفَاهُ القَريبُ والبَعيدُ إلا زوجَتَه ثم ردّهُ اللهُ تبَارك وتعالى كمَا كانَ بصِحّتِه.
  • سُئِلَ الشَّيخُ: هل قُتِل نَبِيٌّ في معركة؟

فقال الشَّيخُ: ما قُتِل نبيٌّ في مَعركةٍ إنّما قُتِلوا في غَيرِ المعركةِ ظُلمًا، يَحْيَى عليه السَّلامُ كانَ مَلِكٌ في زمانِه أَحَبَّ بِنتًا وتعَلّقَ بها فشرَطَت عليه أمُّها أن يَقتُل يَحْيى لأنّ يَحيى هو واقِفٌ في طَريقِه، هذا الزّواجُ يَحيى لا يَسمَحُ به، زِواجُ بنتِ الأخت أو بنتِ الأخ لا يُوافِقُ عليه يحيى، فقَال للبِنتِ اطلُبي غيرَ ذلكَ ، قالت إلّا هذا، لأنّ أُمَّها قالت :قُولي له شَرطي هذا، فأخَذُوه فذَبَحُوه في طَسْتٍ، ثم بَعضُ دَمِه طَار إلى خارج الطّسْتِ فظَلّ يَغلِي يَغلِي لا يَهْدأُ فَسَلَّطَ اللهُ علَيهم بُخْتَنَصَّرَ قتَل منهم سبعِينَ ألفًا فهَدَأَ ذلكَ الدَّمُ.

  • قال الشَّيخُ: السّفينةُ التي ثقَبَها الخَضرُ كانَت لمساكينَ وكانَ هناكَ حاكِمٌ ظَالم يَأخُذُ كُلَّ سَفينَةٍ صَالحةٍ، حتى لا يَأخُذَها هذا الحاكِمُ الظّالمُ سيّدُنا الخضِر ثقَبَها.
  • سُئِلَ الشَّيخُ: ماذا يُقالُ في الصّورة التي يَنشُرها النّصارى ويقولونَ إنها صُورةُ المسِيح؟

فقال الشَّيخُ: هذه الصّورةُ التي يُقال إنها صورةُ المسِيح هذه صُورةُ رجُلٍ كانَ جميلَ الشّكْل، دارَ واحِدٌ مُوكَّلٌ مِن قِبَلِ الملِك، مَلِكٍ مِنْ ملُوكِ الرّوم دارَ في النّاس أخَذَ رَسمًا لهذا الشّخْص الجميلِ الشّكْلِ ثم أشَاعُوا أنّ هذه هيَ صُورةُ المسِيح.

  • سُئِلَ الشَّيخُ: كَم عدَدُ الأنبياء؟

فقال الشَّيخُ: ورَدَ في صحيحِ ابنِ حِبان([7]) أنّ عدَدَ الأنبياءِ مائةُ ألفٍ وأربعةٌ وعِشرُونَ ألفًا والرُّسُل منهم ثلاثُمِائةٍ وثلاثةَ عشَر، الله تعالى ذكَر في القرءانِ خمسةً وعِشرينَ نَبيًّا منهُم([8]).

  • قال الشَّيخُ: أكثرُ الأنبياءِ كانوا مِن بني إسرائيلَ ولغَتُهم إمّا سُريانيّةٌ أو عِبْريّةٌ.
  • قال الشَّيخُ: لما قالَ سليمانُ:أَيُّكُم يَأتيني بعرشها} 38سورة النمل. أي عرشِ بِلقِيسَ بِلقيسُ كانت باليَمن وسليمانُ ببَيتَ المقدِس، مَركزُ سلَيمانَ عليه السَّلام كان فِلسطِينَ وبِلقيسُ كانت ملكةَ اليمَنِ في عصرها، ذُكِر له أنَّ لها عرْشًا أي سَريرًا طولُه ثمانونَ ذراعًا وعَرضُه أربعُونَ منَ الذّهَب ومُرصَّعٌ بالجواهر. وسليمانُ غَنيٌّ عن هذا المال، الأنبياءُ لا تَشغَلُ بالَهم زخارفُ الدّنيا إنّما ليُخَلّيَها تَرضَخُ للإسلام، بِلقيسُ كانَت تَعبدُ الشّمس، فقال عِفْريتٌ أي كبيرٌ مِن كُبَراء الشّياطينِ الكفّار، كانت الشّياطين مسَخَّرةً لسلَيمان عليه السَّلام كانت تخدِمُه فيشَغّلُها بالأمور الشّاقّةِ الكبارُ والصّغَار، فقال عِفريت أنا ءاتيكَ به قبلَ أن تقُومَ مِن مَقامِك، أي قبل أن تخرج مِن دِيوان الحُكم، المكانِ الذي كانَ يجلِس فيه سليمانُ للحُكم بينَ النّاس، ثم قال رجلٌ منَ الإنس منَ الأولياء : أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ}ﭐ 40سورة النمل. مَعناه تمُدَّ عينَك إلى نهايةِ المدَى ثمّ أنا أُحضِر لكَ هذا العرشَ مِن اليَمن إلى فِلَسطين، قبلَ أن ترُدَّ طَرْفَك، فأحضَرَه لهُ. هذا مِن أمّة سليمانَ اسمُه ءاصِفُ ابنُ بَرخِيَا.
  • قال الشَّيخُ: لم يَرِدْ أنّ سَمُوئِيلَ نبيٌّ لكن يجُوز.
  • قال الشَّيخُ: بَعضُ الوحي شَىءٌ يُفَاض على قَلبِ الرّسولِ ﷺ مِن غيرِ أن يكونَ دَخَلٌ لجبريلَ في ذلكَ، اللهُ تعالى يُفِيضُ على قلبِ الرّسول، وبعضُ الوَحْي جاءَ مِن بَعضِ الملائكة الآخَرِينَ غيرِ جِبريل.
  • قال الشَّيخُ: إدريسُ كانَ خَيّاطًا.
  • قال الشَّيخُ: موسى قتَل إنسانًا كافرًا قبلَ الإذنِ بالوَحْي ثم بَعدَ ذلك أُمِرَ بالقِتال وسيّدنا محمّد أربعَ عَشْرَة سنَة كان لا يجُوز لهُ قتالُ الكفّار ثم بعدَ ذلك نزَلَ الإذنُ بالقِتال.
  • قال الشَّيخُ: حِزْقيلُ لم يرِد في حديثٍ أنّه نَبي ولكن ذلكَ مَشهُورٌ في كتُب الفقهاء.
  • قال الشَّيخُ: قَد يَفعَل الوليُّ ما حصَلَ معجزة للنبيّ إلا ما كان مِن خصائص النبوةِ.
  • قال الشَّيخُ: جعَلَ اللهُ رَفعَ عيسى إلى السّماءِ مُعجِزةً.
  • قال الشَّيخُ: قال الله تعالى: وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} (51) سورة الشورى. هَذه الآيةُ تعني تَكلِيمَ اللهِ للبَشر، الآيةُ بيّنَت أنّ تكليمَ اللهِ للبشر بأحدِ ثلاثةِ طرُقٍ:

أوّلها ذِكرًا في الآيةِ الوَحيُ أي يُفِيضُ على قلب الرَّسول منَ البشَر افعَل كذا لا تَفعلْ كذا.

الطّريقُ الثاني مِن تَكليم الله للبشَر أن يُكَلِّمَهُم مِن وراءِ حِجابٍ أي بلا رؤية، موسَى سمع كلامَ اللهِ الأزليَّ، فأوحَى إليه بما سَمِعَه وأفهَمَه ما شاءَ مِن أمور الدِّين، هذا تَكلِيمٌ حَقيقيٌّ.

والطّريقُ الثّالث، أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ} أي يُرسِل إليهِ جبريلَ أو غيرَه منَ الملائكة.

هذه الآيةُ بيَّنت أنّ تكليمَ اللهِ لبَشرٍ بأحَد هذه الطّرُق الثّلاثِ: إمّا بالإفاضَةِ على قَلبِه، أو يَسمَعُ كلامَ اللهِ الذي لا يُشبِهُ كلامَ العالَمِين مِن دونِ رؤيةٍ تِلكَ السّاعةَ، عندَ سمَاع كلامِه لا يَرى اللهَ إنّما يَسمَعُ كَلامَه، موسَى حصَلَ لهُ ذلكَ مَرَّتين وهوَ في الأرض، سيّدُنا محمَّد حصَلَ لهُ ذلكَ ليلةَ المعراج، سَمِعَ كلامَه ثمّ رأى ذاتَ الله تعالى بقَلبِه لا بعَينِه، وقالَ بعضٌ رءاهُ بعَينِه، نحنُ لا نُبَدِّع الذينَ قالوا رأى النّبيُّ ربَّه ليلةَ المعراج بعَينَي رأسِه، لكن نحنُ نُرَجِّحُ قولَ الذينَ قالوا إنّه رءاه بفؤاده، أي جَعَلَ اللهُ لهُ أنْ يَراهُ  بِفؤادِه. والطّريقُ الثّالثُ مِن تكليم اللهِ أن يُرسِلَ رَسولًا جبريلَ أو غَيرَه مِنَ الملائكة في الغَالِب جبريلُ ، فيُوحِي هذا الْمَلَكُ إلى هذا الإنسانِ الذي هو نَبيّ ما يشَاءُ اللهُ تعالى، طُرُقُ تَكلِيم اللهِ للبَشر إحدَى هذه الثّلاث، وهذا يُقالُ لهُ تَكليمٌ منَ الله لهذا النّبيّ كُلٌّ مِنَ الطُّرُق الثّلاثِ تَكليمٌ مِن اللهِ لعَبدِهِ. أَمِيْنُ الوَحْي الذي هو أكثرُ ما يكونُ سَفِيْرًا مِنَ الله إلى الأنبياءِ هو جِبريلُ عليه السَّلام.

التّكليمُ الحقِيْقِيُّ  يُسْمِع اللهُ كلامَه الذي ليسَ ككَلام العالَمينَ نبيَّهُ، موسَى حصَلَ لهُ وسيّدُنا محمَّدٌ حصَلَ لهُ أمَّا غَيرُهما مَا حصَلَ لهُ، أمّا ما ورَدَ في حَقِّ ءادمَ وحَوّاء: وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ} (22) سورة الأعراف. فهذا ليسَ معناهُ أنّهما سمِعا كلامَ الله الذّاتِيَّ الأزليّ كمَا سمع موسى وسيّدُنا محمَّد، إنّما معنى وَنَادَاهُمَا” أعلَمَهُما بِنِدَاءِ المَلَكِ مبَلِّغًا لهما عن الله أي أمَر مَلَكًا مِنَ الملائكةِ أنْ يُنَاديَ ءادمَ وحَوّاءَ بهذا الخِطاب، يقولُ هذا المَلَك لهما يقولُ لكما ربُّكُما ألم أنهَكُما عن تِلك الشّجرةِ وأقلْ لكما إنّ الشَّيطانَ لكُما عَدُوٌّ مُبِين، ومَن قال إنّهما سمِعا كلامَ اللهِ الأزليَّ نقولُ عنهُ غَلِطَ. أمّا في الآخرة يَسمَعُ كُلُّ واحدٍ كلامَ اللهَ الذّاتيَّ، كلُّ واحدٍ مؤمنٍ وكافِر.

  • سُئِل الشَّيخُ: ليسَ كلُّ ءالِ سيّدِنا إبراهيمَ مسلِمينَ وءالِ سيّدنا محمّد مسلِمينَ، فكَيف نقول في الصلاةِ الإبراهيميّة: «اللهم صَلّ على محمدٍ وعلى ءالِ محمدٍ كمَا صَلَّيتَ على إبراهيمَ وعلى ءالِ إبراهيمَ»؟

فقال الشَّيخُ: نحنُ نعني بقَولنا: “وعلى ءالِ محمّد”ٍ المؤمنينَ الأتقياءَ مِن أُمّتِه إن كانَ مِن أقربائه وإنْ كانَ مِن غيرِ أقربائه، أمّا قَولُنا: «كمَا صَلّيتَ على إبراهيمَ وعلى ءالِ إبراهيم»، ءالُ إبراهيمَ هما ابنَاه إسماعيلُ وإسحاقُ. رسولُ الله ﷺ بعدَما نَزلت الآيةُ: صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (56) ([9])سورة الأحزاب. سئل كيف نُصَلّي عليكَ يا رسولَ الله، فقال لهم: «قُولُوا: اللّهُم صَلّ على محمّدٍ وعلى ءالِ محَمّدٍ كمَا صلَّيتَ على إبراهيمَ وعلى ءالِ إبراهيمَ» رواه البخاري ومسلم وغيرُهما([10]).

 

 

([1])  صحيح البخاري: كتاب العِلم: باب ما يُستحَبُّ للعالِم إذا سُئِلَ أيُّ النّاسِ أعلَمُ (122)، وكتاب أحاديث الأنبياء: باب حديث الخَضِر مع موسى عليهما السلام (3401)، ومُسند أحمد: مسند الأنصار: حديث عبد الله بن عباس عن أُبَيّ بن كعب (21119)، والسنن الكبرى للنَّسائي: كتاب التفسير: سورة الكهف (11245).

([2]) إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} (8).سورة يوسف. قال القاضي أحمدُ بن كامِل – تلمِيذُ الحافظِ محمد بن جريرٍ الطَّبَرِيّ – في تفسيره: “قالوا إنّه لَفِي جَورٍ مِن فِعْلِه أي ظُلْمٍ”. انظُر: تفسير الماوردي (3/10)، وتفسير العِزّ بنِ عبد السَّلام (1/296).

([3]) أي لا يَصبِر أن يبقَى على حالةٍ واحدةٍ يحتاج إلى الأكل والشربِ وغيرِ ذلك.

 قال ابن الأثير في النّهاية: لا يَتمالك أي لا يَتماسَك. قال النّوويّ في شرح مسلم: المُرادُ جِنسُ بني ءادمَ لا يَتمالَك لا يَملِك نفسَه وحَبْسها عن الشَّهواتِ، وقيل: لا يَملِك دَفْع الوَسواس عنه وقيل لا يَملِك نَفْسَه عِندَ الغضَب.اه

([4])  صحيح مسلم: كتاب الإيمان: باب الإسراء برسول الله ﷺ (168)، ومسند أبي يعلى المَوصِلي: مسند أنس بن مالك: ثابت البناني عن أنس (3499).

([5])  صحيح البخاري: كتاب أحاديث الأنبياء: باب قول الله تعالى:هل أتاك حديث موسى} (3394) و(3437)، وصحيح مسلم: كتاب الإيمان: باب الإسراء برسول الله ﷺ (168)، وصحيح ابن حبّان: كتاب الإسراء: ذكر وَصف المصطفى ﷺ موسى وعيسى وإبراهيم صلوات الله عليهم (51) و(52).

([6])  أي لا يَراه منَفّرًا للنّاس منهُ.

([7])  صحيح ابن حبّان: كتاب البِرّ والإحسان: باب ما جاء في الطاعات وثوابها (361).

([8])  ءادَمُ وإدريسُ وإبراهيمُ وإسماعيلُ وإسحاقُ وأيوبُ وإلياسُ والْيَسَعُ، ويحيى ويَعقوبُ ويُونُسُ ويُوسُفُ، وهُودٌ وهَارونُ، ومحمدٌ وموسَى، وشُعَيبٌ، وذُوالكِفْل، ونُوحٌ، وصَالحُ، وزكَريّا، وداودُ، وسُلَيمانُ وعيسَى، ولوط عليهمُ الصَّلاةُ والسَّلامُ.

([9])  إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (56)

([10])  صحيح البخاري: كتاب أحاديث الأنبياء: بابٌ (3370) و(4797)، وصحيح مسلم: كتاب الصلاة: باب الصلاة على النَّبِيّ ﷺ (405) و(406).