الأحد نوفمبر 9, 2025

الدَّرسُ السّادِسُ

أولياءُ اللهِ تعالَى، وبيانُ بعضِ أحكامِ النِّكاحِ

الحمدُ لله ربّ العالمينَ صَلَواتُ اللهِ البَرِّ الرَّحيم والملائكةِ المقَرّبينَ على سيّدِنا محمَّدٍ أشرفِ المرسَلِينَ وعلى ءالِه وصَحبِه وجميع إخوانِه الأنبياءِ والمرسلين. أمّا بَعدُ فإنّ اللهَ تَبارك وتعالى قال في كتابِه العزيز: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آَمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (64) سورة يونس. الوليُّ هو مَن اتّبَع النّبيَّ اتّباعًا كاملًا هذا يُقالُ لهُ الوليُّ إن كانَ مِن أُمّةِ محمَّد وإن كانَ مِن الأُمَم الذينَ كانُوا قبلَ سيّدِنا محمَّدٍ، مَن كانَ مؤمنًا مسلِمًا مُتّبعًا لنَبِيّه على التّمَام اتّباعًا تامًّا فهوَ وليُّ مَن كانَ ذكرًا ومَن كانَ أُنثى، الوليُّ هوَ الشّخصُ الذي اتّبَع نبِيَّهُ اتّباعًا كاملًا يؤدّي الواجباتِ ويكونُ تَعلَّم ما فرَضَ اللهُ مِن عِلم الدّين لو كانَ أُمِّيًّا لم يتعَلّم الكتابةَ لكن تعلَّمَ علمَ الدّين الضّروريَّ مِن أهلِ المعرفةِ بالمشَافهَة، الأُمِّيَّةُ لا تَمنَع الوِلايةَ كم مِن أُمّيّين كانوا أولياءَ، لأنّ شَرطَ الوِلايةِ هو الإسلامُ واتّباعُ الرَّسولِ ﷺ اتّباعًا كاملًا ،كانَ في ما مضى أولياءُ ووَلِيّاتُ مِن جملةِ وَليّاتِ النّسَاءِ مريمُ بنتُ عِمْرانَ كانَت هي مسلمةً مؤمنةً كانَ نبيُّ الله زكرِيّا هو  نشّأَها على التّقوى، على طاعةِ اللهِ تبارك وتعالى، فكانَت هي وليَّةً كانت صِدِّيقةً، صِدِّيقَةٌ معناه الوَليّةُ الكبيرةُ، أعلَى درجَةٌ في الولايةِ يُقالُ لها الصّدّيقيّةُ فمَريمُ كانَت صِدِّيقةً أي وليَّةً أي أعلَى مراتِبِ الولايةِ، وكانَ أيضًا غيرُها قَبلَها وبَعدَها، ثم في أُمَّةِ محمَّدٍ ﷺ وعلى جميع رُسُل الله وأنبياءِ الله وُجِد أولياءُ أكثرُ ممّا وُجِدَ قبلَ ذلكَ لذلكَ اللهُ تبارَك وتعالى فضَّلَ محمَّدًا وأمَّتَه، فَضَّلَ محمَّدًا على جميع الأنبياءِ وفضَّلَ أُمَّتَه على جميع الأُمَم، يومَ القيامةِ أهلُ الجنَّة يَنصَفّون مائةً وعِشرينَ صَفًّا ثَمانونَ صَفًّا مِن أُمّةِ محمَّد والأربعونَ صَفًّا ممّن قَبلَ أُمّةِ محمَّدٍ ممنْ كانوا مِن أُمَّة عيسى أو موسى ومَن قَبلَهما ومَن بَينَهما بينَ عيسى وموسى، كثِيرٌ مِنَ الأنبياءِ بعَثَهُم اللهُ تعالى، هؤلاء كانَ في أُمَمِهم أولياءُ كلُّ صَفّ مِن هذه الصّفوفِ المائةِ والعِشرين لا نَعلَم عَدَدَه، الله تعالى يَعلَمُ.

في قريةِ عُرْسال التي هي بعدَ بَعلبَكّ رجلٌ حَكَى لي عن أُمّه قال كانت أُمّي دَيّنةً كانت تكونُ أحيانًا في الكَرْم مسَاءً ذاتَ ليلةٍ وهيَ في الكَرْم سمِعَت كلَّ الأشجَار تقول: الله، الله، الله، ففزِعَت لأنّهُ شَىءٌ جَديدٌ علَيها، قبلَ ذلكَ ما كانت تَسمَع.

ثمَّ إن الوَلِيَّ له بُشْرى في الحياةِ الدّنيا وفي الآخرة، أمّا بُشرى الوَليِّ في الحياةِ الدّنيا فمِنها أن ملائكةَ الرّحمةِ يزُورونَه، يزُورونَ الأولياءَ يُسَلّمونَ علَيهم وهم يَعرِفُونَ أنّهم مِنَ الملائكة، ثم أحيانًا يأتي ملائكةُ الرّحمةِ إلى هؤلاءِ الأولياء لتَفريج الكَرْب عنهم إذا أحَدُهم كان بحَالَةِ ضِيقٍ شَديد، يَأتُونهم هؤلاء الملائكةُ فيزولُ عنهم ما كانوا يجِدونَه منَ الضّيق، كانَ عالمٌ من الأولياء في بلادِ الحبشَة يَزورُه ملائكةُ الرَّحمة، قالَ عن نَفسِه إنَّه كانَ فيما مضى يَزُوْرُنِي كُلَّ عامٍ مَلَكانِ مِن ملائكةِ الرَّحمة وفي هذا العامِ زارَني أربَعةٌ وَلَعَلَّ أجَلِي في هذا العام فكانَ كما قالَ توُفي في ذلكَ العام الذي زارَه به أربعَةٌ مِن ملائكةِ الرَّحمة، وقبلَ ذلك كانَ يزُورُه كلَّ عامٍ اثنانِ منَ الملائكةِ.

ثمّ هؤلاءِ الأولياءُ بعدَ موتِهم قِسمٌ منهم يَحفَظُ اللهُ عليهِم أجسَادَهم فلا يأكلُها التّرابُ، مَهما مضى عليه مِن الزّمانِ الطّويلِ في القَبر لا يأكلُ التّرابُ أجسَادهُم، وقسمٌ منهم وهو الأكثرُ يأكلُ التّرابُ أجسَادَهُم كغَيرِهم منَ النّاس.

هناكَ ملَكٌ مأمور بأن يَدخُلَ إلى جوفِ المرأةِ ويَشتَغلَ في رحِمِها، هذا بإذنِ الله تعالى يتَصرّف، وهذا المَلَك وظيفَتُه أن يَشتَغِلَ في الجنِينِ الذي كوّنَه اللهُ تعالى في أرحَام النّساءِ إلى أن يُنفَخ فيهِ الرّوحُ بعدَ مائةٍ وعِشرينَ يومًا، يَنفُخ فيهِ الرّوحَ بعدَ ذلكَ لا يَدخُل هذا الملَكُ الرّحِمَ لأنّ وظِيفتَه انتهت. كانَ يَدخُل لتَصويرِ هذا الجسم على الهيئةِ البشَريّة منَ العَينِ والأذُن وغيرِ ذلكَ، ثم لنَفخ الرُّوح، هذا وظيفةُ المَلَك بعدَ ذلكَ لا يَدخُل.

كذلكَ المَلَكُ لا يَدخُل في جِسمَ رجُل ولا في جِسم أنثى ليُمْرِضَه كما تَفعَلُ فُسَّاقُ الجِنّ، أحيانًا الجنّي الخبيثُ الشّيطانُ يَنخَسُ في عَينِ إنسانٍ فيَقولُ المصابُ هذا رَمَدٌ وهوَ في الحقيقةِ ليسَ رَمَدًا طبِيعيًّا، الشّياطِين لهم طريقةٌ في النَّخْس، طريقةٌ خَفِيّة، أو يَنخَسُ في جَنْبِه أو في ظَهْرِه أو في مكانٍ ءاخرَ ليُؤذيَ البشَر.

ثم مِنَ البُشْرى التي تَحصُل لأولياءِ الله تعالى أنّهم بعدَ مَوتهِم وبِلَى أجسَامِهم أي أكلِ التّرابِ لأجسَامهِم بعدَ ذلك هؤلاء الأولياءُ والوَلِيَّاتُ أرواحُهم تكونُ في الجنَّةِ تَأكُل مِن أشجَارِ الجنَّةِ لكن لا يتبَوّأون المكانَ الذي هُيئ لهم ليَدخُلوهُ في الآخِرةِ، إنّما لهم مَكانٌ يَنطَلِقُونَ فيه في الجنّةِ فيَأكلُونَ مِن أشجارِها مِن ثِمارِها، قال رسول الله ﷺ: «إنّ نَسَمَةَ المؤمِن طائرٌ يَعلُقُ مِن أشجارِ الجَنَّةِ حَتَّى يَرُدَّهُ اللهُ إِلى جَسَدِهِ يَوْمَ القِيَامَة» رواه أحمد والنسائي والطبراني.

هؤلاءِ الأولياءُ والوَليَّاتُ بَعدَما يَأكُلُ التّرابُ أجسَادَهم، أرواحُهم تَصعَدُ إلى الجنَّة فتَسرَح في الجنَّة بشَكل طائرٍ ليسَ بشَكلِ جسَدِه الذي كانَ عليه في الدّنيا.

الرّوحُ يتَشكّل بشَكل طائر فيأكلُ مِن أثمارِ الجنَّة، ثم بَعدَ البَعْثِ أي إخراجِ العبادِ مِن القبُور تَعودُ هذه الأَرْوَاحُ إلى أجسَادِها ثمَّ يَدخُلُونَ الجنَّةَ ءامِنينَ مِن غيرِ أن يحصُلَ لهم مِن أهوالِ يومِ القيامةِ شَىء، مِن غيرِ أن يُصيبَهُم شَىءٌ لا حَرُّ شَمْسِ يوم القِيَامةِ يُصيبُهم ولا غيرُ ذلك مِن أهوالِ القِيامةِ ،يَكونونَ في ظِلِّ العرش بينَما يكونُ النّاسُ يُقاسُون حرَّ الشّمسَ، وحَرُّ الشّمسِ ذلكَ اليومَ زائدٌ على حَرّها في الدُّنيا لأنّها تَدْنُو مِن رؤوسِ النّاس فيَزدادُ حَرُّها على النّاس إلا الأولياءُ والولِيَّاتُ وأُناسٌ منَ المسلمينَ يَحمِيْهُمُ الله تعالى مِن حَرِّها، ثم بعدَ ذلك يُرسَلُون إلى الجَنَّة فيَتبوَّأ كلُّ واحدٍ منهُم مَقعدَه الذي كتَبَ اللهُ لهُ، ثم وهو هناكَ يجِدُ النّعيمَ الذي هو خاصٌّ بالأولياء الذي أخفاهُ اللهُ لهم لم تَرَهُ عَينٌ ولم تَسمَع به أُذُن ولا خَطَر على قَلب بشَر، اللهُ يَجعَلُنا منهُم.

ثم إنّ مِن عِلم الدّين الذي هو فَرضٌ على الرّجال والنّساء مَن لم يتَعلّمْه في الدّنيا يَستحِقّ عذابَ اللهِ في الآخرة عِلمُ شُروطِ النّكاح وعِلمُ أحكام الطّلاق، مَن تَزوّج ولم يتَعلّم أحكامَ النّكاح ولا أحكامَ الطّلاقِ فإنّه ءاثمٌ، فقَد عَرّضَ نَفسَه لعَذابِ اللهِ في الآخِرة.

مِن أحكام النّكاح أن النّكاحَ لا يكونُ عندَ اللهِ صَحيحًا إلّا بشَاهِدَينِ ووَلِيّ الشّاهدانِ يَكُونانِ مُسلِمينِ والوليُّ كذلكَ يكونُ مُسلِمًا، معنى الوليِّ الأَبُ فإنْ لم يَكُن فجَدُّها فإن لم يكن فأخُوها فإنْ لم يَكن فابنُ أخِيها المسلمُ فإنْ لم يكن فعَمُّها فإنْ لم يكن فابنُ عَمِّها (فإنْ فُقِدَ أَوليَاءُ النّكَاح يُزَوّجُها القَاضِي فإنْ كانَ لا يُزَوّجُ إلا بمَالٍ يُحَكِّمَانِ إنسَانًا دَيّنًا عَدْلًا يَقُولانِ لهُ حَكَّمنَاكَ في زِواجِنا، وكذلكَ إنْ لم يكُونَا في بَلَدٍ فيهِ قَاضٍ مُسلِمٌ يتّفِقَانِ على تَحكِيم رَجلٍ مُسلِمٍ تَقيٍّ دَيّنٍ هوَ يَكُونُ لهما مِثلَ القَاضِي هوَ يُزَوّجُهُما بحُضُورِ شَاهِدَينِ دَيِّنَيْنِ. مَعنى التَّحكِيمِ أنّه يَصِيرُ قَاضِيًا لِقَضِيَّتِهِما هَذه، هيَ تَقُولُ والذي يُريدُ زِواجَها يَقُولُ، يَقُولانِ لمسلِمٍ دَيّنٍ: حَكّمنَاكَ في زِواجِنا، فيقولُ المحَكَّم: زَوّجتُكَ فُلانَةَ على مَهرٍ قَدرُه كَذا، ذِكْرُ المهرِ ليسَ شَرطًا في العَقدِ لا عندَ الحنَفِيّةِ ولا عندَ الشّافعِيّة، ثم ذاكَ يَقولُ قَبِلتُ زِواجَها).، أمَّا الشّاهِدانِ فالشَّرطُ فيهِما أنْ يَكُونا مُسلِمَينِ بَصِيرَينِ، الشّاهدَانِ إن كانا أعْمَيَيْن فلا يصِحُّ عقدُ النّكاح بشَهادتهِما، لأنّه إذا صارَ خِلافٌ على مَن يَشهَد؟ أمّا إن كانَ بصيرًا يكونُ رءاها عندَ العقد فإذا حصَلَ تنَاكُرٌ بَينَها وبينَ الذي تَزوّجَها يَشهَدانِ عندَ القاضي يقولانِ نَشهَدُ أنّ هذه زوجةُ فُلانٍ فالحاكمُ يُرغِمُها أنْ تَدخلَ تحتَ طاعتِه.(هَذا باعتِبَارِ أنّه كانَ لا يَعرِفُ اسمَها ونَسبَها أمّا إنْ عَرَفَ اسمَها ونَسَبَها فيَكفِي للشّهَادَةِ ولو لم يُشَاهِدْها)

(وإذَا اجتَمَع أوليَاءُ امرأَةٍ في دَرجَةٍ واحِدَةٍ كإخوَةٍ فإنْ أذِنَت لوَاحِدٍ مِنهُم بتَزويجِها ولم تَأذَن للبَقِيّةِ فَلا يُزَوّجُها غَيرُه لأنَّ الإخوةَ لَيسُوا مُجبِرينَ، أمّا إن أذِنَت لهم كلِّهم بأنْ قَالَت لهم يُزَوّجُني مَن شَاءَ مِنكُم فَهُنا إنْ كانَ الخَاطِبُ كُفءً يُسَنُّ أنْ يُزَوّجَها أَفقَهُهُم ببَابِ النّكَاح فأَورَعُهُم فأَسَنُّهُم ويُسَنُّ رِضَا البَقِيّةِ ولا يُشتَرطُ، أمّا إنْ لم يكن الخَاطِبُ كُفءً فيُشتَرطُ رِضَا البَقِيّةِ ورِضَاها، لأنَّ لهم حَقّا في الكَفَاءَةِ أمّا إنْ لم يَرضَوا بغَير الكُفءِ فَلا يَصِحُّ.) 

أمّا المرأةُ فشَرطُها أن تكونَ خَاليَةً منَ العِدّة، المرأةُ التي تكونُ في عِدَّةِ رَجُلٍ توُفّي عنها ما أنْهتِ العِدّة أو طلّقَها فما أنهَتِ العِدّةَ حرامٌ أن تتَزوج بشَخص، لا يصحّ عقدُ النّكاح عليها لأنّها في عِدَّة الغَير إنّما يصِحُّ النِّكاحُ عليها بعدَ أن تُنْهِيَ العدَّة، العِدّةُ بالنّسبةِ لمن يأتيْها الحيضُ ثَلاثةُ أطْهارٍ فإنْ طلّقَها وهيَ خَاليةٌ منَ الحَيض فعِدّتها تَنتَهِي عندما يأتي حيضٌ ثم يأتي طُهرٌ ثم ينتَهي ثم يأتي حيضٌ ثم ينتَهي ثّم يأتي طُهْر ثم ينتَهي ثلاثةُ أطهارٍ انتَهتِ العِدَّة وإن طلّقَها وهيَ حائضٌ تَنتَظر ثلاثةَ أطْهارٍ أيضًا أمّا إن كانَت ممّن لم ترَ الحيضَ بالمرّةِ فعِدّتها ثلاثةُ أشهُر قمَريّةٍ، أمّا مَن ماتَ عنها زوجُها فإن كانَت حاملًا فعِدّتُها متى ما وضَعتِ الحَملَ، انتَهَتِ العِدَّة قَلَّت المُدَّة أو كَثُرَت، أمّا إن كانت حَاملًا بغَير طريقِ الحَلال حملَت بالحرام فأُجْرِيَ علَيها عَقدٌ وهي حَاملٌ صَحَّ العقدُ لكنَّ هذا الحَملَ إنْ وضَعَتْهُ فعاشَ يجِبُ علَيهِ وعليها أن يُبيّنا أنَّه ليسَ ابنًا شرعيًّا لهذا الرّجل حتّى لا يَطلُبَ الميراثَ، أمّا الأمُّ فيَرثها وهيَ تَرثُه.

وأمّا الطّلاقُ فإن كانَ الرّجلُ مَازحًا وإن كانَ جادًّا وإن كانَ غضبانَ وإن كانَ في الحالَةِ العادِيّة متى ما قالَ الرّجلُ أنتِ طَالقٌ أو طلَّقتُك أو فَارَقتُك أو أنتِ مُفَارَقَةٌ أو سَرَّحْتُك أو أنتِ مُسَرَّحَةٌ وقَع الطَّلاقُ مِن غيرِ أن يُسأَلَ عن نِيّتِه.

أمّا طلَبُ المرأةِ الطَّلاقَ مِن زَوجِها إن كانَ هناك سَبَبٌ شرعيٌّ وهو أنَّه كانَ يؤذيْها يَضُرُّها يَضرِبُها بلا سبَبٍ شَرعيّ فطلَبتِ الطّلاقَ فلَها حَقٌّ، أمّا إذا كانَ بغَير سبَبٍ شَرعيٍّ تُريدُ أن يُطلِّقها فإنَّ ذنبَها كبيرٌ عندَ الله حتى إنّ الرَّسولَ ﷺ قال: «أَيُّمَا امرَأةٍ سَأَلَت زَوجَها الطَّلاَقَ مِن غَيْرِ مَا بأسٍ لم تَرَحْ رَائِحةَ الجنَّة» رواه أحمد والطبراني. أي لا تجِدُ رائحةَ الجنَّة. المرأةُ التي تَطلُب مِن زوجِها الطّلاقَ بلا بأس، مِن غيرِ ما بأسٍ أي مِن غيرِ عُذرٍ شَرعيٍّ فإنّها لا تَجدُ رائحةَ الجنَّةِ يومَ القِيامة.

أمّا إن كانَ الزّوجُ لا يَستطيعُ نفَقَتَها أو إسكانَها فلَها حقٌّ أن تَطلُبَ الطّلاقَ، فإنْ لم يَرضَ الزّوجُ أن يُطَلّقَها القَاضِي يَفسَخُ نِكاحَه، أو يقولُ لها افسَخِي نكاحَه تقولُ فسَختُ نِكاحَ فُلان، بعدَ ذلك إن كانَ دخَل بها تُمسِك عِدَّةً، بَعدَ العِدَّة تتَزوّجُ بمَن تشَاء، وإن لم يكنْ دَخَل بها إنّما قَبلَ الدّخول حصَل منه العَجزُ عن نفقَتِها، الآن يُفسَخُ النكاحُ ثم إن شاءَت في ذلكَ اليومِ تتَزوّجُ غيرَه.

أمّا الإنسانُ الذي يُطلّقُ امرأتَه طَلاقًا واحدًا فيستَطيعُ أن يَرتَجِعَها قبلَ أن تَنتهيَ العِدَّةُ بكلمةٍ وهيَ رجَعتُكِ إلى نِكاحِي، أو يقُولُ في غَيبَتِها رجَعتُ زَوجَتي إلى نِكاحي، كذلكَ الذي طلّق طَلْقتَين فبقِيَت لهُ طَلْقَةٌ يَرتجِعها بهذه الكلِمةِ رجَعتُ زَوجَتي إلى نكاحِي أو رجَعْتُكِ إلى نِكاحِي. أمّا الذي طلّقَ زوجَتَه بالثّلاثِ فلا تحِلّ لهُ إلا بعدَ أن تَنكِحَ زَوجًا غيرَه.

عندَ مالِك الذي تزَوّج امرأةً وطَلّقَها حتى تَستطيعَ الرّجُوع إلى الذي كانَ زوجُها وطلّقَها بالثّلاث يُقال لهُ التَّيسُ المستَعار.

إذا ارتَدّ شَخصٌ لا يُجرَى عليهِ أحكامُ الإسلام حتّى يَشهَدَ لهُ شَاهدانِ عَدلانِ بأنّهُ دخَلَ في الإسلام فإنْ شهِدَ اثنانِ منَ الفُسَّاق لا يَكفي، ولا تَحكُم الزّوجَةُ على زَوجِها بالرّدّةِ إلا إذا سمِعَتْه أو أخبرَها بذلكَ ثِقتَان عَدلان. واللهُ سُبحانَهُ وتعالَى أعلَمُ.