الثلاثاء يناير 14, 2025

الدَّرْسُ الثَّالِثَ عَشَرَ

أَبْوَابُ الْكُفْرِ وَأَنْوَاعُ الْكَافِرِينَ

 

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ﴾ [سُورَةَ مُحَمَّد/34].

الْكُفْرُ نَقِيضُ الإِيـمَانِ كَمَا أَنَّ الْظَلامَ نَقِيضُ النُّورِ وَهُوَ ثَلاثَةُ أَبْوَابٍ التَّشْبِيهُ وَالتَّكْذِيبُ وَالتَّعْطِيلُ.

   (1) كُفْرُ التَّشْبِيهِ أَىْ تَشْبِيهُ اللَّهِ بِخَلْقِهِ كَالَّذِى يَصِفُ اللَّهَ بِأَنَهُ جَالِسٌ أَوْ أَنَّ لَهُ شَكْلًا وَهَيْئَةً أَوْ يَصِفُهُ بِأَنَّ لَهُ مَكَانًا أَوْ جِهَةً.

   (2) كُفْرُ التَّكْذِيبِ أَىْ تَكْذِيبُ مَا وَرَدَ فِى الْقُرْءَانِ الْكَرِيمِ أَوْ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى وَجْهٍ ثَابِتٍ كَإِنْكَارِ بَعْثِ الأَجْسَادِ وَالأَرْوَاحِ مَعًا وَإِنْكَارِ وُجُوبِ الصَّلاةِ وَالصِّيَامِ وَالزَّكَاةِ.

   (3) كُفْرُ التَّعْطِيلِ وَهُوَ نَفْىُ وُجُودِ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ أَشَدُّ الْكُفْرِ.

وَالْكَافِرُ نَوْعَانِ إِمَّا كَافِرٌ أَصْلِىٌّ أَوْ مُرْتَدٌّ عَنِ الإِسْلامِ.

   فَالْكَافِرُ الأَصْلِىُّ هُوَ مَنْ نَشَأَ مِنْ أَبَوَيْنِ كَافِرَيْنِ عَلَى الْكُفْرِ وَبَلَغَ عَلَى الْكُفْرِ.

   أَمَّا الْمُرْتَدُّ فَهُوَ الشَّخْصُ الَّذِى كَانَ مُسْلِمًا وَوَقَعَ فِى أَحَدِ أَنْوَاعِ الرِّدَّةِ.

قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿قُلْ أَبِاللَّهِ وَءَايَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيـمَانِكُمْ﴾ [سُورَةَ التَّوْبَة].

   وَالرِّدَّةُ هِىَ الْخُرُوجُ عَنِ الإِسْلامِ فَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَحْفَظَ إِسْلامَهُ وَيَصُونَهُ عَنْ هَذِهِ الرِّدَّةِ الَّتِى تُفْسِدُهُ وَتُبْطِلُهُ وَتَقْطَعُهُ وَالعِياذُ بِاللَّهِ تَعَالَى.

   أَقْسَامُ الرِّدَّةِ: الرِّدَّةُ ثَلاثَةُ أَقْسَامٍ كَمَا قَسَّمَهَا الْعُلَمَاءُ كُفْرٌ اعْتِقَادِىٌّ وَكُفْرٌ فِعْلِىٌّ وَكُفْرٌ قَوْلِىٌّ.

  وَكلُّ قِسْمٍ مِنْ أَقْسَامِ الرِّدَّةِ يَدْخُلُ تَحْتَهُ شُعَبٌ كَثِيرَةٌ.

   (1) الْكُفْرُ الِاعْتِقَادِىُّ كَنَفْىِ وُجُودِ اللَّهِ تَعَالَى أَوِ اعْتِقَادِ أَنَّ اللَّهَ عَاجِزٌ أَوْ جَاهِلٌ أَوِ اعْتِقَادِ أَنَّ اللَّهَ جِسْمٌ أَوْ ضَوْءٌ أَوْ رُوحٌ أَوْ أَنَّهُ يَتَّصِفُ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِ الْخَلْقِ وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ تَعَالَى أَوِ اعْتِقَادِ أَنَّ شُرْبَ الْخَمْرِ حَلالٌ أَوْ أَنَّ السَّرِقَةَ حَلالٌ أَوِ اعْتِقَادِ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَفْرِضِ الصَّلَواتِ الْخَمْسَ أَوْ صِيَامَ شَهْرِ رَمَضَانَ أَوِ الزَّكَاةَ أَوِ الْحَجَّ.

   (2) الْكُفْرُ الفِعْلِىُّ كَإِلْقَاءِ الُمُصْحَفِ أَوْ أَوْرَاقِ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ عَمْدًا فِى الْقَاذُورَاتِ أَوِ السُّجُودِ لِصَنَمٍ أَوْ لِشَمْسٍ أَوْ مَخْلُوقٍ ءَاخَرَ عَلَى وَجْهِ الْعِبَادَةِ لَهُ وَكَكِتَابَةِ الآيَاتِ الْقُرْءَانِيَّةِ بِالْبَوْلِ.

   (3) الْكُفْرُ الْقَوْلِىُّ كَسَبِّ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ سَبِّ نَبِىٍّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ أَوْ مَلَكٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ أَوْ سَبِّ الإِسْلامِ أَوِ الْقُرْءَانِ أَوِ الِاسْتِهْزَاءِ بِالصَّلاةِ أَوِ الصِّيَامِ أَوِ الِاعْتِرَاضِ عَلَى اللَّهِ.

  قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ لا يَرَى بِهَا بَأْسًا يَهْوِى بِهَا فِى النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا» رَوَاهُ التِّرْمِذِىُّ، أَىْ مَسَافَةَ سَبْعِينَ عَامًا فِى النُّزُولِ وَذَلِكَ مُنْتَهَى قَعْرِ جَهَنَّمَ وَهُوَ خَاصٌّ بِالْكُفَّارِ وَهَذَا الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لا يُشْتَرَطُ فِى الْوُقُوعِ فِى الْكُفْرِ مَعْرِفَةُ الْحُكْمِ وَلا انْشِرَاحُ الصَّدْرِ وَلا اعْتِقَادُ مَعْنَى اللَّفْظِ وَلا نِيَّةُ الْكُفْرِ.

   وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَكْثَرُ خَطَايَا ابْنِ ءَادَمَ مِنْ لِسَانِهِ» رَوَاهُ الطَّبَرَانِىُّ.

   وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ كُلَّ اعْتِقَادٍ أَوْ فِعْلٍ أَوْ قَوْلٍ يَدُلُّ عَلَى اسْتِخْفَافٍ بِاللَّهِ أَوْ كُتُبِهِ أَوْ رُسُلِهِ أَوْ مَلائِكَتِهِ أَوْ شَعَائِرِهِ أَوْ مَعَالِمِ دِينِهِ أَوْ أَحْكَامِهِ أَوْ وَعْدِهِ أَوْ وَعِيدِهِ كُفْرٌ فَلْيَحْذَرِ الإِنْسَانُ مِنْ ذَلِكَ جَهْدَهُ.

   فَائِدَةٌ. قَالَ الْعُلَمَاءُ إِنْكَارُ مَا عُلِمَ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ كُفْرٌ وَمَعْنَى كَوْنِ الأَمْرِ مَعْلُومًا مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ أَنْ يَكُونَ هَذَا الأَمْرُ مَعْلُومًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ عُلَمَائِهِمْ وَعَوَامِّهِمْ لَيْسَ أَمْرًا لا يَعْرِفِهُ إِلَّا الْعُلَمَاءُ وَذَلِكَ كَوُجُوبِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَوُجُوبِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَحِلِّ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَحُرْمَةِ شُرْبِ الْخَمْرِ وَالسَّرِقَةِ فَإِنَّ هَذِهِ الأُمُورَ لا تَخْفَى عَلَى الْمُسْلِمِ مَهْمَا كَانَ جَاهِلًا.

   وَلْيُعْلَمْ أَنَّ مَنْ كَفَرَ لا يَرْجِعُ إِلَى الإِسْلامِ إِلَّا بِالنُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ بَعْدَ رُجُوعِهِ عَنِ الْكُفْرِ فَلا يَرْجِعُ الْكَافِرُ إِلَى الإِسْلامِ بِقَوْلِ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ بَلْ يَزِيدُهُ ذَلِكَ كُفْرًا وَلا تَنْفَعُهُ الشَّهَادَتَانِ مَا دَامَ عَلَى كُفْرِهِ لَمْ يَرْجِعْ عَنْهُ.

 

أَسْئِلَةٌ:

   (1) مَا الدَّلِيلُ مِنَ الْقُرْءَانِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ الْكُفْرَ لِمَنْ مَاتَ عَلَيْهِ.

   (2) مَا هُوَ الْكُفْرُ وَمَا هِىَ أَبْوَابُهُ.

   (3) مَا هُوَ كُفْرُ التَّشْبِيهِ.

   (4) مَا هُوَ كُفْرُ التَّكْذِيبِ.

   (5) مَا هُوَ كُفْرُ التَّعْطِيلِ.

   (6) كَمْ نَوْعًا الْكُفَّارُ.

   (7) مَنْ هُوَ الْكَافِرُ الأَصْلِىُّ وَمَنْ هُوَ الْمُرْتَدُّ.

   (8) اذْكُرْ ءَايَةً مِنَ الْقُرْءَانِ عَلَى ثُبُوتِ حُكْمُ الرِّدَّةِ عَلَى مَنِ اسْتَهْزَأَ بِاللَّهِ أَوْ رَسُولِهِ.

   (9) مَا هِىَ الرِّدَّةُ وَكَمْ قِسْمًا هِىَ.

   (10) اذْكُرْ بَعْضَ الأَمْثِلَةِ عَلَى الْكُفْرِ الِاعْتِقَادِىِّ.

   (11) اذْكُرْ بَعْضَ الأَمْثِلَةِ عَلَى الْكُفْرِ الْفِعْلِىِّ.

   (12) اذْكُرْ بَعْضَ الأَمْثِلَةِ عَلَى الْكُفْرِ الْقَوْلِىِّ.

   (13) اذْكُرْ حَدِيثًا عَنِ النَّبِىِّ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لا يُشْتَرَطُ فِى الْوُقُوعِ فِى الْكُفْرِ مَعْرِفَةُ الْحُكْمِ.

   (14) كَيْفَ يَرْجِعُ مَنْ كَفَرَ إِلَى الإِسْلامِ.