أمر الله موسى وهارون بدعوة فرعون وأتباعه إلى الإيمان والإسلام
لما كلم الله سبحانه وتعالى عبده ونبيه موسى عليه السلام وجعله نبيًا ورسولاً أمره أن يذهب إلى فرعون ليدعوه إلى عبادة الله وحده وتوحيده تعالى وترك الكفر والإشراك، وفطلب موسى عليه السلام من ربه أن يبعث معه أخاه هارون ليكون معه في طاعة الله ومعينًا له على تبليغ الرسالة، فاستجاب الله تعالى دعوته، يقول الله تبارك وتعالى حكاية عن موسى عليه السلام: {واجعلْ لي وزيرًا من أهلي* هارونَ أخي* اشدُدْ بهِ أزري* وأشْرِكهُ في أمري* كي نُسَبِّحَكَ كثيرًا* ونذكُركَ كثيرًا* إنَّكَ كنتَ بِنا بصيرًا* قالَ قد أوتِيتَ سُؤلكَ يا موسى} [سورة طه/٢٩-٣٦]، ويقول تعالى: {قالَ ربِّ إنِّي قتلتُ منهُم نفسًا فأخافُ أن يقتلونِ* وأخي هارونَ هُوَ أفصح مني لِسانًا فأرسلهُ معي رِدْءًا يُصَدِّقني إنِّي أخافُ أن يُكَذبونِ} [سورة القصص/٣٣-٣٤] أي اجعله معي معينًا وردءًا ووزيرًا يشدُّ ظهري ويقويني ويساعدني على أداء رسالتي إليهم فإنه أفصح مني لسانًا وأبلغ بيانًا، واستجاب الله تعالى لنبيه موسى وقال له تعالى مجيبًا له إلى سؤاله: {سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بأخيكَ ونجعلُ لكُما سُلطانًا فلا يَصِلونَ إليكُما بآياتِنا أنتُما ومَنِ اتَّبعكُما الغالبون} [سورة القصص/٣٥]، والحاصل أن الله تعالى استجاب لموسى طلبه وأخبره بأنه سيجعل معه أخاه هارون معينًا له ووزيرًا، وطمأنه بأن فرعون وجنده لن يصلوا إليه وإلى أخيه هارون بقتل ولا ينالون منهما، قال تعالى: {وإذ نادى ربُّكَ موسى أنِ ائتِ القومَ الظالمينَ* قومَ فرعونَ ألا يتَّقون* قالَ ربِّ إني أخافُ أن يُكذبونِ* ويضيقُ صدري ولا ينطلقُ لساني فأرسِل إلى هارونَ* ولهم عليَّ ذنبٌ فأخافُ أن يقتلونِ* قالَ كلا فاذهبا بآياتنا إنَّا معكم مُستمِعون} [سورة الشعراء/١٠-١٥]، وقال تعالى: {قالَ ربِّ اشرح لي صدري* ويسِّر لي أمري* واحلُل عقدةً من لساني* يفقهوا قولي} [سورة طه/٢٥-٢٨]، أي حتى يفهموا عني بسرعة، وما أصابه من بطء خفيف في كلامه لم يمنع عنه البيان.
قال المفسرون: إن فرعون كان قد وضع موسى عليه السلام وهو طفل صغير في حجره، فأخذ موسى بلحية فرعون ومدها بيده فهمّ فرعون بقتله فخافت عليه زوجته “ءاسية” وقالت لفرعون: إنه طفل لا يعقل وسأريك بيان ذلك، قدّم إليه جمرتين ولؤلؤتين فإن اجتنب الجمرتين عرفت أنه يعقل فلما وضعت الجمرتين أمام موسى عليه السلام أخذ موسى جمرة من الجمرتين ووضعها في فمه فأحرقت لسانه وصار فيه عقدة خفيفة من أثر هذه الجمرة ولكن ما تركت هذه الجمرة في لسانه أن يكون كلامه بعد ذلك مع الناس غير مفهم بل كان عليه السلام يتكلم على الصواب، وقد سأل موسى عليه السلام ربه لما نزل عليه الوحي أن يزيل هذه العقدة من لسانه فاستجاب الله له وأذهبها عنه، قال الله تعالى: حكاية عن موسى عليه السلام: {واحلُلْ عقدةً من لساني* يفقهوا قولي} [سورة طه/٢٧-٢٨].